للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلًّا وَأَمَّا هُمَا مَعًا فَفِي الدِّبَاغِ فَإِنَّهُ إزَالَةٌ لِلْفَضَلَاتِ الْمُتَنَجِّسَةِ الَّتِي تُوجِبُ الْعَصْرَ فَيَخْرُجُ مَا فِي الْجُلُودِ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْإِحَالَةُ فَلِأَنَّ صِفَةَ الْجُلُودِ تَتَغَيَّرُ عَنْ هَيْئَتِهَا إلَى هَيْئَةٍ أُخْرَى أَمَّا الْخَوَاصُّ فَخَاصِّيَّةُ الْإِزَالَةِ الْمَاءُ الطَّهُورُ وَالنِّيَّةُ عَلَى الْخِلَافِ وَوُصُولُ الْغُسْلِ حَدًّا يَنْفَصِلُ الْمَاءُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ وَأَنَّ السَّبَبَ الِاسْتِقْذَارُ وَخَاصِّيَّةُ الْإِحَالَةِ عَدَمُ النِّيَّةِ وَالْمَاءِ وَالِاسْتِقْذَارِ فَلَا تَحْتَاجُ لِلْمَاءِ بَلْ قَدْ تُوجَدُ مَعَ عَدَمِهِ وَقَدْ يُلْقِي فِي الْخَمْرِ مَاءً فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِإِحَالَتِهَا لِلْخَلِّيَّةِ غَيْرَ أَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي الْإِحَالَةِ وَيَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْإِزَالَةِ، وَأَمَّا النِّيَّةُ فَمَانِعَةٌ مِنْ تَطْهِيرِهَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقَصْدِ إلَى تَخْلِيلِ الْخَمْرِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْقَصْدَ مَانِعٌ وَلَيْسَ شَرْطًا إجْمَاعًا وَهُوَ شَرْطٌ فِي الْإِزَالَةِ عَلَى الْخِلَافِ وَحَيْثُ قَالَ الْفُقَهَاءُ فِي كُتُبِهِمْ النِّيَّةُ شَرْطٌ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ إنَّمَا يُرِيدُونَ أَحَدَ أَقْسَامِهَا وَهِيَ الْإِزَالَةُ وَمِنْ خَوَاصِّهَا عَدَمُ الِاسْتِقْذَارِ بَلْ سَبَبُ تَنْجِيسِهَا طَلَبُ إبْعَادِهَا فَهَذِهِ ثَلَاثُ خَوَّاصٍ لِلْإِحَالَةِ تَمْتَازُ بِهَا عَنْ الْإِزَالَةِ.

وَأَمَّا الصُّورَةُ الَّتِي يَجْتَمِعَانِ فِيهَا وَهُوَ الدِّبَاغُ فَمِنْ خَوَاصِّهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْمَاءِ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ إجْمَاعًا وَلَيْسَ الْقَصْدُ مَانِعًا إجْمَاعًا بِخِلَافِ الْإِحَالَةِ الْمُنْفَرِدَةِ وَالِاسْتِقْذَارِ وَالِاسْتِخْبَاثِ سَبَبُ التَّنْجِيسِ لِأَجْلِ مَا فِيهَا مِنْ النَّجَاسَةِ فَخَوَاصُّهَا أَيْضًا ثَلَاثَةٌ فَهَذِهِ خَوَاصُّ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ وَبِهَا يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذِهِ الْقَوَاعِدِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا قَاعِدَةٌ تُعْرَفُ بِجَمْعِ الْفَرْقِ وَهُوَ أَنَّ الْمَعْنَى الْوَاحِدَ يُوجِبُ الضِّدَّيْنِ الْمُتَنَافِيَيْنِ وَهَذَا النَّوْعُ قَلِيلٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَفِيهَا مُثُلٌ أَحَدُهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَإِنَّ الْقَصْدَ مُنَاسِبٌ لِلتَّطْهِيرِ فَاشْتَرَطَهُ مَنْ اشْتَرَطَ الْمُنَاسِبَ فِي الْإِزَالَةِ وَجَعَلَهُ مَانِعًا فِي الْإِحَالَةِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَإِنَّهُ إذَا جَوَّزْنَا الْقَصْدَ لِلتَّخْلِيلِ جَوَّزْنَا إبْقَاءَهَا فِي الْمِلْكِ فَفِي ذَلِكَ الزَّمَانِ رُبَّمَا انْبَعَثَتْ الدَّوَاعِي لِشُرْبِهَا فَمُنِعَ مِنْ الْقَصْدِ لِتَخْلِيلِهَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَصَارَ الْقَصْدُ يَقْتَضِي هَا هُنَا الْمَنْعَ وَفِي الْإِزَالَةِ الْإِبَاحَةَ فِي الصَّلَاةِ بِذَلِكَ الثَّوْبِ الْمُزَالِ عَنْهُ النَّجَاسَةُ وَقَدْ رُتِّبَ عَلَى الْمَعْنَى الْوَاحِدِ الضِّدَّانِ وَهُمَا الْمَنْعُ وَالْإِبَاحَةُ فَنَاسَبَ الضِّدَّيْنِ وَهَذَا هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ بِجَمْعِ الْفَرْقِ أَيْ جَمْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ الْأَضْدَادِ.

