للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أقول:

إن بعضاً مما ورد في الحديث نراه في عصرنا عياناً. وقد رمي البيت العتيق يوم حاصر الحجاج ابن الزبير.

٩٨٣ - * روى أبو داود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كنا قعوداً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الفتن، فأكثر في ذكرها، حتى ذكر فتنة الأحلاس، فقال قائل: يا رسول الله، وما فتنة الأحلاس؟ قال: "هي هرب وحرب، ثم فتنة السراء، دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي، يزعم أنه مني، وليس مني، وإنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على جل كورك على ضلع، ثم فتنة الدهيماء، لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمةً، فإذا قيل انقضت تماذت، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، حتى يصير الناس إلى فسطاطين، فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه، أو من غده".

أقول: (الدهيماء): تصغير الدهماء، وقد أصبحت تطلق كلمة الدهماء على العامة، وبين كلمة العامة والدهماء صلة واضحة، فلم تزل كلمة سواد الناس تطلق على العامة.

الظاهر أن فتنة الدهماء هو ما نحن فيه، فإنها هي الفتنة التي لم يسلم أحد من ضربة من


٩٨٣ - أبو داود (٤/ ٩٤) كتاب الفتن، باب ذكر الفتن ودلائلها.
(الأحلاس): قال ابن الأثير في النهاية: الأحلاس: جمع جلس، وهو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب، شبهها به للزومها ودوامها. ا. هـ.
(وحرب): الحرب بفتح الراء: ذهاب المال والأهل، يقال: حرب الرجل، فهو حريب: إذا سلب أهله وماله.
(دخنها): إثارتها وهيجها، شبهها بالدخان الذي يرتفع، أي أن أصل ظهورها من هذا الرجل. وقوله "من تحت قدمي رجل" يعني: أنه يكون سبب إثارتها.
(كورك على ضلع): مثل، أي أنه لا يستقل بالملك، ولا يلائمه، كما أن الورك لا تلائم الصلع.
(فتنة الدهيماء): أراد بالدهيماء: السوداء المظلمة.
(فسطاطين): الفسطاط: الخيمة الكبيرة، وتسمى مدينة مصر: الفسطاط، والمراد به في هذا الحديث: الفرقة المجتمعة المنحازة عن الفرقة الأخرى، تشبيهاً بانفراد الخيمة عن الأخرى، أو تشبيهاً بانفراد المدينة عن الأخرى، حملاً على تسمية مصر بالفسطاط، ويروى بضم الفاء وكسرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>