لِلصَّبَّاغِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إذَا فَرَّعْنَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ يَحْلِفُ مَنْ قُضِيَ لَهُ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ مَا عُرِفَ لِأَحَدِهِمَا لَا يَحْلِفُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا كَانَ شَأْنُ الرِّجَالِ وَشَأْنُ النِّسَاءِ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْيَدِ وَمَا وَلِيَ الرَّجُلُ شِرَاءَهُ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ وَشَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ أَخَذَهُ بَعْدَ يَمِينِهِ مَا اشْتَرَاهُ إلَّا لَهُ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْبَيْتِ نَفْسِهِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فِي غَالِبِ الْعَادَةِ وَلِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الَّذِي يَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ نَحْوُ الْعِمَامَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ إلَّا أَنْ تَدَّعِيَ الْمَرْأَةُ إرْثَهُ فَيَحْلِفَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُولَ هَذَا لِي لِأَنَّهُ مَتَاعُ الْبَيْتِ حَتَّى يَقُولَ هَذَا مِلْكِي قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ لَوْ تَنَازَعَا فِي رِدَاءٍ فَقَالَ هُوَ لَهَا إلَّا الْكَتَّانَ بِأَنْ قَالَ اشْتَرَيْته فَقَالَ أَصْبَغُ لَهُ بِقَدْرِ كِتَابِهِ وَلَهَا بِقَدْرِ عَمَلِهَا لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَاهُ صُدِّقَ هَذَا تَقْرِيرُ الْمَنْقُولَاتِ وَأَمَّا وَجْهُ الْجَوَابِ وَالْفَرْقِ فَنَقُولُ لَنَا قَوْله تَعَالَى {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف: ١٩٩] فَكُلُّ مَا شَهِدَ بِهِ الْعَادَةُ قُضِيَ بِهِ لِظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ وَلِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْعَادَةِ فِي مَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ.
وَأَمَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى الْعَطَّارِ وَالصَّبَّاغِ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ الْتَزَمَ التَّسْوِيَةَ أَيْضًا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَصَّارِ فِي عُيُونِ الْأَدِلَّةِ وَعَلَى هَذَا يَبْطُلُ الْقِيَاسُ وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ التَّسْوِيَةِ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِشْهَادَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ يَتَعَذَّرُ لِأَنَّهُمَا لَوْ اعْتَمَدَا ذَلِكَ وَإِنَّ مَنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَدَّى ذَلِكَ إلَى الْمُنَافَرَةِ وَعَدَمِ الْوِدَادِ بَيْنَهُمَا وَرُبَّمَا أَفْضَى ذَلِكَ إلَى الطَّلَاقِ وَالْقَطِيعَةِ فَهُمَا مَعْذُورَانِ فِي عَدَمِ الْإِشْهَادِ وَمُلْجَآنِ إلَيْهِ وَإِذَا أُلْجِئَ لِعَدَمِ إشْهَادٍ فَلَمْ يُقْضَ بَيْنَهُمَا بِالْعَادَةِ لَا نَسُدُّ الْبَابَ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْعَطَّارِ وَالصَّبَّاغِ إذَا كَانَا فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ لَا ضَرُورَةً تَدْعُوهُمَا لِعَدَمِ الْإِشْهَادِ فَإِنَّهُمَا أَجْنَبِيَّانِ لَا يَتَأَلَّمَانِ مِنْ ضَبْطِ أَمْوَالِهِمَا بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَا فِي حَانُوتَيْنِ أَوْ تَدَاعَيَا شَيْئًا فِي يَدِ ثَالِثٍ فَنَقُولُ الْفَرْقُ أَنَّ الضَّرُورَةَ تَدْعُو لِلْمُلَابَسَةِ فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ فَسَلَكَ بِهِمَا أَقْرَبَ الطُّرُقِ فِي إثْبَاتِ أَمْوَالِهِمَا وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو لِمُلَابَسَةِ الْعَطَّارِ وَالصَّبَّاغِ فَجَرَيَا عَلَى قَاعِدَةِ الدَّعْوَى وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ (وَأَمَّا وَجْهُ الْجَوَابِ وَالْفَرْقِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ فِي هَذَا الْفَرْقِ) قُلْت فِي ذَلِكَ نَظَرٌ وَتَمَسُّكُ الشَّافِعِيِّ بِالْحَدِيثِ ظَاهِرٌ وَجَوَابُ الْمَالِكِيَّةِ بِتَفْسِيرِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا فَسَرُّوا لَا بَأْسَ بِهِ وَجَعَلَ الْمَالِكِيَّةُ الْيَدَ لَهُمَا أَعْنِي الزَّوْجَيْنِ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ الرَّجُلَ جَائِزٌ لِلْمَرْأَةِ فِيهِ دَرَكٌ لَا يَخْفَى وَبِالْجُمْلَةِ الْمَسْأَلَةُ مَحَلُّ نَظَرٍ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
الْأَبِ أَبَدًا وَبِالْعَكْسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فِي الْفَرْقِ قَبْلُ
