للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ففعلوا، حتى جاءت امرأة، ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أمه، اصبري، فإنك على الحق".

وفي رواية الترمذي (١) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى العصر همس - والهمس في بعض قولهم: تحرك شفتيه، كأنه يتكلم - فقيل له: يا رسول الله، إنك إذا صليت العصر همست؟ قال: "إن نبيا من الأنبياء كان أعجب بأمته، قال: من يقوم لهؤلاء؟ فأوحى الله إليه: أن خيرهم بين أن أنتقم منهم، وبين أن أسلط عليهم عدوهم. فاختاروا النقمة، فسلط الله عليهم الموت، فمات في يوم سبعين ألفاً".

وكان إذا حدث بهذا الحديث الآخر، قال: "كان ملك من الملوك، وكان لذلك الملك كاهن يكهن له، فقال الكاهن: انظروا لي غلاماً فهما - أو قال: فطنا - لقنا فأعلمه علمي هذا، فإني أخاف أن أموت، فينقطع منكم هذا العلم، ولا يكون فيكم من يعلمه". قال: "فنظروا له على ما وصف، فأمروه أن يحضر ذلك الكاهن، وأن يختلف إليه، فجعل يختلف إليه، وكان على طريق الغلام راهب في صومعة" قال معمر [أحد رواة الحديث]: أحب أن أصحاب الصوامع كانوا يومئذ مسلمين - قال: "فجعل الغلام يسأل ذلك الراهب كلما مر به، فلم يزل حتى أخبره، فقال: إنما أعبد الله". قال: "فجعل الغلام ويمكث عند الراهب، ويبطئ عن الكاهن، فأرسل الكاهن إلى أهل الغلام: أنه لا يكاد يحضرني. فأخبر الغلام الراهب بذلك، فقال له الراهب: إذا قال لك الكاهن: أين كنت؟ فقل: عند أهلي. وإذا قال لك أهلك: أين كنت؟ فأخبرهم أنك كنت عند الكاهن". قال: "فبينما الغلام على ذلك، إذ مر بجماعة من الناس كثير، قد حبستهم دابة - فقال بعضهم: إن تلك الدابة كانت أسداً - فأخذ الغلام حجراً، فقال: اللهم إن كان ما يقول الراهب حقا فأسألك أن أقتله. ثم رمى به، فقتل الدابة، فقال الناس: من قتلها؟ فقالوا: الغان. ففزع الناس،


= (فتقاعست) التقاعس: التأخر والمشي إلى وراء.
(١) الترمذي (٥/ ٤٣٧) - ٤٨ - كتاب التفسير - ٧٧ - باب "ومن سورة البروج".
(الهمس): الكلام الخفي الذي لا يكاد يسمع.
(اللقين): الرجل الفهم الذكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>