للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذِهِ النِّسْوَةُ وَعُقُودُهُنَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَقْدًا وَاحِدًا أَوْ عُقُودًا وَالِاحْتِمَالَاتُ فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ لَا تَقْدَحُ وَإِنَّمَا يَقْدَحُ فِي الدَّلَالَةِ الِاسْتِوَاءُ فِي الِاحْتِمَالَاتِ فِي الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى الْحُكْمِ أَمَّا إذَا كَانَ الدَّلِيلُ ظَاهِرًا وَمَحَلُّ الْحُكْمِ فِيهِ احْتِمَالَاتٌ لَا يَقْدَحُ ذَلِكَ

(الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) «قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْمُفْطِرِ فِي رَمَضَانَ أَعْتِقْ رَقَبَةً» ظَاهِرٌ فِي وُجُوبِ الْإِعْتَاقِ لَا إجْمَالَ فِيهِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الرَّقَبَةُ الْمَأْمُورُ بِهَا سَوْدَاءَ أَوْ بَيْضَاءَ أَوْ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ طَوِيلَةً أَوْ قَصِيرَةً وَمِنْ هَذَا التَّنْوِيعِ كَثِيرٌ فِي الرَّقَبَةِ وَلَا تَقْدَحُ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتُ وَإِنْ اسْتَوَتْ فِي دَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ إعْتَاقِ رَقَبَةٍ لِأَنَّ الِاحْتِمَالَاتِ فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ لَا فِي دَلِيلِهِ

(الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ) قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إذَا شَهِدَ عَدْلَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا وَانْسُكُوا» لَفْظٌ ظَاهِرٌ فِي رَبْطِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ بِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْعَدْلَانِ عَرَبِيَّيْنِ أَوْ عَجَمِيَّيْنِ شَيْخَيْنِ أَوْ كَهْلَيْنِ أَبْيَضَيْنِ أَوْ أَسْوَدَيْنِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَيَعُمُّ الْحُكْمُ الْجَمِيعَ لِأَنَّ الِاحْتِمَالَاتِ فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ لَا فِي دَلِيلِهِ وَنَقُولُ جَمِيعُ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ تَنْدَرِجُ فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ) قَوْله تَعَالَى {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] اللَّفْظُ نَصٌّ قَطْعِيٌّ فِي السَّبْعَةِ وَالثَّلَاثَةِ لَا احْتِمَالَ فِي الدَّلِيلِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَصْلًا وَالِاحْتِمَالَاتُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غَرْبًا أَوْ شَرْقًا أَوْ شَمَالًا أَوْ جَنُوبًا أَوْ مَدِينَةً أَوْ بَرِّيَّةً أَوْ قَرْيَةً وَجَمِيعُ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ فَلَا جَرَمَ أَنْ يَعُمَّ الْحُكْمُ جَمِيعَهَا وَيَسْتَوِيَ فِيمَا حَكَمَ بِهِ صَاحِبُ الشَّرْعِ فَهَذَا مِثَالُ الدَّلِيلِ يَكُونُ نَصًّا وَالِاحْتِمَالَاتُ مُسْتَوِيَةٌ فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتُ الْمُسْتَوِيَةُ فِي الدَّلِيلِ سَقَطَ بِهِ الِاسْتِدْلَال وَصَارَ مُجْمَلًا كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذِهِ الْقَوَاعِدِ وَهَذِهِ الْمَسَائِلِ الْفَرْقُ بَيْنَ حِكَايَةِ الْحَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبَ الْإِجْمَالِ وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال وَبَيْنَ قَاعِدَةِ إنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ فِي حِكَايَةِ الْحَالِ تَقُومُ مَقَامَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ وَلَمْ يَتَنَاقَضْ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا اخْتَلَفَ بَلْ كُلُّ قَوْلٍ لَهُ مَوْضِعٌ يَخُصُّهُ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الْمُحْرِمَ إذَا مَاتَ]

قَالَ (الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) «قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْمُفْطِرِ فِي رَمَضَانَ أَعْتِقْ رَقَبَةً» إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ فِي هَذَا الْفَرْقِ قُلْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَالْمَسْأَلَتَانِ بَعْدَهَا لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ مَا يَجْرِي مَجْرَى الْعُمُومِ لِتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ بَلْ هِيَ مَسَائِلُ الْإِطْلَاقِ الْمُقْتَضِي تَخْيِيرَ الْمُكَلَّفِ فِي مُخْتَلِفَاتِ الْأَشْخَاصِ وَالصِّفَاتِ وَالْأَحْوَالِ فَلَيْسَ مَا أَوْرَدَهُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ لِمَا وَقَعَ تَصْدِيقُ الْكَلَامِ بِهِ بِمِثَالٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ وَمَا قَالَهُ فِي الْفَرْقِ الثَّانِي وَالسَّبْعِينَ أَكْثَرُهُ نَقْلٌ لَا كَلَامَ فِيهِ.

