للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَحَقَّقْ لَهُ مَعْنَى مَا هُوَ الْحُكْمُ.

(الْفَرْقُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدًا فِي التَّحَمُّلِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدًا)

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ كُلُّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُوجِبَةِ لِلْعِلْمِ يَشْهَدُ بِهِ؛ فَلِذَلِكَ صَحَّتْ شَهَادَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِنُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلِغَيْرِهِ عَلَى أُمَمِهِمْ بِإِخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ، وَصَحَّتْ شَهَادَةُ خُزَيْمَةَ. وَلَمْ يَحْضُرْ شِرَاءَ الْفَرَسِ، وَمَدَارِكُ الْعِلْمِ أَرْبَعَةٌ الْعَقْلُ وَأَحَدُ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ وَالنَّقْلُ الْمُتَوَاتِرُ وَالِاسْتِدْلَالُ؛ فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِمَا عُلِمَ بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَشَهَادَةُ خُزَيْمَةَ كَانَتْ بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ، وَمِثْلُهُ شَهَادَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَاءَ خَمْرًا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ تَشْهَدُ أَنَّهُ شَرِبَهَا قَالَ أَشْهَدُ أَنَّهُ قَاءَهَا فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا هَذَا التَّعَمُّقُ فَلَا وَرَبِّك مَا قَاءَهَا حَتَّى شَرِبَهَا، وَمِنْهَا شَهَادَةُ الطَّبِيبِ بِقِدَمِ الْعَيْبِ وَالشَّهَادَةُ بِالتَّوَاتُرِ كَالنَّسَبِ وَوِلَايَةِ الْقَاضِي وَعَزْلِهِ وَضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ، وَالْأَصْلُ فِي الشَّهَادَةِ الْعِلْمُ وَالْيَقِينُ لِقَوْلِهِ {وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا} [يوسف: ٨١] وقَوْله تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦] وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «عَلَى مِثْلِ هَذَا فَاشْهَدْ أَيْ مِثْلَ الشَّمْسِ» فَهَذَا ضَابِطُ مَا يَجُوزُ التَّحَمُّلُ فِي الشَّهَادَةِ بِهِ، وَقَدْ يَجُوزُ بِالظَّنِّ وَالسَّمَاعِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ مَا اتَّسَعَ أَحَدٌ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ كَاتِّسَاعِ الْمَالِكِيَّةِ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ الْحَاضِرُ مِنْهَا عَلَى الْخَاطِرِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مَوْضِعًا الْأَحْبَاسُ الْمِلْكُ الْمُتَقَادِمُ، الْوَلَاءُ، النَّسَبُ، الْمَوْتُ، الْوِلَايَةُ، الْعَزْلُ، الْعَدَالَةُ، الْجُرْحَةُ، وَمَنَعَ سَحْنُونٌ ذَلِكَ فِيهِمَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا، وَذَلِكَ إذَا لَمْ يُدْرِكْ زَمَانَ الْمَجْرُوحِ وَالْمُعَدَّلِ فَإِنْ أَدْرَكَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ، الْإِسْلَام، الْكُفْرِ، الْحَمْلِ، الْوِلَادَةِ، التَّرْشِيدِ السَّفَهِ، الصَّدَقَةِ، الْهِبَةِ، الْبَيْعِ، فِي حَالَةِ الْمُتَقَادِمِ الرَّضَاعِ، النِّكَاحِ، الطَّلَاقِ، الضَّرَرِ، الْوَصِيَّةِ، إبَاقِ الْعَبْدِ الْحِرَابَةُ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ الْبُنُوَّةَ، وَالْأُخُوَّةَ، وَزَادَ الْعَبْدِيُّ فِي الْحُرِّيَّةَ الْقَسَامَةَ فَهَذِهِ مَوَاطِنُ رَأَى الْأَصْحَابُ أَنَّهَا مَوَاطِنُ ضَرُورَةٍ فَيَجُوزُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ بِالظَّنِّ الْغَالِبِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ مَا لَا

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ (الْفَرْقُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدًا فِي التَّحَمُّلِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إلَى قَوْلِهِ فَهَذَا مُدْرَكُ التَّنَازُعِ) :

قُلْت أَكْثَرُ مَا قَالَ نُقِلَ وَمَا قَالَهُ فِيهِ صَحِيحٌ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

فِي اسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ وَالدَّوَابِّ يَجْرِي عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي قِسْمَتِهَا بِالزَّمَانِ اهـ.

