للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قُلْت الْحُكْمُ عَلَى الشَّيْءِ بِالرَّدِّ وَالْقَبُولِ فَرْعٌ عَنْ كَوْنِهِ مَعْقُولًا وَمَعْنَى الذِّمَّةِ تَعَبُّدٌ غَيْرُ مَعْقُولٍ فَكَيْفَ يُقْضَى عَلَيْهَا بِالْعُمُومِ أَوْ الْخُصُوصِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْحَقِيقَتَيْنِ وَإِلَّا فَلَا يَتَحَصَّلُ مِنْ هَذِهِ الْعُمُومَاتِ وَالْخُصُوصَاتِ مَقْصُودٌ قُلْت الْعِبَارَةُ الْكَاشِفَةُ عَنْ الذِّمَّةِ أَنَّهَا مَعْنًى

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ (فَإِنْ قُلْت الْحُكْمُ عَلَى الشَّيْءِ بِالرَّدِّ وَالْقَبُولِ فَرْعٌ عَنْ كَوْنِهِ مَعْقُولًا وَمَعْنَى الذِّمَّةِ غَيْرُ تَعَبُّدٍ مَعْقُولٌ إلَى قَوْلِهِ فَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الذِّمَّةِ وَبَسَطَهَا وَالْعِبَارَةُ الْكَاشِفَةُ عَنْهَا وَالسَّبَبُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي يُقَدِّرُ الشَّرْعُ عِنْدَهُ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ الذِّمَّةُ) قُلْت الْأَوْلَى عِنْدِي أَنْ يُقَالَ إنَّ الذِّمَّةَ قَبُولُ الْإِنْسَانِ شَرْعًا لِلُزُومِ الْحُقُوقِ دُونَ الْتِزَامِهَا وَعَلَى هَذَا تَكُونُ لِلصَّبِيِّ ذِمَّةٌ أَوْ يُقَالُ قَبُولِي الْإِنْسَانِ شَرْعًا لِلُزُومِ الْحُقُوقِ وَالْتِزَامِهَا فَعَلَى هَذَا لَا تَكُونُ لِلصَّبِيِّ ذِمَّةٌ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

السِّتْرِ وَمَا تَقَدَّمَ مَعَهُ هُوَ سَبَبُ اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مِنْ قَاعِدَةِ جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَجَعْلِهَا عَلَى خِلَافِ قَاعِدَةِ الْإِلْحَاقِ بِالْغَالِبِ دُونَ النَّادِرِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْعَدَدِ وَقَاعِدَةِ الِاسْتِبْرَاءِ]

(الْفَرْقُ السَّادِسُ وَالسَّبْعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْعِدَدِ وَقَاعِدَةِ الِاسْتِبْرَاءِ)

مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعِدَّةَ تَجِبُ وَإِنْ عُلِمَتْ الْبَرَاءَةُ لِلرَّحِمِ كَبِنْتِ الْمَهْدِ يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَكَمَنْ طَلَّقَهَا أَوْ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا الْغَائِبُ عَنْهَا بَعْدَ عَشَرِ سِنِينَ وَالِاسْتِبْرَاءُ لَا يَجِبُ حَيْثُ عُلِمَتْ الْبَرَاءَةُ لِلرَّحِمِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجْرِي الِاسْتِبْرَاءُ قَبْلَ الْبَيْعِ إلَّا فِيمَنْ كَانَتْ تَحْتَ يَدِهِ لِلِاسْتِبْرَاءِ أَوْ وَدِيعَةً وَسَيِّدُهَا لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ امْرَأَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ وَسَكَنِهِ أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ سَيِّدِهَا عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ الْغَيْبَةِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ إلَيْهِ أَوْ أَخْرَجَتْ حَائِضًا أَوْ الشَّرِيكَ يَشْتَرِي مِنْ شَرِيكِهِ وَهِيَ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كُلُّ مَنْ أُمِنَ عَلَيْهَا الْحَمْلُ فَلَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا، وَمَنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حَمْلُهَا أَوْ شُكَّ فِيهَا اسْتَبْرَأَتْ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ بَرَاءَتُهَا مَعَ جَوَازِ الْحَمْلِ فَقَوْلَانِ كَالصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ تُسْتَبْرَآنِ لِسُوءِ الظَّنِّ وَالْوَحْشِ مِنْ الرَّقِيقِ، وَمَنْ بَاعَهَا مَجْبُوبٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا وَالْمَشْهُورُ إيجَابُهُ وَأَشْهَبُ يَنْفِيهِ وَيَجُوزُ اتِّفَاقُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى اسْتِبْرَاءٍ وَاحِدٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ اهـ.

