للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى الْقَبُولِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الدُّيُونِ حَتَّى يَقْبَلَ أَوْ يَبْرَأَ مِنْ الدُّيُونِ إذَا أَبْرَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُ الْقَبُولِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ الْإِبْرَاءُ إسْقَاطٌ وَالْإِسْقَاطُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَإِنَّهُمَا لَا يَفْتَقِرَانِ إلَى قَبُولِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَلِذَلِكَ يَنْفُذُ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَإِنْ كَرِهَتْ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ أَوْ هُوَ تَمْلِيكٌ لِمَا فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ فَيَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ كَمَا لَوْ مَلَّكَهُ عَيْنًا بِالْهِبَةِ أَوْ غَيْرِهَا لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ وَقَبُولِهِ وَكَذَلِكَ هَا هُنَا يَتَأَكَّدُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمِنَّةَ قَدْ تَعْظُمُ فِي الْإِبْرَاءِ وَذَوُو الْمُرُوآتِ وَالْأَنَفَاتِ يَضُرُّ ذَلِكَ بِهِمْ لَا سِيَّمَا مِنْ السَّفَلَةِ فَجَعَلَ صَاحِبُ الشَّرْعِ لَهُمْ قَبُولَ ذَلِكَ أَوْ رَدَّهُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ الْحَاصِلِ مِنْ الْمِنَنِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) الْوَقْفُ هَلْ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ أَوْ لَا خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ وَبَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ الْوَاقِفُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ فِي الْمَوْقُوفِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْعِتْقِ أَوْ هُوَ تَمْلِيكٌ لِمَنَافِعِ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَيَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا أَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ لِتَعَذُّرِهِ هَذَا فِي مَنَافِعِ الْمَوْقُوفِ أَمَّا أَصْلُ مِلْكِهِ فَهَلْ يَسْقُطُ أَوْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْحَائِطِ الْمَوْقُوفِ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ نَحْوِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ إذَا كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِلْكُ الْوَاقِفِ فَيُزَكِّي عَلَى مِلْكِهِ.

وَأَمَّا الْحَائِطُ عَلَى الْمُعَيَّنِينَ فَيُشْتَرَطُ فِي حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسَاجِدِ أَنَّهَا مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ وَالْعِتْقِ لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ فِيهَا {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: ١٨] وَلِأَنَّهَا تُقَامُ فِيهَا الْجَمَاعَاتُ وَالْجُمُعَةُ، وَالْجُمُعَةُ لَا تُقَامُ فِي الْمَمْلُوكَاتِ لَا سِيَّمَا عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ فَإِنَّهَا لَا يُصَلِّيهَا أَرْبَابُ الْحَوَانِيتِ فِي حَوَانِيتِهِمْ لِأَجْلِ الْمِلْكِ وَالْحَجْرِ فَلَا يَجْرِي فِي الْمَسَاجِدِ الْقَوْلَانِ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) إذَا أَعْتَقَ أَحَدَ عَبِيدِهِ يَخْتَارُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يَعُمُّ الْعِتْقُ الْجَمِيعَ وَإِذَا طَلَّقَ أَحَدَ نِسَاؤُهُ يَعُمُّ الطَّلَاقُ النِّسْوَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يَخْتَارُ وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الطَّلَاقَ إسْقَاطٌ لِلْعِصْمَةِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْعِتْقُ قُرْبَةٌ لَا إسْقَاطٌ وَإِنْ لَزِمَهَا الْإِسْقَاطُ وَتَمَامُ هَذَا الْفَرْقِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ تَحْرِيمِ الْمُشْتَرَكِ وَثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْمُشْتَرَكِ فَلْيُطَالَعْ مِنْ هُنَاكَ وَلَا حَاجَةَ لِلْإِعَادَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرْت الْفَرْعَيْنِ هَا هُنَا لِأَجْلِ تَعَلُّقِهِمَا بِالنَّقْلِ وَالْإِسْقَاطِ فَقَطْ.

(الْفَرْقُ الثَّمَانُونَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِزَالَةِ فِي النَّجَاسَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِحَالَةِ فِيهَا) اعْلَمْ أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ فِي الشَّرِيعَةِ تَقَعُ عَلَى ثَلَاثِ أَقْسَامٍ إزَالَةٍ وَإِحَالَةٍ وَهُمَا مَعًا وَلِكُلِّ قَاعِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ خَاصِّيَّةٌ تَمْتَازُ بِهَا أَمَّا الْإِزَالَةُ فَبِالْمَاءِ فِي الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ وَالْمَكَانِ.

وَأَمَّا الْإِحَالَةُ فَفِي الْخَمْرِ تَصِيرُ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

كَانَ إذْ مُسْتَقْبَلَةً اهـ.