مُلَخَّصًا، وَفِي شَرْحِ عَبْدِ الْبَاقِي عَلَى مُخْتَصَرِ خَلِيلٍ عِنْدَ قَوْلِهِ الْقِسْمَةُ تَهَايُؤٌ كَخِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا، وَسُكْنَى دَارٍ سِنِينَ كَالْإِجَارَةِ مَا نَصُّهُ فُهِمَ مِنْ التَّشْبِيهِ أَيْ بِالْإِجَارَةِ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِتَرَاضٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ كَالْبَيْعِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ جَعْلُ الْمُصَنِّفِ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ قَسِيمًا لَهَا لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهَا بِمِلْكِ الذَّاتِ، وَالْمُهَايَأَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمِلْكِ الْمَنَافِعِ مَعَ بَقَاءِ الذَّاتِ بَيْنَهُمَا اهـ.

بِلَفْظِهِ، وَفِي الرَّهُونِيِّ وَكَنُونِ، وَقَسِيمُ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ هُوَ قِسْمَةُ الذَّوَاتِ، وَأَمَّا الْمُرَاضَاتُ وَالْقُرْعَةُ فَتَكُونَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا اهـ.

مَحَلُّ الْحَاجَةِ مِنْهُمَا بِلَفْظِهِمَا.

(فَائِدَةٌ) فِي بِدَايَةِ حَفِيدِ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا جَعَلَ الْفُقَهَاءُ السُّهْمَةَ فِي الْقِسْمَةِ تَطْيِيبًا لِنُفُوسِ الْمُتَقَاسِمِينَ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الشَّرْعِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: ١٤١] وقَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: ٤٤] وَمِنْ ذَلِكَ الْأَثَرُ الثَّابِتُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ أَنَّ «رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ ثُلُثَ ذَلِكَ الرَّقِيقِ» اهـ.

وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ]

(الْفَرْقُ السَّادِسَ عَشَرَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ مِنْ الْأَفْعَالِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ مِنْهَا)

كَتَبَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشَّاطِّ فِيمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِ الْأَصْلِ الْفَرْقُ الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ وَالْمِائَةُ إلَخْ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ قَرِيبٌ مِنْ الْفَرْقِ الْعَاشِرِ وَالْمِائَةِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا تَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ.

وَقَاعِدَةُ مَا لَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهِ أَوْ هُوَ هُوَ اهـ قُلْت، وَأَوْفَى كَلَامُهُ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ فَفِي شَرْحِ عبق عَلَى خَلِيلٍ وَالْبَنَّانِيِّ عَلَيْهِ مَا خُلَاصَتُهُ وَسَلَّمَهُ الرَّهُونِيُّ وَكَنُونِ أَنَّ قَوْلَ خَلِيلٍ فِي مُخْتَصَرِهِ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ إلَخْ أَيْ شَرْعًا، وَهُوَ مَا لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمُبَاشَرَةُ أَيْ مَا تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ، وَمَا لَا تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ لَا تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ مِنْ مُسَاوَاةِ النِّيَابَةِ لِلْوَكَالَةِ كَمَا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُمَا مِنْ جَعْلِهِمَا نِيَابَةَ الْأُمَرَاءِ وَكَالَةً لَا عَلَى أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ لِلْوَكَالَةِ بِقَوْلِهِ نِيَابَةُ ذِي حَقٍّ غَيْرِ ذِي إمْرَةٍ، وَلَا عِبَادَةٍ لِغَيْرِهِ فِيهِ غَيْرُ مَشْرُوطَةٍ بِمَوْتِهِ فَتَخْرُجُ نِيَابَةُ إمَامِ الطَّاعَةِ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا أَوْ صَاحِبَ شُرْطَةٍ، أَوْ إمَامَ الصَّلَاةِ وَالْوَصِيَّ اهـ.

قَالَ الْبُنَانِيُّ وَلَوْ أَسْقَطَ ذِي مِنْ قَوْلِهِ ذِي إمْرَةٍ، وَجَعَلَ غَيْرَ نَعْتًا لِحَقٍّ لَكَانَ تَعْرِيفُهُ شَامِلًا لِتَوْكِيلِ الْإِمَامِ فِي حَقٍّ لَهُ قِبَلَ شَخْصٍ تَأَمَّلْ اهـ.

قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ هُنَا أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ شَرْطَ النِّيَابَةِ بِمُقْتَضَى دَلَالَةِ الِاسْتِقْرَاءِ وَالِاسْتِعْمَالِ اسْتِحْقَاقُ جَاعِلِهَا فِعْلَ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>