للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَمْرُ كَمَا قَالَ بَلْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْقَضَاءِ بِهِ، وَكَذَلِكَ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يُجِيزُ الْحُكْمَ إلَّا بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَالْحُكْمُ الْوَاقِعُ بِشَهَادَةِ الصِّبْيَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِ فَإِنَّهَا مُدْرَكٌ ضَعِيفٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيَتَطَرَّقُ النَّقْضُ لِجَمِيعِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ لِأَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَ الْمُخَالِفِ بِغَيْرِ مُدْرَكٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَنَدُ فِي نَقْضِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ لَيْسَ كَوْنَهُ مُدْرَكًا مُخْتَلَفًا فِيهِ، وَأَنَّا لَا نَعْتَقِدُهُ مُدْرَكًا بَلْ مُسْتَنَدًا لِنَفْيِ التُّهْمَةِ كَمَا نَنْقُضُهُ إذَا حَكَمَ لِنَفْسِهِ فَلَا يُشَارِكُهُ فِي النَّقْضِ غَيْرُهُ مِنْ الْمَدَارِكِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَعَ أَنِّي قَدْ تَرَجَّحَ عِنْدِي فِيمَا، وَضَعْته فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَتَاوَى، وَالْأَحْكَامِ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْمُدْرَكِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ فِيهِ، وَيُعَيِّنُهُ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ الْمُدْرَكِ مَوْطِنُ اجْتِهَادٍ فَيَتَعَيَّنُ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ بِالْحُكْمِ فِيهِ كَمَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ فِي الْمَسْأَلَةِ نَفْسِهَا الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الْخَمْسَةُ هِيَ ضَابِطُ مَا يُنْتَقَضُ مِنْ قَضَاءِ الْقَاضِي، وَمَا خَرَجَ عَنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ لَا يُنْقَضُ، وَهُوَ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ تَنَاوُلُ الْوِلَايَةِ لَهُ، وَالدَّلِيلِ، وَالسَّبَبِ، وَالْحُجَّةِ، وَانْتَفَتْ فِيهِ التُّهْمَةُ، وَوَقَعَ عَلَى الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ

(الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْفَتْوَى وَقَاعِدَةِ الْحُكْمِ) :

وَيَنْبَنِي عَلَى الْفَرْقِ تَمْكِينُ غَيْرِهِ مِنْ الْحُكْمِ بِغَيْرِ مَا قَالَ فِي الْفُتْيَا فِي مَوَاضِعِ الْخِلَافِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ اعْلَمْ أَنَّ الْعِبَادَاتِ كُلَّهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ لَا يَدْخُلُهَا الْحُكْمُ أَلْبَتَّةَ بَلْ الْفُتْيَا فَقَطْ فَكُلُّ مَا وُجِدَ فِيهَا مِنْ الْإِخْبَارَاتِ فَهِيَ فُتْيَا فَقَطْ فَلَيْسَ لِحَاكِمٍ أَنْ يَحْكُمَ بِأَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ، وَلَا أَنَّ هَذَا الْمَاءَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ فَيَكُونُ نَجِسًا فَيَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِيِّ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِعْمَالُهُ بَلْ مَا يُقَالُ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فُتْيَا إنْ كَانَتْ مَذْهَبَ السَّامِعِ عَمِلَ بِهَا، وَإِلَّا فَلَهُ تَرْكُهَا، وَالْعَمَلُ بِمَذْهَبِهِ، وَيَلْحَقُ بِالْعِبَادَاتِ أَسْبَابُهَا فَإِذَا شَهِدَ بِهِلَالِ رَمَضَانَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَأَثْبَتَهُ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ، وَنَادَى فِي الْمَدِينَةِ بِالصَّوْمِ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْمَالِكِيَّ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ (الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ وَالْمِائَتَانِ قَاعِدَةُ الْفَتْوَى وَقَاعِدَةُ الْحُكْمِ إلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَهُ تَرْكُهَا، وَالْعَمَلُ بِمَذْهَبِهِ) :

قُلْت مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ قَالَ (وَيَلْحَقُ بِالْعِبَادَاتِ أَسْبَابُهَا فَإِذَا شَهِدَ بِهِلَالِ رَمَضَانَ وَاحِدٌ فَأَثْبَتَهُ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ، وَنَادَى فِي الْمَدِينَةِ بِالصَّوْمِ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْمَالِكِيَّ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

مَعَ إمْكَانِ وُجُودِ غَيْرِهِ كَالشَّمْسِ أَيْ الْكَوْكَبِ النَّهَارِيِّ الْمُضِيءِ مِنْهَا وَاحِدٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ مِنْهَا شُمُوسٌ كَثِيرَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلَى أيسا غوجي الْمَنْطِق وَحَاشِيَةِ الْعَطَّارِ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ بِإِنْصَافٍ، وَلَا تَأْخُذَ الْحَقَّ بِالرِّجَالِ بَلْ الرِّجَالَ بِالْحَقِّ كَمَا هُوَ أَدَبُ أَهْلِ الْكَمَالِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَقْبَلُهَا]

