حَالِ الْمُسْلِمِينَ وَلِذَلِكَ تَنْصَرِفُ الْعُقُودُ وَالْأَعْوَاضُ إلَى الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ الْعَيْنِ عُرْفًا؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُهَا وَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّصْرِيحِ بِهَا كَمَنْ اسْتَأْجَرَ قَدُومًا فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى النَّجْرِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ حَالِهِ دُونَ الْعِزَاقِ وَعَجْنِ الطِّينِ وَمَنْ اسْتَأْجَرَ عِمَامَةً فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الِاسْتِعْمَالِ فِي الرُّءُوسِ دُونَ الْأَوْسَاطِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ حَالِهَا وَكَذَلِكَ الْقَمِيصُ يَنْصَرِفُ إلَى اللُّبْسِ، وَكُلُّ آلَةٍ تَنْصَرِفُ إلَى ظَاهِرِ حَالِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَلَا يَحْتَاجُ الْمُتَعَاقِدَانِ إلَى التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ بَلْ يَكْفِي ظَاهِرُ الْحَالِ وَكَذَلِكَ اسْتِئْجَارُ دَوَابِّ الْحَمْلِ يَنْصَرِفُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِيهَا لِلْحَمْلِ دُونَ الرُّكُوبِ، وَعَكْسُهُ دَوَابُّ الرُّكُوبِ، وَيُكْتَفَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِظَاهِرِ حَالِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَاحْتَاجَتْ الْعِبَادَاتُ لِلنِّيَّاتِ لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْعِبَادَاتِ وَالْعَادَاتِ وَتَرَدُّدِهَا أَيْضًا بَيْنَ رُتَبِهَا الْخَاصَّةِ بِهَا كَالْفَرِيضَةِ وَالتَّطَوُّعِ وَالنُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا احْتَاجَتْ الْكِنَايَاتُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَى النِّيَّاتِ لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ تِلْكَ الْمَقَاصِدِ وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ صَرِيحِ كُلِّ بَابٍ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ لِذَلِكَ الْبَابِ بِظَاهِرِهِ وَاسْتُغْنِيَ عَنْ النِّيَّةِ بِظَاهِرِهِ فَخَرَجَتْ قَاعِدَةُ عُرُوضِ الْقِنْيَةِ وَقَاعِدَةُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ قَاعِدَةٌ حَسَنَةٌ يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا كَثِيرٌ مِنْ فُرُوعِ الشَّرِيعَةِ.
(الْفَرْقُ السَّابِعُ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْعُمَّالِ فِي الْقِرَاضِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ مَتَى سَقَطَتْ عَنْ رَبِّ الْمَالِ سَقَطَتْ عَنْ الْعَامِلِ وَقَاعِدَةِ الشُّرَكَاءِ لَا يَلْزَمُ أَنَّهُ مَتَى سَقَطَتْ عَنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ سَقَطَتْ عَنْ الْآخَرِ) بَلْ قَدْ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِاجْتِمَاعِ شَرَائِطِ الزَّكَاةِ فِي حَقِّهِ دُونَ الْآخَرِ لِاخْتِلَالِ بَعْضِ الشُّرُوطِ فِي حَقِّهِ.
وَعُمَّالُ الْقِرَاضِ لَيْسُوا كَذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِمْ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَفِي الْمَذْهَبِ أَيْضًا الْخِلَافُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ يَنْبَنِي عَلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْفَرْعُ مُخْتَصًّا بِأَصْلٍ وَاحِدٍ أُجْرِيَ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
بِمُرَجِّحٍ شَرْعِيٍّ الْعِبَادَاتُ احْتَاجَتْ لِلنِّيَّاتِ لِتَرَدُّدِهَا إمَّا بَيْنَ الْعِبَادَاتِ وَالْعَادَاتِ، وَإِمَّا بَيْنَ رُتَبِهَا الْخَاصَّةِ بِهَا كَالْفَرِيضَةِ وَالتَّطَوُّعِ وَالنُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْهَا الْكِنَايَاتُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ احْتَاجَتْ إلَى النِّيَّاتِ لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ تِلْكَ الْمَقَاصِدِ وَغَيْرِهَا فَالْقَاعِدَةُ الْمَذْكُورَةُ عَامَّةٌ حَسَنَةٌ يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا كَثِيرٌ مِنْ فُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْعُمَّالِ فِي الْقِرَاضِ وَقَاعِدَةِ الشُّرَكَاءِ]
(الْفَرْقُ السَّابِعُ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْعُمَّالِ فِي الْقِرَاضِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ مَتَى سَقَطَتْ عَنْ رَبِّ الْمَالِ سَقَطَتْ عَنْ الْعَامِلِ وَقَاعِدَةِ الشُّرَكَاءِ لَا يَلْزَمُ أَنَّهُ مَتَى سَقَطَتْ عَنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ سَقَطَتْ عَنْ الْآخَرِ)
يَنْبَنِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَاعِدَةِ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْفَرْعُ مُخْتَصًّا بِأَصْلٍ وَاحِدٍ أُجْرِيَ عَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَمَتَى دَارَ بَيْنَ أَصْلَيْنِ، أَوْ أُصُولٍ وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي تَغْلِيبِ أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ، أَوْ الْأُصُولِ عَلَى الْآخَرِ فَقَاعِدَةُ الْعُمَّالِ فِي الْقِرَاضِ لَمَّا كَانَتْ دَائِرَةً بَيْنَ أَنْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ لِرَبِّ الْمَالِ بِأَعْمَالِهِمْ، وَأَرْبَابُ الْأَمْوَالِ شُرَكَاءَ بِأَمْوَالِهِمْ وَيُعَضِّدُهُ أُمُورٌ مِنْهَا تَسَاوِي الْفَرِيقَيْنِ فِي زِيَادَةِ الرِّبْحِ وَنُقْصَانِهِ كَمَا هُوَ حَالُ الشُّرَكَاءِ وَمِنْهَا أَنَّ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْعَامِلُ لَيْسَ فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الشَّرِيكِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونُوا أُجَرَاءَ وَيُعَضِّدُهُ أُمُورٌ مِنْهَا اخْتِصَاصُ رَبِّ الْمَالِ بِضَيَاعِ الْمَالِ وَغَرَامَتِهِ فَلَا يَكُونُ عَلَى الْعَامِلِ مِنْهُ شَيْءٌ وَمِنْهَا أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ مُعَاوَضَةٌ عَلَى عَمَلِهِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْأُجَرَاءِ وَكَانَ مِنْ مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ أَنْ تُمْلَكَ بِالظُّهُورِ وَمِنْ مُقْتَضَى الْإِجَارَةِ أَنْ لَا تُمْلَكَ إلَّا بِالْقِسْمَةِ وَالْقَبْضِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَذْهَبِ، وَخَارِجَهُ فِي تَغْلِيبِ الشَّرِكَةِ فَتَكْمُلُ الشُّرُوطُ لِلزَّكَاةِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَوْ تَغْلِيبِ الْإِجَارَةِ فَيُجْعَلُ الْمَالُ وَرِبْحُهُ لِرَبِّهِ.
فَلَا يُعْتَبَرُ الْعَامِلُ أَصْلًا وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَعُبَ عَلَيْهِ إطْرَاحُ أَحَدِهِمَا بِالْكُلِّيَّةِ فَرَأَى أَنَّ الْعَمَلَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ وَجْهٍ أَوْلَى وَهِيَ الْقَاعِدَةُ الْمُقَرَّرَةُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَاعْتُبِرَ وَجْهًا مِنْ الْإِجَارَةِ وَوَجْهًا مِنْ الشَّرِكَةِ فَوَقَعَ التَّفْرِيعُ هَكَذَا مَتَى كَانَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ كُلُّ وَاحِدٍ فِيهِمَا مُخَاطَبٌ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ مُنْفَرِدًا فِيمَا يَنُوبُهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا وَمَتَى لَمْ يَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ فِيهِمَا مُخَاطَبًا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ لِكَوْنِهِمَا عَبْدَيْنِ، أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَوْ لِقُصُورِ الْمَالِ وَرِبْحِهِ عَنْ النِّصَابُ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ غَيْرُهُ سَقَطَتْ عَنْهُمَا وَمَتَى كَانَ أَحَدُهُمَا مُخَاطَبًا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ وَحْدَهُ دُونَ الْآخَرِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَتَى سَقَطَتْ عَنْ أَحَدِهِمَا إمَّا الْعَامِلِ، أَوْ رَبِّ الْمَالِ سَقَطَتْ عَنْ الْعَامِلِ فِي الرِّبْحِ أَمَّا إنْ سَقَطَتْ عَنْهُ فَتَغْلِيبًا لِحَالِ نَفْسِهِ وَتَغْلِيبًا لِحَالِ الشَّرِكَةِ وَشَائِبَتِهَا.
وَأَمَّا إنْ سَقَطَتْ عَنْ رَبِّ الْمَالِ فَتَسْقُطُ أَيْضًا عَنْ الْعَامِلِ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْإِجَارَةِ وَهُوَ كَوْنُهُ إذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَقَبَضَ أُجْرَتَهُ اسْتَأْنَفَ بِهَا الْحَوْلَ فَكَذَلِكَ هَذَا الْعَامِلُ، وَرَأَى أَشْهَبُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْتِبَارَ رَبِّ الْمَالِ فَتَجِبُ فِي حِصَّةِ الرِّبْحِ تَبَعًا لِوُجُوبِهَا فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُ يُزَكِّي مِلْكَهُ، وَأَنَّ رِبْحَ الْمَالِ مَضْمُومٌ إلَى أَصْلِهِ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ اتَّجَرَ بِدِينَارٍ فَصَارَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ نِصَابًا فَإِنَّهُ يُزَكِّي، وَيُقَدِّرُ الرِّبْحَ كَامِنًا مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ إلَى آخِرِهِ وَفِيمَا إذَا كَمَلَ بِأَوْلَادِ الْمَوَاشِي نِصَابُهَا فَمَتَى خُوطِبَ رَبُّ الْمَالِ وَجَبَتْ عَلَى