للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الْجَهَالَةِ بِالشُّرُوطِ فَيُجَوِّزُهُ هَاهُنَا بِنَاءً عَلَى الْجَهَالَةِ بِالشَّرْطِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُخْبِرْ بِذَلِكَ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ بِالرَّفْعِ عَنْ أُمَّتِهِ وَكَوْنِ الدَّاعِي يَمُوتُ وَهُوَ مِنْ أُمَّتِهِ مَجْهُولٌ فَمَا طَلَبَ إلَّا مَجْهُولًا بِنَاءً عَلَى التَّقْرِيرِ الْمُتَقَدِّمِ.

قُلْت كَوْنُهُ مِنْ الْأُمَّةِ لَيْسَ شَرْطًا فِي هَذَا الرَّفْعِ وَدَلَالَةُ الْخَبَرِ عَلَى ذَلِكَ إنَّمَا هِيَ مِنْ جِهَةِ الْمَفْهُومِ وَنَحْنُ نَمْنَعُ كَوْنَ الْمَفْهُومِ حُجَّةً لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ سَلَّمْنَا أَنَّهُ حُجَّةٌ لَكِنَّهُ مَتْرُوكٌ هَاهُنَا إجْمَاعًا وَتَقْرِيرُهُ أَنْ نَقُولَ الْكُفَّارُ إمَّا أَنْ نَقُولَ إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَوْ لَا، فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُمْ لَيْسُوا مُخَاطَبِينَ بِهَا فَالرَّفْعُ حَاصِلٌ لَهُمْ فِي جَمِيعِ الْفُرُوعِ النِّسْيَانُ وَغَيْرُهُ فَبَطَلَ الْمَفْهُومُ وَاسْتَوَتْ الْخَلَائِقُ فِي الرَّفْعِ حِينَئِذٍ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ فَلَا يَكُونُ قَدْ شُرِعَ فِي حَقِّهِمْ مَا لَيْسَ سَبَبًا فِي حَقِّنَا بَلْ كُلُّ مَا هُوَ سَبَبُ الْوُجُوبِ فِي حَقِّنَا هُوَ سَبَبُ الْوُجُوبِ فِي حَقِّهِمْ، وَمَا هُوَ سَبَبُ التَّحْرِيمِ فِي حَقِّنَا هُوَ سَبَبُ التَّحْرِيمِ فِي حَقِّهِمْ، وَمَا هُوَ سَبَبُ التَّرْخِيصِ وَالْإِبَاحَةِ فِي حَقِّنَا هُوَ كَذَلِكَ فِي حَقِّهِمْ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَكُونُ خُصُوصُ الْأُمَّةِ شَرْطًا فِي الرَّفْعِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ الْكُفَّارَ فِي الْفُرُوعِ أَشَدُّ حَالًا مِنْ الْأُمَّةِ فَظَهَرَ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا فَلَيْسَ هُنَاكَ فِي النِّسْيَانِ وَالْخَطَإِ شَرْطٌ مَجْهُولٌ فَيَكُونُ الشَّارِعُ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الْجَهَالَةِ بِالشَّرْطِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُخْبِرْ بِذَلِكَ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ بِالرَّفْعِ عَنْ أُمَّتِهِ، وَكَوْنُ الدَّاعِي يَمُوتُ وَهُوَ مِنْ أُمَّتِهِ مَجْهُولٌ فَمَا طُلِبَ إلَّا مَجْهُولٌ بِنَاءً عَلَى التَّقْرِيرِ الْمُتَقَدِّمِ. قُلْت كَوْنُهُ مِنْ الْأُمَّةِ لَيْسَ شَرْطًا فِي هَذَا الرَّفْعِ وَدَلَالَةُ الْخَبَرِ عَلَى ذَلِكَ إنَّمَا هِيَ مِنْ جِهَةِ الْمَفْهُومِ وَنَحْنُ نَمْنَعُ كَوْنَ الْمَفْهُومِ حُجَّةً لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ سَلَّمْنَا أَنَّهُ حُجَّةٌ لَكِنَّهُ مَتْرُوكٌ هَاهُنَا إجْمَاعًا وَتَقْرِيرُهُ أَنْ نَقُولَ الْكُفَّارُ إمَّا أَنْ نَقُولَ إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَوْ مَا هُمْ مُخَاطَبُونَ بِهَا، فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُمْ لَيْسُوا مُخَاطَبِينَ بِهَا فَالرَّفْعُ حَاصِلٌ لَهُمْ فِي جَمِيعِ الْفُرُوعِ: النِّسْيَانِ وَغَيْرِهِ، فَبَطَلَ الْمَفْهُومُ وَاسْتَوَتْ الْخَلَائِقُ فِي الرَّفْعِ حِينَئِذٍ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِهَا فَلَا يَكُونُ قَدْ شُرِعَ فِي حَقِّهِمْ مَا لَيْسَ سَبَبًا فِي حَقِّنَا بَلْ كُلُّ مَا هُوَ سَبَبُ الْوُجُوبِ فِي حَقِّنَا هُوَ سَبَبُ الْوُجُوبِ فِي حَقِّهِمْ، وَمَا هُوَ سَبَبُ التَّحْرِيمِ فِي حَقِّنَا هُوَ سَبَبُ التَّحْرِيمِ فِي حَقِّهِمْ، وَكَذَلِكَ سَبَبُ التَّرَخُّصِ وَالْإِبَاحَةِ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَكُونُ خُصُوصُ الْأُمَّةِ شَرْطًا فِي الرَّفْعِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ الْكُفَّارَ فِي الْفُرُوعِ أَشَدُّ حَالًا مِنْ الْأُمَّةِ فَظَهَرَ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا فَلَيْسَ هُنَاكَ فِي النِّسْيَانِ وَالْخَطَإِ شَرْطٌ مَجْهُولٌ فَيَكُونُ الشَّارِعُ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

عَنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ مِنْ إكْرَامِ النَّاسِ نَوْعَانِ

(الْأَوَّلُ) مُحَرَّمٌ.