(الْفَرْقُ الْخَامِسَ عَشَرَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَقْبَلُهَا) الْقِسْمَةُ قَالَ التَّسَوُّلِيُّ عَلَى الْعَاصِمِيَّةِ تَصْيِيرُ مَشَاعٍ مَمْلُوكٍ لِمَالِكَيْنِ فَأَكْثَرَ مُعَيَّنًا بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ بَلْ وَلَوْ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ فِيهِ وَقَوْلُهُ مُعَيَّنًا مَفْعُولٌ ثَانٍ لِتَصْيِيرٍ، وَقَوْلُهُ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وَقَوْلُهُ بَلْ وَلَوْ بِاخْتِصَاصٍ إلَخْ مُبَالَغَةٌ عَلَيْهِ يَعْنِي هِيَ أَنْ يَصِيرَ الْقَاسِمُ الْمَشَاعُ الْمَمْلُوكُ لِمَالِكَيْنِ فَأَكْثَرَ مُعَيَّنًا بِاخْتِصَاصٍ فِي الرِّقَابِ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ التَّعْيِينُ بِاخْتِصَاصٍ فِي الْمَنَافِعِ فَقَطْ أَيْ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ مَعَ بَقَاءِ الْأَصْلِ مَشَاعًا كَسُكْنَى دَارٍ وَخِدْمَةِ عَبْدٍ هَذَا شَهْرًا وَهَذَا شَهْرًا. قَالَ ثُمَّ هِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ (الْأَوَّلُ) قِسْمَةُ قُرْعَةٍ بَعْدَ تَعْدِيلٍ وَتَقْوِيمٍ وَهِيَ بَيْعٌ عِنْدَ مَالِكٍ، وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ عِيَاضٍ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ، وَعَلَيْهِ عَوَّلَ خَلِيلٌ إذْ قَالَ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَهِيَ تَمْيِيزُ حَقٍّ (النَّوْعُ الثَّانِي) قِسْمَةُ مُرَاضَاةٍ بَعْدَ تَعْدِيلٍ وَتَقْوِيمٍ كَذَلِكَ، وَهِيَ بَيْعٌ عَلَى الْمَشْهُورِ (النَّوْعُ الثَّالِثُ) قِسْمَةُ مُرَاضَاةٍ مِنْ غَيْرِ تَعْدِيلٍ، وَلَا تَقْوِيمٍ، وَهِيَ بَيْعٌ بِلَا خِلَافٍ اهـ.

الْمُرَادُ بِتَصَرُّفٍ وَزِيَادَةٍ، وَفِي شَرْحِ عَبْدِ الْبَاقِي عَلَى مُخْتَصَرِ خَلِيلٍ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَمُرَاضَاةٍ فَكَالْبَيْعِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ فَكَالْبَيْعِ أَفَادَ أَمْرَيْنِ (الْأَوَّلُ) أَنَّهُ يَجُوزُ هُنَا بِالتَّرَاضِي مَا لَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ، وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ مِنْهَا مَا عَارَضَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَهُمْ إنَّهَا بَيْعٌ، وَسَلَّمَهُ فِي التَّوْضِيحِ مِنْ مَسْأَلَةِ، وَفِي قَفِيزٍ أَخَذَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَهُ، وَالْآخَرُ ثُلُثَيْهِ نَعَمْ قَالَ الرَّمَاصِيُّ إنَّ مَسْأَلَةَ الْقَفِيزِ صُبْرَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَقَدْ قَالُوا إنَّ قِسْمَةَ الصُّبْرَةِ الْوَاحِدَةِ لَيْسَتْ حَقِيقَةً لِاتِّحَادِ الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ اُنْظُرْهُ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَجُوزُ قِسْمَةُ مَا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ مَكِيلًا مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ مَعَ مَا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا مَعَ خُرُوجِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ أَصْلِهِ كَأَنْ يَقْتَسِمَا فَدَّانًا مِنْ الزَّعْفَرَانِ مُزَارَعَةً مَا فِيهِ مِنْ الزَّعْفَرَانِ فَقَدْ قُسِمَ الزَّعْفَرَانُ جُزَافًا، وَأَصْلُهُ الْوَزْنُ، وَالْأَرْضُ كَيْلًا وَأَصْلُهَا الْجُزَافُ، وَلَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا فِي الْبَيْعِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُ مَا زَادَ غَلَّتُهُ عَلَى الثُّلُثِ، وَلَمْ يُجِيزُوا بَيْعَهُ. (الْأَمْرُ الثَّانِي) أَنَّهُ يَجُوزُ بِالتَّرَاضِي مَا لَا يَجُوزُ، وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ مِنْهَا أَنَّ قِسْمَةَ التَّرَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>