(السَّابِعُ) قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: ٢٣] تَعَلَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بِهِ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْأُخْتِ فِي عِدَّةِ الْأُخْتِ وَالْخَامِسَة فِي عِدَّةِ الرَّابِعَةِ وَقَالَ إنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ بِعُمُومِ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ جَمْعًا فِي حِلٍّ فَهُوَ فِي حَبْسٍ بِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الْفَرْجِ وَهُوَ إذَا تَزَوَّجَ أُخْتَهَا فَقَدْ حَبَسَ الْمُتَزَوِّجَةَ بِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ وَهُوَ الْحِلُّ وَالْوَطْءُ وَقَدْ حَبَسَ أُخْتَهَا بِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ وَهُوَ اسْتِبْرَاءُ الرَّحِمِ لِحِفْظِ النَّسَبِ فَحَرُمَ ذَلِكَ بِالْعُمُومِ وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ الطَّوِيلَةِ وَقَدْ مَهَّدْنَا الْخِلَافَ فِيهَا هُنَالِكَ وَاَلَّذِي نَجْتَزِي بِهِ الْآنَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَهَاهُ أَنْ يَجْمَعَ وَهَذَا لَيْسَ بِجَمْعٍ مِنْهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ اكْتَسَبَهُ وَالْعِدَّةُ إلْزَامِيَّةٌ فَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِحِلْمِهِ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فِي هَذَا الْجَمْعِ كَسْبٌ يَرْجِعُ النَّهْيُ بِالْخِطَابِ إلَيْهِ وَلَيْسَ قَوْله تَعَالَى هُنَا {إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٣] مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ {إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٣] فِي نِكَاحِ مَنْكُوحَاتِ الْآبَاءِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ قَطُّ بِشَرْعٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ جَاهِلِيَّةً جَهْلَاءَ وَفَاحِشَةً شَائِعَةً وَنِكَاحُ الْأُخْتَيْنِ كَانَ شَرْعًا لِمَنْ قَبْلَنَا فَنَسَخَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِينَا بِقَوْلِهِ هُنَا {إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٣] . اهـ
كَلَامُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ بِتَصَرُّفٍ وَحَذْفٍ وَزِيَادَةٍ
(فَائِدَةٌ) وَجْهُ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ الْآبَاءُ وَإِنْ عَلَوْا وَالْأَبْنَاءُ وَإِنْ سَفَلُوا مَعَ أَنَّهُ لَوْ عُكِسَ لَاسْتَقَامَ فَإِنَّ الْأَبْنَاءَ فُرُوعٌ وَشَأْنُ الْفَرْعِ أَنْ يَكُونَ أَعْلَى مِنْ صُلْبِهِ وَفَرْعُ الْفَرْعِ أَعْلَى مِنْ الْفَرْعِ فِي شَجَرَةِ النَّسَبِ وَالْأَصْلُ أَسْفَلُ وَأَصْلُ الْأَصْلِ أَسْفَلُ مِنْ الْأَصْلِ وَهُوَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ مَبْدَأَ الْإِنْسَانِ مِنْ نُطْفَةٍ وَالنُّطْفَةُ تَنْزِلُ مِنْ الْأَبِ وَالنَّازِلُ مِنْ الشَّيْءِ يَكُونُ أَسْفَلَ مِنْهُ وَابْنُ الِابْنِ يَنْزِلُ مِنْ الِابْنِ فَلَفْظُ الْأَبْنَاءِ وَإِنْ سَفَلُوا وَلَفْظُ الْآبَاءِ وَإِنْ عَلَوْا مَجَازٌ اصْطَلَحُوا عَلَيْهِمَا إشَارَةً لِهَذَا الْمَعْنَى مِنْ التَّخَيُّلِ وَلَا مُشَاحَّةَ فَلِي الِاصْطِلَاحِ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ
[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْحَصَانَةِ لَا تَعُودُ بِالْعَدَالَةِ وَقَاعِدَةُ الْفُسُوقِ يَعُودُ بِالْجِنَايَةِ]
(الْفَرْقُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْحَصَانَةِ لَا تَعُودُ بِالْعَدَالَةِ وَقَاعِدَةِ الْفُسُوقِ تَعُودُ بِالْجِنَايَةِ)
وَذَلِكَ أَنَّ عَوْدَ الْفُسُوقِ بِعَوْدِ الْجِنَايَةِ إنَّمَا هُوَ لِأَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ سَبَبَ الْفُسُوقِ هُوَ مُلَابَسَةُ الْكَبِيرَةِ أَوْ الْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغِيرَةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ وَلَا شَرْطٍ مَعْقُولِ الْمَعْنَى بِحَيْثُ إنَّ الْإِنْسَانَ إذَا جَنَى بِكَبِيرَةٍ أَوْ بِإِصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ بَعْدَ أَنْ زَالَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ بِالْفُسُوقِ بِتَوْبَتِهِ وَإِنَابَتِهِ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَعُودَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ بِالْفُسُوقِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءِ صُورَةٍ مِنْ صُورَةٍ عَمَلًا بِطَرْدِ الْعِلَّةِ وَوُجُودِ الْمُوجِبِ وَأَمَّا الْمُحْصَنُ بِعَدَمِ مُبَاشَرَةِ الزِّنَى إذَا زَالَ إحْصَانُهُ بِمُبَاشَرَتِهِ الزِّنَى لَمْ تَعُدْ حَصَانَتُهُ بِعَدَالَتِهِ بَعْدَ مُبَاشَرَتِهِ الزِّنَى