للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَمَتَى دَارَ بَيْنَ أَصْلَيْنِ، أَوْ أُصُولٍ يَقَعُ الْخِلَافُ فِيهِ لِتَغْلِيبِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بَعْضَ تِلْكَ الْأُصُولِ وَتَغْلِيبِ الْبَعْضِ الْآخَرِ أَصْلًا آخَرَ فَيَقَعُ الْخِلَافُ لِذَلِكَ وَلِذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا قُتِلَتْ هَلْ تَجِبُ فِيهَا قِيمَةُ أَمْ لَا لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْأَرِقَّاءِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا تُوطَأُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَبَيْنَ الْأَحْرَارِ لِتَحْرِيمِ بَيْعِهَا، وَإِحْرَازِهَا لِنَفْسِهَا وَمَالِهَا، وَتَرَدُّدِ إثْبَاتِ هِلَالِ رَمَضَانَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ وَكَذَلِكَ التَّرْجُمَانُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّائِبِ وَالْمُقَوِّمِ وَغَيْرِهِمْ جَرَى الْخِلَافُ فِيهِمْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِمْ الْعَدَدُ تَغْلِيبًا لِلشَّهَادَةِ، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ تَغْلِيبًا لِلرِّوَايَةِ وَكَتَرَدُّدِ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ مِنْ الْأَبْوَابِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ كَالْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ هَلْ تُرَدُّ إلَى أَصْلِهَا فَيَجِبَ قِرَاضُ الْمِثْلِ، أَوْ إلَى أَصْلِ أَصْلِهَا فَيَجِبَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَذَلِكَ الْمُسَاقَاةُ لِتَرَدُّدِ هَذِهِ الْفَاسِدَةِ بَيْنَ أَصْلِهَا وَأَصْلِ أَصْلِهَا فَإِنَّ أَصْلَ أَصْلِهَا أَصْلُهَا أَيْضًا فَلِذَلِكَ كُلُّ مَا تَوَسَّطَ غَرَرُهُ أَوْ الْجَهَالَةُ فِيهِ مِنْ الْعُقُودِ تَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِيهِ لِتَوَسُّطِهِ بَيْنَ الْغَرَرِ الْأَعْلَى فَيَبْطُلُ، أَوْ الْغَرَرِ الْأَدْنَى الْمُجْمَعِ عَلَى جَوَازِهِ وَاغْتِفَارِهِ فِي الْعُقُودِ فَيَجُوزُ وَالْمُتَوَسِّطُ أَخَذَ شَبَهًا مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَمَنْ قَرَّبَهُ مِنْ هَذَا مَنَعَ.

أَوْ مِنْ الْآخَرِ أَجَازَ وَكَذَلِكَ الْمَشَاقُّ الْمُتَوَسِّطَةُ فِي الْعِبَادَاتِ دَائِرٌ بَيْنَ أَدْنَى الْمَشَاقِّ فَلَا تُوجِبُ تَرَخُّصًا وَبَيْنَ أَعْلَاهَا فَتُوجِبُ التَّرَخُّصَ فَتَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْثِيرِهَا فِي الْإِسْقَاطِ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ التُّهَمُ فِي رَدِّ الشَّهَادَاتِ إذَا تَوَسَّطَتْ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُوجَبُ الرَّدِّ كَشَهَادَةِ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ قَادِحٍ فِي الشَّهَادَةِ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ الْآخَرِ مِنْ قَبِيلَتِهِ فَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ؛ أَيُّ التَّغْلِيبَيْنِ يُعْتَبَرُ وَذَلِكَ كَشَهَادَةِ الْأَخِ لِأَخِيهِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ تُقْبَلُ، أَوْ تُرَدُّ وَكَذَلِكَ الثُّلُثُ يَتَرَدَّدُ فِي مَسَائِلَ بَيْنَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي إلْحَاقِهِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ الْمُتَرَدِّدَاتِ بَيْنَ أَصْلَيْنِ فَأَكْثَرَ وَالْعُمَّالُ فِي الْقِرَاضِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلًا تَغْلِيبًا لِهَذَا الْأَصْلِ وَهُوَ ضَمُّ الرِّبْحِ إلَى الْأَصْلِ فِي الزَّكَاةِ وَوَقَعَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُعْتَبَرُ حَالُ الْعَامِلِ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ أَهْلًا بِالنِّصَابِ وَغَيْرِهِ زَكَّى، وَإِلَّا فَلَا تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الشَّرِكَةِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُحَصَّلُهُ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ الْعَامِلَ يُزَكِّي حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَإِنْ قَصَرَتْ عَنْ النِّصَابِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيمَا قَلَّ وَقَصُرَ عَنْ النِّصَابِ وَخِلَافًا لِقَوْلِ أَشْهَبَ إنَّ زَكَاتَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لَا عَلَى الْعَامِلِ قَالَ الْحَطَّابُ: الْعَامِلُ يُزَكِّي رِبْحَهُ وَلَوْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ زَكَاتَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ اهـ.

الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّ شُرُوطَ زَكَاةِ الْعَامِلِ حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ سَنَةً فَفِي الْمَوَّاقِ ابْنِ يُونُسَ: إنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْعَامِلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِاجْتِمَاعِ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ وَهِيَ أَنْ يَكُونَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بِلَا دَيْنٍ عَلَيْهِمَا وَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ وَحِصَّةُ رَبِّهِ مِنْ الرِّبْحِ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ وَأَنْ يَعْمَلَ الْعَامِلُ بِالْمَالِ حَوْلًا فَمَتَى سَقَطَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُزَكِّ الْعَامِلُ اهـ.

قَالَ عبق: وَبَقِيَ لِزَكَاةِ الْعَامِلِ رِبْحَهُ شَرْطٌ سَادِسٌ وَهُوَ أَنْ يَنِضَّ وَيَقْبِضَهُ قَالَ: وَاشْتِرَاطُ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فِي رَبِّ الْمَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ، وَفِي الْعَامِلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ كَاشْتِرَاطِ الْخَامِسِ.

وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الرَّابِعِ فَبِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ نَقَصَ مَنَابُ رَبِّ الْمَالِ عَنْ النِّصَابِ لَمْ يُزَكِّ الْعَامِلُ، وَإِنْ نَابَهُ نِصَابٌ فَأَكْثَرُ بَلْ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا كَالْفَائِدَةِ وَأُجْرَةِ الْأَجِيرِ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَدَفَعَهُ لِلْعَامِلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِرَبِّهِ جُزْءٌ مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ وَرَبِحَ الْمَالُ مِائَةً فَإِنَّ رَبَّهُ لَا يُزَكِّي وَكَذَا الْعَامِلُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَضُمُّ الْعَامِلُ مَا رَبِحَ إلَى مَالٍ لَهُ آخَرَ فَيُزَكِّي بِخِلَافِ رَبِّ الْمَالِ اهـ أَيْ فَيَضُمُّ فَإِذَا كَانَتْ حِصَّةُ رَبِّهِ بِرِبْحِهِ دُونَ نِصَابٍ وَعِنْدَهُ مَا لَوْ ضَمَّهُ لَهُ لَصَارَ نِصَابًا وَقَدْ حَالَ حَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُزَكِّي وَيُزَكِّي الْعَامِلُ رِبْحَهُ، وَإِنْ قَلَّ فِي هَذِهِ أَيْضًا فَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ الرَّابِعِ تَفْصِيلٌ اهـ.

الْأَمْرُ الثَّالِثُ قَالَ عبق: وَمُفَادُ نَصِّ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْعَامِلَ يُزَكِّي رِبْحَهُ مُطْلَقًا لِعَامٍ وَاحِدٍ عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ وَلَوْ مُدِيرًا أَقَامَ بِيَدِهِ أَعْوَامًا وَهُوَ مُدِيرٌ، وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَامِلَ زَكَاةُ حِصَّتِهِ كُلَّ عَامٍ إذَا كَانَ هُوَ وَرَبُّ الْمَالِ مُدِيرَيْنِ لَكِنْ إنَّمَا يُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ اهـ قَالَ الْبُنَانِيُّ وَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ رُشْدٍ اهـ وَسَلَّمَهُ الرَّهُونِيُّ وَكَنُونٌ.

الْأَمْرُ الرَّابِعُ: قَالَ الْمَوَّاقُ ابْنُ يُونُسَ: وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا اسْتِحْسَانٌ رَآهُ - أَيْ الْعَامِلَ - مَرَّةً أَنَّ لَهُ حُكْمَ الشَّرِيكِ فِي وُجُوهٍ يَضْمَنُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ عَتَقَ وَرَآهُ مَرَّةً أَنَّهُ لَيْسَ كَالشَّرِيكِ إذْ لَيْسَ فِي أَصْلِ الْمَالِ شِرْكٌ، وَإِنْ رَبِحَ الْمَالُ مِنْهُ وَحَوْلُهُ حَوْلُ أَصْلِهِ فَلَمَّا تَرَجَّحَ ذَلِكَ عِنْدَهُ تَوَسَّطَ أَمْرُهُ اهـ.

فَمِنْ هُنَا بَحَثَ النَّاصِرُ فِي قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَشْهُورُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ وَمُقَابِلُهُ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ اهـ بِأَنَّ كَوْنَهُ أَجِيرًا يَقْتَضِي اسْتِقْبَالَهُ لَا زَكَاتَهُ، وَكَوْنَهُ شَرِيكًا يَقْتَضِي سُقُوطَ الزَّكَاةِ أَصْلًا عَنْهُ وَعَنْ رَبِّ الْمَالِ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ إذْ لَا زَكَاةَ عَلَى شَرِيكٍ حَتَّى تَبْلُغَ حِصَّتُهُ نِصَابًا اهـ.

نَعَمْ قَالَ الْبُنَانِيُّ: الَّذِي عَنَاهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ أَصْلَ الزَّكَاةِ فِي رِبْحِ الْعَامِلِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قِلَّتِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ، وَوُجُوبَهَا فِي الْقَابِلِ - أَيْ بَعْدَ اسْتِقْبَالِ عَامٍ - مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهَا عَلَى الْعَامِلِ مَبْنِيٌّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>