وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهِمَا وَهِيَ شَرْطٌ فِي الْجَعَالَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْقِرَاضِ فَلَا يَجُوزُ إلَى يَوْمٍ مَعْلُومٍ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ قَدْ لَا يَحْصُلُ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ فَاقْتَضَتْ
مَصْلَحَةُ
هَذِهِ الْعُقُودِ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَجْهُولًا وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحَدِّدَ لِخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْإِجَارَاتِ يَوْمًا مَعْلُومًا لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْغَرَرَ وَتَفُوتُ الْمَصْلَحَةُ بَلْ
الْمَصْلَحَةُ
تَقْتَضِي بَقَاءَ الْأَجَلِ مَجْهُولًا.
الْمِثَالُ الرَّابِعُ الْأُنُوثَةُ اقْتَضَى ضَعْفُهَا التَّأَخُّرَ عَنْ الْوِلَايَاتِ وَاقْتَضَى ضَعْفُهَا وِلَايَةَ الْحَضَانَةِ وَالتَّقْدِمَةَ فِيهَا عَلَى الذُّكُورِ فَقَدْ اقْتَضَتْ الضِّدَّيْنِ كَمَا اقْتَضَتْهُ الْجَهَالَةُ الْمِثَالُ الْخَامِسُ قَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَضَى تَعْظِيمُهَا بَذْلَ الْمَالِ لِلْأَقَارِبِ وَالْمُبَادَرَةَ إلَى سَدِّ الْخَلَّاتِ فِي حَقِّهِمْ وَاقْتَضَى مَنْعُ الْمَالِ مِنْهُمْ فِي الزَّكَاةِ فَقَدْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْبَذْلُ وَالْمَنْعُ وَهُمَا ضِدَّانِ وَإِنَّمَا قَلَّتْ هَذِهِ النَّظَائِرُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُنَاسِبِ أَنْ يُنَافِيَ ضِدَّ مَا يُنَاسِبُهُ.
(الْفَرْقُ الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الرُّخْصَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) وَذَلِكَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْعُلَمَاءِ قَالُوا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ رُخْصَةٌ بِسَبَبِ أَنَّ السَّبَبَ فِي تَنْجِيسِ الطَّاهِرِ مُلَاقَاتُهُ لِلنَّجَسِ إجْمَاعًا فَإِذَا صَبَبْنَا الْمَاءَ عَلَى النَّجَاسَةِ لِنُزِيلَهَا مِنْ الْإِبْرِيقِ مَثَلًا فَالْجُزْءُ الْوَاصِلُ إلَى النَّجَاسَةِ الْمُتَّصِلِ بِهَا تَنَجَّسَ لِمُلَاقَاتِهِ النَّجَاسَةَ كَمَا تَقَدَّمَ حِكَايَةُ الْإِجْمَاعِ فِي الْقَاعِدَةِ وَإِذَا تَنَجَّسَ الْجُزْءُ الْمُلَاقِي لِلنَّجَاسَةِ تَنَجَّسَ ذَلِكَ الْجُزْءُ الَّذِي يَلِيهِ وَتَنَجَّسَ الْجُزْءُ الثَّانِي لِلثَّالِثِ وَالثَّالِثُ لِلرَّابِعِ وَالرَّابِعُ لِلْخَامِسِ وَكَذَلِكَ حَتَّى يَنْجُسَ الْمَاءُ الَّذِي دَاخِلُ الْإِبْرِيقِ بَلْ يَنْجُسُ مَاءُ الْبَحْرِ الْمَالِحِ إذَا وَضَعْنَا النَّجَاسَةَ فِي طَرَفِهِ وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُلَاقَاةُ النَّجَسِ لِلطَّاهِرِ وَحَيْثُ قَضَى الشَّرْعُ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ تَزُولُ وَأَنَّ الْمَاءَ لَمْ يَفْسُدْ مُطْلَقًا كَانَ ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَكَانَ رُخْصَةً مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَهَذَا كَلَامٌ مَتِينٌ قَوِيٌّ لَمْ أَرَ أَحَدًا تَعَرَّضَ لِلْجَوَابِ عَنْهُ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الرُّخْصَةِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقْضِ عَلَى الْأَعْيَانِ بِأَنَّهَا نَجِسَةٌ وَلَا مُتَنَجِّسَةٌ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهَا جَوَاهِرَ وَلَا أَجْسَامًا إجْمَاعًا بَلْ لِأَجْلِ أَعْرَاضٍ خَاصَّةٍ قَامَتْ بِتِلْكَ الْأَجْسَامِ مِنْ لَوْنٍ خَاصٍّ وَكَيْفِيَّةٍ خَاصَّةٍ مَعْلُومَةٍ فِي الْعَادَةِ فَإِذَا انْتَفَتْ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةُ وَتِلْكَ الْأَعْرَاضُ انْتَفَى الْحُكْمُ لِانْتِفَاءِ مُوجِبِهِ وَانْتِفَاءُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الرُّخَصِ إجْمَاعًا وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَبْطُلُ السُّؤَالُ بِسَبَبِ أَنَّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْأَعْرَاضَ الْخَاصَّةَ وَالْكَيْفِيَّةَ الْخَاصَّةَ اللَّتَيْنِ قَضَى الشَّرْعُ لِأَجْلِهَا بِالتَّنْجِيسِ لَيْسَا مَوْجُودَيْنِ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ مَاءِ الْإِبْرِيقِ وَلَا فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ مَاءِ الْبَحْرِ إذَا
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
إنَّ حُكْمَ اللَّهِ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ مَنْ قَلَّدَهُ صِحَّةُ صَلَاتِهِ بِمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ أَوْ اجْتِهَادُ مُقَلِّدِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَلَا مَقْطُوعًا بِهِ بَلْ خَالَفَ ظَاهِرًا مُحْتَمِلًا لِلتَّأْوِيلِ يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فَرْقًا لَيْسَ بِفَرْقٍ لِأَنَّ الْفَرْقَ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِيمَا ذَكَرْته لَا فِيمَا ذَكَرَهُ اهـ.