الْمِثَالُ الثَّانِي لِجَمْعِ الْفَرْقِ قَالَ الْعُلَمَاءُ تُرَدُّ تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ صَوْنًا لِمَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ لِئَلَّا يَضِيعَ مَالُهُ بِتَصَرُّفَاتٍ رَدِيَّةٍ، فَصَوْنُ مَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ هُوَ سَبَبُ رَدِّ تَصَرُّفَاتِهِ وَتَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ فِي الْوَصَايَا عِنْدَ الْمَوْتِ صَوْنًا لِمَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ فَإِنَّا لَوْ رَدَدْنَا وَصَايَاهُ لَأَخَذَ مَالَهُ وَارِثُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَصْلَحَةٌ فَصَوْنُ مَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ اقْتَضَى رَدَّ تَصَرُّفَاتِهِ حَالَ الْحَيَاةِ وَتَنْفِيذُ تَصَرُّفَاتِهِ عِنْدَ الْمَمَاتِ فَقَدْ نَاسَبَ الْوَصْفُ الْوَاحِدُ الضِّدَّيْنِ الْمُنَافِيَيْنِ وَتَرَتَّبَا عَلَيْهِ فِي الشَّرِيعَةِ وَهَذَا هُوَ جَمْعُ الْفَرْقِ أَيْضًا لِأَنَّهُ جَمْعُ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ الْأَضْدَادِ (الْمِثَالُ الثَّالِثُ) الْجَهَالَةُ مَانِعَةٌ مِنْ عَقْدِ الْبَيْعِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

سَحْنُونٌ يُعِيدُ فِيهِمَا فِي الْوَقْتِ كَذَا فِي الْحَطَّابِ عَنْ الذَّخِيرَةِ بِتَوْضِيحٍ مَا مِنْ الْمَوَّاقِ وَالْفَرْقُ الثَّانِي لِلْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الصَّلَاةِ مَطْلُوبَةٌ لِصَاحِبِ الشَّرْعِ وَكُلُّ مَطْلُوبٍ لَهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا يُؤَدِّي لِقِلَّتِهِ وَلَا يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُؤَدِّي لِقِلَّتِهِ فَلِكَثْرَةِ وُقُوعِ الْخِلَافِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ لَوْ قُلْنَا بِالْمَنْعِ مِنْ الِائْتِمَامِ لِمَنْ يُخَالِفُ فِي الْمَذْهَبِ وَأَنْ لَا يُصَلِّيَ الْمَالِكِيُّ إلَّا خَلْفَ الْمَالِكِيِّ وَلَا الشَّافِعِيُّ إلَّا خَلْفَ الشَّافِعِيِّ لَقَلَّتْ الْجَمَاعَاتُ وَلِنُدْرَةِ وُقُوعِ مِثْلِ مَسْأَلَةِ الْأَوَانِي وَالْقُبْلَةِ لَوْ قُلْنَا بِالْمَنْعِ مِنْ الِائْتِمَامِ لِمَنْ يُخَالِفُ فِي الِاجْتِهَادِ فِيهَا لَمْ يُخِلُّ ذَلِكَ بِالْجَمَاعَاتِ كَبِيرَ خَلَلٍ قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ وَهَذَا فَرْقٌ ضَعِيفٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي بِالْفَرْقِ أَيْ لِأَنَّ الْفَرْقَ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا لَا مِنْ غَيْرِهِمَا فَافْهَمْ.