وَسِرُّ الْفَرْقِ هُوَ أَنَّ الْعِدَّةَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا شُرِعَتْ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَعَدَمِ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ هِيَ مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى إلَّا إنَّهَا لَمَّا كَانَ فِيهَا شَائِبَةُ التَّعَبُّدِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا تَجِبُ فِي الْوَفَاةِ عَلَى بِنْتِ الْمَهْدِ وَفِي الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ عَلَى الْكَبِيرَةِ الْمَعْلُومِ بَرَاءَتُهَا بِسَبَبٍ وَغَيْرِهَا وَجَبَ فِعْلُهَا بَعْدَ سَبَبِهَا مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ عُلِمَتْ الْبَرَاءَةُ أَمْ لَا تَوْفِيَةً لِشَائِبَةِ التَّعَبُّدِ وَالِاسْتِبْرَاءِ لِمَا لَمْ تَرِدْ فِيهِ هَذِهِ الشَّائِبَةُ، بَلْ إنَّمَا شُرِعَ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَعَدَمِ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ بِحَيْثُ لَمْ يَكُنْ إلَّا مَعْقُولُ الْمَعْنَى لَمْ يَجِبْ حَيْثُ حَصَلَ الْمَعْنَى وَهُوَ الْبَرَاءَةُ ضَرُورَةً أَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِذَلِكَ الْمَعْنَى فَتَسْقُطُ حَيْثُ حَصَلَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَبِدُونِهَا هَذَا هُوَ الْمُوجِبُ لِخُرُوجِ تِلْكَ الصُّوَرِ عَنْ الْحَاجَةِ لِلِاسْتِبْرَاءِ وَعَدَمِ خُرُوجِ مِثْلِهَا فِي قَاعِدَةِ الْعِدَدِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالْأَقْرَاءِ يَكْفِي قُرْءٌ وَاحِدٌ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالشُّهُورِ لَا يَكْفِي شَهْرٌ]

الْفَرْقُ السَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالْأَقْرَاءِ يَكْفِي قُرْءٌ وَاحِدٌ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالشُّهُورِ)

لَا يَكْفِي شَهْرٌ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّ الشَّهْرَ الْوَاحِدَ وَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ قُرْءٌ وَاحِدٌ فِي حَقِّ مَنْ يَحِيضُ فَيَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِهِ كَمَا اكْتَفَى بِقُرْءٍ وَاحِدٍ نَظَرًا لِكَوْنِ غَالِبِ النِّسَاءِ ذَوَاتَ حَيْضٍ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي حَقِّ مَنْ لَا تَحِيضُ لَا يَحْصُلُ بِهِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَعَدَمُ الْحَمْلِ، بَلْ جَوْفُ الْحَامِلِ فِيهِ مُسَاوٍ فِي الظَّاهِرِ لِغَيْرِ الْحَامِلِ لِأَنَّ الْمَنِيَّ يَمْكُثُ مَنِيًّا فِي الرَّحِمِ نَحْوَ الشَّهْر، ثُمَّ يَصِيرُ مُضْغَةً بَعْدَ أَنْ صَارَ عَلَقَةً فَلَا يَظْهَرُ الْحَمْلُ فِي الْغَالِبِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَتَكْبُرُ الْجَوْفُ وَتَحْصُلُ مَبَادِئُ الْحَرَكَةِ لَمْ يُعْتَبَرْ الشَّهْرُ الْوَاحِدُ وَاعْتُبِرَ الْقُرْءُ الْوَاحِدُ مِنْ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَعَدَمِ الْحَمْلِ عَادَةً إذْ لَا يَجْتَمِعُ الْحَيْضُ مَعَ الْحَمْلِ غَالِبًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

٢ -

(مَسْأَلَةٌ) فِي بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ لِحَفِيدٍ ابْنِ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ يُتَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا الَّذِي أَوْلَدَهَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَاللَّيْثُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٌ عِدَّتُهَا حَيْضَةٌ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَقَالَ مَالِكٌ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَلَهَا السُّكْنَى.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ عِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَالَ قَوْمٌ عِدَّتُهَا نِصْفُ عِدَّةِ الْحُرَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَالَ قَوْمٌ عِدَّتُهَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرٌ وَحُجَّةُ مَالِكٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَلَا مُطَلَّقَةً فَتَعْتَدُّ ثَلَاثَ حَيْض فَلَمْ تَبْقَ إلَّا اسْتِبْرَاءُ رَحِمِهَا وَذَلِكَ يَكُونُ بِحَيْضَةٍ تَشْبِيهًا بِالْأَمَةِ يَمُوتُ عَنْهَا سَيِّدُهَا وَذَلِكَ مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا وَجَبَتْ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ، وَلَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَلَا بِأَمَةٍ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ أَمَةٍ فَوَجَبَ أَنْ تُسْتَبْرَأَ رَحِمُهَا بِعِدَّةِ الْأَحْرَارِ.

وَأَمَّا الَّذِينَ أَوْجَبُوا لَهَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ فَاحْتَجُّوا بِحَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ لَا تُلْبِسُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرٌ وَضَعَّفَ أَحْمَدُ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ، وَأَمَّا مَنْ أَوْجَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>