للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيلقى اليهود فيقول: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: نعبد عُزيراً، فيقول: هل يسرُّكم الماء؟ فيقولون نعم، فيُريهم جهنَّم كهيئةِ السَّراب، ثم قرأ عبد الله: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} (١).

ثم يلقي النصارى فيقول: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: المسيح، فيقول: هل يسرُّكم الماء؟ فيقولون نعم، فيُريهم جهنَّم كهيئةِ السَّراب.

ثم كذلك كلُّ من كان يعبد من دون الله شيئاً، ثمَّ قرأ عبد الله: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} (٢).

ثم يتمثَّل الله تعالى للخلق حتى يبقى المسلمون فيلقاهم، فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: نعبدُ الله ولا نُشرِك به شيئاً، فينْتَهِرهم مرتين أو ثلاثاً فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: نعبدُ الله ولا نُشرِك به شيئاً، فيقول هل تعرفون ربَّكم؟ فيقولون: سبحانه إذ تعرَّف لنا عرفناه، فعند ذلك يُكْشَفً عن ساق، فلا يبقى مؤمنٌ إلا خرّ لله ساجداً ويبقى المنافقون ظُهورهم طبقٌ واحد، كأنما فيها السفافيد، فيقولون: ربَّنا! قد كنتم تُدعَون إلى السجود وأنتم سالمون.

ثمَّ يأمر الله سبحانه بالصراط، فيُضرَب على جهنَّم، فيمرُّ الناس بقدر أعمالهم زُمراً أوائلهم كلمحِ البرق، ثمَّ كمرِّ الريح، ثمَّ كمرِّ الطير، ثمَّ كأسرع البهائم، ثم كذلك حتى يمرُّ الرَّجل سعياً، حتى يمرُّ الرجل مشياً حتى يجيء آخرهم رجلٌ يتلبَّط على بطنه، فيقول، يا رب لمَ أبطأتَ بي؟ فيقول: لم أُبطِئ بك، إنَّما أبطأبك عملك!

ثم يأذن الله تعالى في الشفاعة، فيكون أوَّل شافع روح القُدُس جبريل، ثمّ إبراهيم خليل الله، ثم موسى، أو قال: عيسى، ثمَّ يقوم نبيكم رابعاً، لا يشفع أحدٌ بعده فيما يشفع فيه وهو المقام المحمود الذي وعده الله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (٣).

فليس من نفسٍ إلا وهي تنظر إلى بيتٍ في الجنَّة، وبيتٍ في النَّار، وهو يوم الحسرة!


(١) الكهف: ١٠٠.
(٢) الصافات: ٢٤.
(٣) الإسراء: ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>