للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ بَيْنَ الْبَيِّنَاتِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ]

الْفَرْقُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ بَيْنَ الْبَيِّنَاتِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ)

قُلْت يَقَعُ التَّرْجِيحُ بِأَحَدِ ثَمَانِيَةِ أَشْيَاءَ وَقَعَ فِي الْجَوَاهِرِ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ فَقَالَ يَقَعُ التَّرْجِيحُ بِزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ وَقُوَّةِ الْحُجَّةِ كَالشَّاهِدَيْنِ يُقَدَّمَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَالْيَدِ عِنْدَ التَّعَادُلِ وَزِيَادَةِ التَّارِيخِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ وَتَرَجُّحُ الْبَيِّنَةِ الْمُفَصَّلَةِ عَلَى الْمُجْمَلَةِ وَالنَّظَرُ فِي التَّفْصِيلِ وَالْإِجْمَالِ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّظَرِ فِي الْأَعْدَلِيَّةِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي التَّفْصِيلِ وَالْإِجْمَالِ نَظَرَ فِي الْأَعْدَلِيَّةِ، وَمِنْهَا شَهَادَةُ إحْدَاهُمَا بِحَوْزِ الصَّدَقَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَشَهِدَتْ الْأُخْرَى بِرُؤْيَتِهِ يَخْدُمُهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ عَدَمِ الْحَوْزِ إذْ لَمْ تَتَعَرَّضْ الْأُخْرَى لِرَدِّ هَذَا الْقَوْلِ السَّادِسِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إنْ اخْتَصَّتْ أَحَدُهُمَا بِمَزِيدِ الِاطِّلَاعِ كَشَهَادَةِ إحْدَاهُمَا بِحَوْزِ الرَّهْنِ، وَالْأُخْرَى بِعَدَمِ الْحَوْزِ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ لِلْحَوْزِ، وَهِيَ زِيَادَةُ اطِّلَاعٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَقْضِي بِهِ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ. السَّابِعُ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ، وَالْغَالِبُ وَمِنْهُ شَهَادَةُ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ أَوْصَى، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَشَهِدْت الْأُخْرَى أَنَّهُ أَوْصَى، وَهُوَ مَرِيضٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ إذَا شَهِدَتْ بِأَنَّهُ زَنَى عَاقِلًا، وَشَهِدَتْ الْأُخْرَى بِأَنَّهُ كَانَ مَجْنُونًا إنْ كَانَ الْقِيَامُ عَلَيْهِ، وَهُوَ عَاقِلٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْعَقْلِ، وَإِنْ كَانَ الْقِيَامُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَجْنُونٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْجُنُونِ، وَهُوَ تَرْجِيحٌ بِشَهَادَةِ الْحَالِ وَهُوَ الثَّامِنُ.

وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الرُّؤْيَةِ لَا وَقْتُ الْقِيَامِ فَلَمْ يُعْتَبَرُ ظَاهِرًا لِحَالٍ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ إذَا شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِالْقَتْلِ أَوْ السَّرِقَةِ أَوْ بِالزِّنَا، وَشَهِدَتْ الْأُخْرَى أَنَّهُ كَانَ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ أَنَّهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْقَتْلِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ زِيَادَةً، وَلَا يَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ قَالَ سَحْنُونٌ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الْجَمْعُ الْعَظِيمُ كَالْحَجِيجِ وَنَحْوِهِمْ أَنَّهُ وَقَفَ بِهِمْ أَوْ صَلَّى بِهِمْ الْعِيدَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَا يُحَدُّ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُ بِخِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ فَهَذِهِ الثَّمَانِيَةُ الْأَوْجُهِ هِيَ ضَابِطُ قَاعِدَةِ تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ، وَمَا خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ لَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ، وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِي هَذِهِ التَّرْجِيحَاتِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَعِنْدَنَا يُقَدَّمُ صَاحِبُ الْيَدِ عِنْدَ التَّسَاوِي أَوْ هُوَ مَعَ الْبَيِّنَةِ الْأَعْدَلِ كَانَتْ الدَّعْوَةُ أَوْ الشَّهَادَةُ بِمُطْلَقِ الْمِلْكِ أَوْ مُضَافًا إلَى سَبَبٍ نَحْوَ هُوَ مِلْكِي نَسَجَتْهُ أَوْ وَلَدَتْهُ الدَّابَّةُ عِنْدِي فِي مِلْكِي كَانَ السَّبَبُ الْمُضَافُ إلَيْهِ الْمِلْكُ يَتَكَرَّرُ كَنَسْجِ الْخَزِّ وَغَرْسِ النَّخْلِ أَمْ لَا.