قُلْت وَذَلِكَ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِجْمَاعِ وَعَدَمَ مُخَالَفَتِهِ وَصْفَانِ لِلْمُجْتَهِدِ لَا لِلْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَفْرُوقِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْقَطْعِ بِالْخَطَأِ وَإِمْكَانِ تَعْيِينِهِ وَعَدَمِ إمْكَانِ الْخَطَأِ وَلَا إمْكَانِ تَعْيِينِهِ فَإِنَّهُمَا وَصْفَانِ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَفْرُوقِ بَيْنَهُمَا فَافْهَمْ (وَصْلٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْفَرْقِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى قَاعِدَةِ الْعَوْفِيِّ الَّتِي فِي قَوْلِ الْعَلَّامَةِ الْأَمِيرِ فِي مَجْمُوعِهِ وَشَرْحِهِ وَالْعِبْرَةُ فِي شَرْطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِمَذْهَبِهِ أَيْ الْإِمَامِ وَفِي شَرْطِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِمَذْهَبِ الْمَأْمُومِ عَلَى مَا قَالَهُ الْعَوْفِيُّ وَارْتَضَوْهُ قَالَ الرَّمَاصِيُّ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَالِكِيٍّ بِشَافِعِيٍّ فِي ظُهْرٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِاتِّحَادِ عَيْنِ الصَّلَاةِ وَالْمَأْمُومُ يَرَاهَا أَدَاءً كَمَا فِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ اهـ.
قَالَ الشَّيْخُ حِجَازِيٌّ فَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ مَوْجُودٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمَأْمُومِ بَلْ كَذَلِكَ لَوْ الْتَفَتْنَا إلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ جَدَلًا فَإِنَّهُمَا قَضَاءٌ عِنْدَهُ وَلَا مُوجِبَ لِلتَّلْفِيقِ اهـ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْأَمِيرُ عَقِبَ مَا ذَكَرَ بَقِيَ أَنَّ قَاعِدَةَ الْعَوْفِيِّ هَلْ تَجْرِي فِي الْأَرْكَانِ حَتَّى يَصِحَّ خَلْفَ حَنَفِيٍّ لَا يَرْفَعُ مِنْ الرُّكُوعِ وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ الْخَرَشِيِّ أَوْ تَقْتَصِرُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ الشَّرْطِ كَمَسْحِ رَأْسٍ وَنَقْضِ وُضُوءٍ لِأَنَّ الرُّكْنَ أَعْظَمُ.
وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ عَلِمْت أَنَّ رَجُلًا تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لَمْ أُصَلِّ خَلْفَهُ نَقَلَهُ الْحَطَّابُ يُحَرَّرُ اهـ بِتَوْضِيحٍ مَا وَبِالِاحْتِمَالِ الثَّانِي جَزَمَ الْعَلَّامَةُ الدُّسُوقِيُّ حَيْثُ قَالَ.
وَأَمَّا مَا كَانَ رُكْنًا دَاخِلًا فِي مَاهِيَّتِهَا فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِمَذْهَبِ الْمَأْمُومِ مِثْلُ شَرْطِ الِاقْتِدَاءِ فَلَوْ اقْتَدَى مَالِكِيٌّ بِحَنَفِيٍّ لَا يَرَى رُكْنِيَّةَ السَّلَامِ وَلَا الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنْ أَتَى بِهِمَا صَحَّتْ صَلَاةُ مَأْمُومِهِ الْمَالِكِيِّ وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ الْحَنَفِيُّ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِأَجْنَبِيٍّ كَانَتْ صَلَاةُ مَأْمُومِهِ الْمَالِكِيِّ بَاطِلَةً وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمَأْمُومُ الْمَذْكُورُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ اهـ.
وَلَيْسَ مَبْنِيًّا أَيْضًا عَلَى الْقَاعِدَةِ الَّتِي يَقْتَضِيهَا قَوْلُ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّ الْإِمَامَ الْمُخَالِفَ فِي الْفُرُوعِ الظَّنِّيَّةِ مَتَى تَحَقَّقَ فِعْلُهُ لِلشَّرَائِطِ جَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ فَالشَّافِعِيُّ مَسْحُ جَمِيعِ رَأْسِهِ سُنَّةٌ فَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَّ فِي الْفَرِيضَةِ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ أَوْ مَسَحَ رِجْلَيْهِ نَقَلَهُ الْخَطَّابُ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَفِي الْمَوَّاقِ