وَهُوَ مَا أَبَاحَ مُحَرَّمًا، أَوْ أَدَّى إلَى تَرْكِ وَاجِبٍ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَلِكُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ النَّاسِ لَا يَرْضَى مِنَّا إلَّا بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَعَاصِي فَلَا يَحِلُّ لَنَا أَنْ نُوَادَّهُ بِذَلِكَ؛ إذْ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ وَكَالْقِيَامِ تَعْظِيمًا لِمَنْ يُحِبُّهُ تَجَبُّرًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَلَا تَجُوزُ الْمُوَادَّةُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ تَرْكُهُ لِتَهْذِيبِ نَفْسِ الْمُتَجَبِّرِ وَتَأْدِيبِهِ

(وَالنَّوْعُ الثَّانِي) مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ بِدْعَةً مَكْرُوهَةً لَمْ يُعَارَضْ بِمُحَرَّمٍ حَتَّى يُبَاحَ فِعْلُهُ كَالْقِيَامِ تَعْظِيمًا لِمَنْ لَا يُحِبُّهُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ فِعْلَ الْجَبَابِرَةِ وَبِوَقْعِ فَسَادِ قَلْبِ الَّذِي يُقَامُ لَهُ فَافْهَمْ قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْقِيَامُ لِإِكْرَامِ النَّاسِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ نُصُوصُ الشَّرِيعَةِ أَوْ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي الْمُبَاحِ فِعْلُهُ لِتَجَدُّدِ سَبَبِهِ فَيَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ وَمُبَاحٌ فَالْوَاجِبُ هُوَ مَا أَدَّى تَرْكُهُ إلَى مُحَرَّمٍ كَالْمُقَاطَعَةِ وَالْمُدَابَرَةِ فَمِنْ هُنَا لَمَّا حَضَرْت يَوْمًا عِنْدَ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ الْعُلَمَاءِ وَأُولِي الْجِدِّ فِي الدِّينِ وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ خَاصَّةً وَعَامَةً وَالثَّبَاتِ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ بِالْمُلُوكِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ وَقَدِمَتْ إلَيْهِ فُتْيَا فِيهَا مَا تَقُولُ أَئِمَّةُ الدِّينِ - وَفَّقَهُمْ اللَّهُ - فِي الْقِيَامِ الَّذِي أَحْدَثَهُ أَهْلُ زَمَانِنَا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي السَّلَفِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا يَجُوزُ وَيَحْرُمُ كَتَبَ مَا نَصُّهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَقَاطَعُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا» وَتَرْكُ الْقِيَامِ فِي هَذَا الْوَقْتِ يُفْضِي لِلْمُقَاطَعَةِ وَالْمُدَابَرَةِ فَلَوْ قِيلَ: بِوُجُوبِهِ مَا كَانَ بَعِيدًا. اهـ.

قُلْت: وَمِنْ هَذَا الْقِيَامُ عِنْدَ ذِكْرِ مَوْلِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تِلَاوَةِ الْقِصَّةِ فَقَدْ قَالَ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ أَنَّهُ قَدْ اُشْتُهِرَ الْيَوْمَ فِي تَعْظِيمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاعْتِيدَ فِي ذَلِكَ فَعَدَمُ فِعْلِهِ يُوجِبُ عَدَمَ الِاكْتِرَاثِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَامْتِهَانَهُ فَيَكُونُ كُفْرًا مُخَالِفًا لِوُجُودِ تَعْظِيمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ.

أَيْ إنْ لَاحَظَ مَنْ لَمْ يَفْعَلْهُ تَحْقِيرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَهُوَ مَعْصِيَةٌ، وَالْمَنْدُوبُ هُوَ مَا كَانَ لِلْقَادِمِ مِنْ السَّفَرِ فَرَحًا بِقُدُومِهِ وَقَدْ «قَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ لِيُهَنِّئَهُ بِتَوْبَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَيْهِ بِحُضُورِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَيْهِ ذَلِكَ» فَكَانَ كَعْبٌ يَقُولُ: لَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ، وَقَدْ «كَانَ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَيْهِمْ - إذَا قَامَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَى بَيْتِهِ لَمْ يَزَالُوا قِيَامًا حَتَّى يَدْخُلَ بَيْتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» لِمَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ تَعْظِيمِهِ لَكِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ قَبْلَ عِلْمِهِمْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَامَ لَهُ فَلَمَّا عَلِمُوا بِذَلِكَ كَانُوا إذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لَهُ إجْلَالًا لِكَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ قُلْت: نَعَمْ خَرَّجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ أَنَّ عَائِشَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>