وَلِثَالِثِهَا وَرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ وَقِيلَ الْمَعْنَى إذْ ثَبَتَ ظُلْمُكُمْ وَقِيلَ التَّقْدِيرُ بَعْدَ إذْ ظَلَمْتُمْ وَعَلَيْهِمَا أَيْضًا فَإِذْ بَدَلٌ مِنْ الْيَوْمِ وَمَعْنَى إنْ بَعْدُ وَقَبْلُ غَيْرُ صَالِحَيْنِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُمَا عِنْدَ إضَافَتِهِمَا إلَى إذْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ مَعْنَاهُمَا وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ حَذْفُهُمَا لِدَلِيلٍ وَهُوَ هُنَا تَوَقُّفُ صِحَّةِ الْكَلَامِ عَلَى تَقْدِيرِ بَعْدَ فَهِيَ دَلَالَةٌ اقْتِضَائِيَّةٌ قَالَ وَإِذَا لَمْ تُقَدَّرْ إذْ تَعْلِيلًا أَيْ بَلْ جُعِلَتْ بَدَلًا عَلَى أَحَدِ الْأَوْجُهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ إنْ وَصِلَتُهَا تَعْلِيلًا أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ حَرْفِ التَّعْلِيلِ وَالْفَاعِلُ مُسْتَتِرٌ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِمْ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَك بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ أَوْ إلَى الْقَرِينِ وَيَشْهَدُ لَهُ قِرَاءَةُ بَعْضِهِمْ إنَّكُمْ بِالْكَسْرِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هِيَ وَصِلَتُهَا فَاعِلَ يَنْفَعُ اهـ.

بِتَوْضِيحٍ مِنْ الْأَبْيَارِيِّ هَذَا وَزَادَ الْأَصْلُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ إنْ وَإِذَا وَجْهًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنَّ إنْ لَا يُعَلَّقُ عَلَيْهَا إلَّا مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا تَقُولُ إنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَأْتِ بِخِلَافِ إذَا فَإِنَّهَا تَقْبَلُ الْمَعْلُومَ وَالْمَشْكُوكَ فِيهِ فَتَقُولُ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَأْتِ وَإِذَا دَخَلَ الْعَبْدُ الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ وَهَذَا الْوَجْهُ وَإِنْ صَرَّحَ بِهِ الْبَيَانِيُّونَ إلَّا أَنَّ ابْنَ الشَّاطِّ جَزَمَ بِأَنَّ إنْ لَا يَلْزَمُ دُخُولُهَا عَلَى الْمَشْكُوكِ بَلْ هِيَ لِمُطْلَقِ الرَّبْطِ فَقَطْ وَكَمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى بِمَا ذُكِرَ كَذَلِكَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا مِنْ جِهَةِ الصِّنَاعَةِ النَّحْوِيَّةِ بِأَنَّ إنْ حَرْفٌ وَإِذَا اسْمٌ وَظَرْفٌ وَبِأَنَّ مَا بَعْدَ إنْ يَكُونُ فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ بِهَا وَمَا بَعْدَ إذَا فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ بِهَا وَبِأَنَّ الْبِنَاءَ فِي إنْ أَصْلٌ وَفِي إذَا عَارِضٌ لِأَنَّ الْبِنَاءَ فِي الْأَسْمَاءِ عَارِضٌ وَفِي الْحُرُوفِ أَصْلٌ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْفُرُوقِ النَّحْوِيَّةِ الَّتِي لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهَا فَافْهَمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَسَائِلُ الْفُرُوعِيَّةُ يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهَا وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَسَائِلُ الْأَوَانِي وَالنِّسْيَانِ وَالْكَعْبَةِ]

(الْفَرْقُ السَّادِسُ وَالسَّبْعُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَسَائِلُ الْفُرُوعِيَّةُ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ فِيهَا مِنْ أَحَدِ الْمُجْتَهِدِينَ فِيهَا بِالْآخَرِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَسَائِلُ الْأَوَانِي وَالثِّيَابِ وَالْكَعْبَةِ وَنَحْوِهَا لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الْمُجْتَهِدِينَ فِيهَا أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْآخَرِ) قَدْ وَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِثَلَاثَةِ فُرُوقٍ الْأَوَّلُ لِابْنِ الشَّاطِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ الْفَرْقُ الصَّحِيحُ أَنَّ مَسْأَلَةَ اقْتِدَاءِ الْمَالِكِيِّ بِالشَّافِعِيِّ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَدَلَّكُ لَا يُمْكِنُ الْخَطَأُ فِيهَا عَلَى الْقَوْلِ بِتَصْوِيبِ الْمُجْتَهِدِينَ أَوْ لَا يُمْكِنُ تَعْيِينُ الْخَطَأِ فِيهَا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّصْوِيبِ وَمَسْأَلَةُ الْأَوَانِي وَنَحْوِهَا لَا بُدَّ مِنْ الْخَطَأِ فِيهَا وَيُمْكِنُ تَعْيِينُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ قُلْت وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الْمَازِرِيِّ حَكَى الْمَذْهَبُ الْإِجْمَاعَ عَلَى صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُخَالِفِ فِي الْفُرُوعِ الظَّنِّيَّةِ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ فِيمَا عُلِمَ خَطَؤُهُ كَنَقْضِ قَضَاءِ الْقَاضِي قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَفْرِقَةُ أَشْهَبَ بَيْنَ الْقُبْلَةِ وَمَسِّ الذَّكَرِ اهـ.

أَيْ حَيْثُ قَالَ عِنْدَ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ لَا يَرَى الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْقُبْلَةِ يُعِيدُ أَبَدًا.

وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>