وَقَالَهُ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْمُنَافِسَةِ فِي الْمُزَايَدَةِ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ الَّتِي لَا تَصْلُحُ إلَّا لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ. (الثَّالِثُ) أَنَّ الْقِيَاسَ عَلَى أُذُنِ الْأَمِيرِ وَأَنْفِ الْقَاضِي بَاطِلٌ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي بَابِ الدِّمَاءِ مَزَايَا الْأَمْوَالِ لَا مَزَايَا الرِّجَالِ فَإِنَّ دِيَةَ أَشْجَعِ النَّاسِ وَأَعْلَمِهِمْ كَدِيَةِ أَجْبَنِ النَّاسِ وَأَجْهَلِهِمْ فَأَيْنَ أَحَدُ الْبَابَيْنِ مِنْ الْآخَرِ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَالنَّقْصُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: (الْأَوَّلُ) مَا تَذْهَبُ بِهِ الْعَيْنُ بِالْكُلِّيَّةِ فَيُوجِبُ طَلَبَ الْقِيمَةِ اتِّفَاقًا. (وَالثَّانِي) مَا لَا يُبْطِلُ الْمَقْصُودَ فَلَا تَلْزَمُ بِهِ الْقِيمَةُ اتِّفَاقًا. (وَالثَّالِثُ) مَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ فِي مَذْهَبِنَا إنَّ التَّعَدِّيَ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ يَسِيرٌ لَا يُبْطِلُ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ بِهِ، وَيَسِيرٌ يُبْطِلُهُ، وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ لَا يُبْطِلُ الْمَقْصُودَ، وَكَثِيرٌ يُبْطِلُهُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مُتَقَابِلَةٍ

(أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ) وَهُوَ الْيَسِيرُ الَّذِي لَا يُبْطِلُ الْمَقْصُودَ فَلَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ، وَكَذَلِكَ الْكَثِيرُ الَّذِي لَا يُبْطِلُ الْمَقْصُودَ، وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ، وَأَمَّا الْقِسْمُ (الرَّابِعُ) وَهُوَ الْكَثِيرُ الَّذِي يُبْطِلُ الْمَقْصُودَ فَيُخَيَّرُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ لَوْ أَرَادَ بِهِ أَخْذَهُ، وَمَا نَقَصَهُ فَذَلِكَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَنْ يَضْمَنَهُ فَامْتَنَعَ فَذَلِكَ رِضًى بِنَقْصِهِ (وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي) وَهُوَ الْيَسِيرُ الَّذِي يُبْطِلُ الْمَقْصُودَ فَقَاعِدَةُ مَالِكٍ تَقْتَضِي تَضْمِينَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي ذَنَبِ بَغْلَةِ الْقَاضِي قَالَ وَتَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْمَرْكُوبَاتُ وَالْمَلْبُوسَاتُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَضْمَنُهُ بِذَلِكَ، وَفَرَّقَ ابْنُ حَبِيبٍ بَيْنَ الذَّنَبِ فَيَضْمَنُ وَبَيْنَ الْأُذُنِ فَلَا يَضْمَنُ لِاخْتِلَافِ الشَّيْنِ فِيهِمَا، وَاتَّفَقُوا فِي حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ عَلَى عَدَمِ التَّضْمِينِ لِأَنَّهَا رَغَبَاتُ النَّاسِ فَالنَّقْصُ فِي رَغَبَاتِ النَّاسِ لَا فِي الْمَغْصُوبِ هَذَا تَهْذِيبُ مَا فِي الْأَصْلِ، وَسَلَّمَهُ أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ الشَّاطِّ، وَفِي بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ لِحَفِيدِ ابْنِ رُشْدٍ، وَالنُّقْصَانُ الطَّارِئُ عَلَى الْمَغْصُوبِ إمَّا مِنْ قِبَلِ الْمَخْلُوقِ، وَإِمَّا مِنْ قِبَلِ الْخَالِقِ كَأَنْ يَكُونَ بِأَمْرٍ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الثَّانِي إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ نَاقِصًا أَوْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ، وَقِيلَ إنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَيَضْمَنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْعَيْبِ.

وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِجِنَايَةِ الْغَاصِبِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَالْمَغْصُوبُ فِي الْأَوَّلِ مُخَيَّرٌ فِي الْمَذْهَبِ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ يَأْخُذَهُ، وَمَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ يَوْمَ الْجِنَايَةَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعِنْدَ سَحْنُونٍ مَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ، وَذَهَبَ أَشْهَبُ إلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ أَوْ يَأْخُذَهُ نَاقِصًا، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْجِنَايَةِ كَاَلَّذِي يُصَابُ بِأَمْرٍ مِنْ السَّمَاءِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَسَبَبٍ إلَّا فِي اخْتِلَافِ الْخِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>