للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقالوا: قد علم هذا الغلام علماً لم يعلمه أحد". قال: "فسمع به أعمى، فقال له: إن أنت رددت بصري، فلك كذا وكذا. قال: لا أريد منك هذا، ولكن أرأيت إن رجع إليك بصرك أتؤمن بالذي ررده عليك؟ قال: نعم". قال: "فدعا الله، فرد عليه بصره، فآمن الأعمى، فبلغ الملك أمرهم، فدعاهم، فأتي بهم، فقال: لأقتلن كل واحد منكم قتلة لا أقتل بها صاحبه. فأمر بالراهب والرجل الذي كان أعمى، فوضع المنشار على مفرق أحدهما فقتله، وقتل الآخر بقتلة أخرى، ثم أمر بالغلام، فقال: انطلقوا به إلى جبل كذا وكذا، فأبقوه من رأسه. فانطلقوا به إلى ذلك الجبل، فلما انتهوا إلى ذلك المكان الذي أرادوا أن يلقوه منه، جعلوا يتهافتون من ذلك الجبل، ويتردون، حتى لم يبق منهم إلا الغلام، ثم رجع، فأمر به الملك أن ينطلقوا به إلى البحر فيلقوه فيه، فانطلقوا به إلى البحر، فغرق الله الذين كانوا معه، وأنجاه، فقال الغلام للملك: إنك لا تقتلني حتى تصلبني وترميني، وتقول إذا رميتني: بسم الله رب هذا الغلام. قال: فأمر به فصلب، ثم رماه فقال: بسم الله رب هذا الغلام". قال: "فوضع الغلام يده على صدغه حين رمي، ثم مات، فقال الناس، لقد علم هذا الغلام علما ما علمه أحد، فإنا نؤمن برب هذا الغلام". قال: "فقيل للملك: أجزعت أن خالفك ثلاثة؟ فهذا العالم كلهم قد خالفوك". قال: "فخذ أخدودا ثم ألقى فيها الحطب والنار، ثم جمع الناس، فقال: من رجع عن دينه تركناه ومن ثم يرجع ألقيناه في النار. فجعل يلقيهم في تلك الأخدود" قال: "يقول الله تبارك وتعالى: (قتل أصحاب الأخدود، النار ذات الوقود) حتى بلغ - (العزيز الحميد) (١). قال "فأم الغالم: فإنه دفن". قال: فيذكر أنه أخرج في زمن عمر بن الخطاب وإصبعه على صدغه، كما وضعها حين قتل.

أقول: قوله: "إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر"؛ يفيد أنه في حالة قسوة الظروف وفي الأحوال الصعبة


(التهافت): الوقوع في الشيء مثل التساقط.
(١) البروج: ٤ - ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>