(وَالْفَرْقُ الثَّالِثُ لِلْأَصْلِ) بِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِجْمَاعِ لِتَعَيُّنِ الْمَنَاطِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَوَانِي وَنَحْوِهَا دُونَ مُخَالَفَتِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَنَاطِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَسْمَلَةِ وَنَحْوِهَا اقْتَضَى أَنْ لَا يَجُوزَ التَّقْلِيدُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي مَتَى خَالَفَ إجْمَاعًا أَوْ نَصًّا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا أَوْ الْقَوَاعِدَ نَقَضْنَاهُ وَلَا نُقِرُّهُ شَرْعًا وَإِنْ تَأَكَّدَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَأَوْلَى أَنْ لَا نُقِرَّهُ شَرْعًا إذَا لَمْ يَتَأَكَّدْ كَمَا هُنَا فَكُلُّ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ لَا نُقِرُّهُ شَرْعًا وَمَا لَيْسَ بِشَرْعٍ فَلَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهِ وَيُوَضِّحُ لَك هَذَا الْفَرْقَ الْأَخِيرَ مَسْأَلَتَانِ

[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْمُجْتَهِدُونَ فِي الْكَعْبَةِ إذَا اخْتَلَفُوا]

(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) اللَّذَانِ اخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُمَا فِي الْكَعْبَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ أَحَدَهُمَا يَعْتَقِدُ أَنَّ الْآخَرَ قَدْ خَالَفَ الْكَعْبَةَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا الْمَقْطُوعِ بِاعْتِبَارِهَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ لِأَنَّ تَارِكَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ الْمَقْطُوعِ بِاعْتِبَارِهِ لَا يُقْتَدَى بِهِ وَالْمُخْتَلِفَانِ فِي مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنَّمَا يَعْتَقِدُ فِي صَاحِبِهِ أَنَّهُ خَالَفَ ظَاهِرًا مِنْ نَصٍّ أَوْ مَنْطُوقٍ بِهِ أَوْ مَفْهُومٍ لَفْظٌ لَا مُجْمَعًا عَلَى اعْتِبَارِهِ وَلَا وَاصِلًا إلَى حَدِّ الْقَطْعِ بَلْ هُوَ فِي مَحَلِّ اجْتِهَادٍ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ صَاحِبِهِ.

[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْمُجْتَهِدُونَ فِي الْأَوَانِي الَّتِي اخْتَلَطَ طَاهِرُهَا بِنَجَسِهَا]

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) اللَّذَانِ اخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُمَا فِي الْأَوَانِي أَوْ فِي الثِّيَاب الَّتِي اخْتَلَطَ طَاهِرُهَا بِنَجَسِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ حُكْمَ اللَّهِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَفِي حَقِّ مَنْ قَلَّدَهُ فِي اجْتِهَادِهِ بِالْإِجْمَاعِ هُوَ مَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ لَا مَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُ غَيْرِهِ يَعْتَقِدُ هُوَ وَمَنْ قَلَّدَهُ أَنَّ غَيْرَهُ لَابِسٌ فِي صَلَاتِهِ مَا هُوَ مُبْطِلٌ لِصَلَاتِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَخَالَفَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَمَقْطُوعًا بِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لِمَنْ قَلَّدَهُ الِاقْتِدَاءُ بِذَلِكَ الْغَيْرِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَمَنْ لَمْ يَتَدَلَّكْ فِي غُسْلِهِ أَوْ لَمْ يُبَسْمِلْ فِي صَلَاتِهِ.

[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ إنَاءٌ وَقَعَ فِيهِ رَوْثُ عُصْفُورٍ وَتَوَضَّأَ بِهِ مَالِكِيٌّ وَصَلَّى]

أَوْ تَوَضَّأَ بِإِنَاءٍ وَقَعَ فِيهِ رَوْثُ عُصْفُورٍ أَوْ صَلَّى بِثَوْبٍ فِيهِ رَوْثُ عُصْفُورٍ مُجْتَهِدًا كَانَ أَوْ مُقَلِّدًا فِي ذَلِكَ الْمُجْتَهِدَ مِنْ حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>