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

لَا سَبَبٌ لِلطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا إنَّمَا هُوَ الْحَدَثُ وَكَذَلِكَ التُّرَابُ فِي التَّيَمُّمِ أَدَاةٌ وَلَيْسَ سَبَبًا وَلَا مَدْخَلَ لِعَيْنِ الْمَاءِ فِي وُجُوبِ الطَّهَارَةِ وَلَا لِتَعَيُّنِ التُّرَابِ فِي وُجُوبِ التَّيَمُّمِ إذْ لَمْ يُوجِبْ اللَّهُ تَعَالَى الطَّهَارَةَ بِمَاءٍ مُعَيَّنٍ بَلْ بِفَرْدٍ مُبْهَمٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمَاءِ وَلَا التَّيَمُّمَ بِتُرَابٍ مُعَيَّنٍ بَلْ بِفَرْدٍ مُبْهَمٍ مِنْ أَفْرَادِ التُّرَابِ.

وَثَانِيهَا: مُطْلَقُ الثَّوَابِ الَّذِي هُوَ فَرْدٌ مُبْهَمٌ مِنْ أَفْرَادِ الثِّيَابِ أَدَاةٌ لِلسُّتْرَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مَدْخَلَ لِلثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ فِي وُجُوبِ السُّتْرَةِ إذْ لَمْ يُوجِبْ اللَّهُ تَعَالَى السُّتْرَةَ بِثَوْبٍ مُعَيَّنٍ بَلْ بِمُطْلَقِ الثَّوْبِ الَّذِي هُوَ فَرْدٌ مُبْهَمٌ مِنْ أَفْرَادِ الثِّيَابِ وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ لَكَ جَوَابُ الْمُغَالَطَةِ الَّتِي تُلْقَى عَادَةً عَلَى الطَّلَبَةِ فَيُقَالُ السُّتْرَةُ وَاجِبَةٌ بِهَذَا الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّ السُّتْرَةَ وَاجِبَةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَهِيَ لَا تَجِبُ بِغَيْرِ هَذَا الثَّوْبِ بِالْإِجْمَاعِ فَتَعَيَّنَ هُوَ وَإِلَّا لَبَطَلَ الْوُجُوبُ أَوْ يُقَالُ الْوُضُوءُ وَاجِبٌ مِنْ هَذِهِ الْفَسْقِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ وَاجِبٌ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ لَا يَجِبُ مِنْ غَيْرِهَا بِالْإِجْمَاعِ فَتَعَيَّنَتْ هِيَ وَإِلَّا لَبَطَلَ الْوُجُوبُ، وَهَكَذَا إذَا أُورِدَتْ هَذِهِ الشُّبُهَاتُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ كَانَ الْجَوَابُ عَنْهَا وَاحِدًا وَهُوَ أَنَّ الْوُجُوبَ لِكُلٍّ مِنْ الْوُضُوءِ وَالسُّتْرَةِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِفَرْدٍ مُبْهَمٍ دَاخِلٍ تَحْتَ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ هَذِهِ الْفَسْقِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَبَيْنَ هَذَا الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهَا وَلَا غَيْرُهُ وَاجِبًا بِالْإِجْمَاعِ لَا تَتَعَيَّنُ هِيَ وَلَا هُوَ فَالْخُصُوصَاتُ كُلُّهَا سَاقِطَةٌ عَنْ الِاعْتِبَارِ.

وَثَالِثُهَا: مُطْلَقُ الْجِمَارِ فِي النُّسُكِ أَدَاةٌ يُعْمَلُ بِهَا الْوَاجِبُ لَا سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ بَلْ سَبَبُ الْوُجُوبِ إمَّا تَعْظِيمُ الْبَيْتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧] وَإِمَّا تَذَكُّرُ قِصَّةِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي ذَبْحِ ابْنِهِ وَفِدَائِهِ بِالْكَبْشِ قِيلَ؛ لِأَنَّ مِنْهَا أَنَّهُ هَرَبَ مِنْهُ فَلَحِقَهُ وَرَمَاهُ بِالْحِجَارَةِ هُنَاكَ قُلْتُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: ١٠٢] فَالصَّوَابُ مَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى تَوْضِيحِ الْمَنَاسِكِ أَنَّ فِي الْقِصَّةِ هُوَ أَنَّ الشَّيْطَانَ تَعَرَّضَ لِلذَّبِيحِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا ذَهَبَ مَعَ أَبِيهِ لِلذَّبْحِ وَقَالَ لَهُ إنَّ أَبَاك يُرِيدُ أَنْ يَذْبَحَكَ فَأَمَرَهُ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَرْجُمَهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ اهـ فَشُرِعَ رَمْيُ الْجِمَارِ لِتَذَكُّرِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ السَّنِيَّةِ وَالطَّوَاعِيَةِ التَّامَّةِ وَالْإِنَابَةِ الْجَمِيلَةِ لِيُقْتَدَى بِهِمَا فِي ذَلِكَ وَلَا مَدْخَلَ لِتَعَيُّنِ الْجِمَارِ فِي وُجُوبِ الرَّمْيِ بَلْ أَيَّ حَصَاةٍ أَخَذَهَا أَجْزَأَتْ وَسَدَّتْ الْمَسَدَّ وَخُصُوصُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا سَاقِطٌ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>