للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أقول: وقد روي هذا الحديث روايات متعددة، وبعض رواياته عند مسلم، وللعلماء كلام كثير في هذا الحديث: والظاهر أن هذا الرجل لم يبلغه من هدي الأنبياء على الكمال والتمام ما تقوم به حجة كاملة عليه، بل بلغه من بقايا هدي الأنبياء ما جعله يتوهم في حق الله عز وجل ما لا يصح، مع وجود أصل الإيمان بالله، فغفر الله عز وجل له توهمه بسبب من حسن نيته في الخوف من الله وبسبب من أنه لم يبلغه شرع الله عز وجل كاملاً عن طريق صحيح، والله أعلم. وبعض روايات الحديث لا تدل على التوهم، فليس فيها إشكال.

٨٧٣ - * روى أبو يعلى عن عبد الله قال: كان رجل كثير المال لما حضره الموت قال لأهله: إن فعلتم ما أمرتكم به أورثتكم مالاً كثيراً. قالوا: نعم. قال: إذا مت فاحرقوني ثم اطحنوني، فإذا كان يوم ريحٍ فارتقوا فوق قلة جبلٍ فاذروني، فإن الله إن قدر علي لم يغفر لي. ففعل ذلك به، فاجتمع في يدي الله فقال: ما حملك على ما صنعت. قال: يارب مخافتك. قال: فاذهب فقد غفرت لك. وفي رواية: كان الرجل نباشاً فغفر له خوفه.

أقول: إن قول الرجل وفعله يدلان علة جهل بالله، فلعله كان من أهل فترة عنده بقايا من دين صحيح، فعامله الله عز وجل برحمته على ما عنده من بقايا خيرٍ، وهو خوفه من الله عز وجل.

٨٧٤ - * روى البزار عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن نبي إسرائيل استخلفوا خليفة عليهم بعد موسى صلى الله عليه وسلم فقام يصلي ذات ليلة فوق بيت المقدس في القمر، فذكر أموراً كان صنعها، فخرج فتدلى بسبب، فأصبح السبب معلقاً في المسجد وقد ذهب". قال: "فانطلق حتى أتى قوماً على شط البحر، فوجدهم يضربون لبنا، فسألهم: كيف تأخذون على هذا اللبن؟ " قال: "فأخبروه فلبن


٨٧٣ - مجمع الزوائد (١٠/ ١٩٤). وقال: رواه أبو يعلى بسندين، ورجالها رجال الصحيح.
أحمد (٥/ ٣٨٣) وهو عنده عن معاوية بن خيدة. ورجاله ثقات.
(قلة جيل): أعلاه.
٨٧٤ - كشف الأستار (٤/ ٢٦٧).
والمعجم الكبير (١٠/ ٢١٦).
مجمع الزوائد (١٠/ ٢١٨). وقال: رواه البزار والطبراني في الأوسط والكبير، وإسناده حسن.
(تدلى بسبب): تدلى بحبل.=

<<  <  ج: ص:  >  >>