وَثَانِيهَا أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي فَأَعْتَقَهُ فَإِنَّا نُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ بِالزَّمَنِ الْفَرْدِ تَحْقِيقًا لِلْعِتْقِ عَنْهُ وَثُبُوتِ الْوَلَاءِ لَهُ مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَ عَدَمُ مِلْكِهِ لَهُ إلَى كَمَالِ الْعِتْقِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهُ قَبْلَ الْعِتْقِ. وَثَالِثُهَا دِيَةُ الْخَطَأِ تُورَثُ عَنْ الْمَقْتُولِ وَمِنْ ضَرُورَةِ الْإِرْثِ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْمَوْرُوثِ لِلْمَوْرُوثِ الْمَقْتُولِ فَيُقَدَّرُ مِلْكُهُ لِلدِّيَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِالزَّمَنِ الْفَرْدِ لِيَصِحَّ الْإِرْثُ وَنَحْنُ نَقْطَعُ بِعَدَمِ مِلْكِهِ لِلدِّيَةِ حَالَ حَيَاتِهِ فَقَدْ اجْتَمَعَ الْمِلْكُ الْمُقَدَّرُ وَعَدَمُهُ الْمُحَقَّقُ وَلَمْ يَتَنَافَيَا وَلَا نَقُولُ إنَّا بَيَّنَّا تَقَدُّمَ الْمِلْكِ لِلدِّيَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَرَابِعُهَا أَنَّ صَوْمَ التَّطَوُّعِ يَصِحُّ عِنْدَهُمْ بِنِيَّةٍ مِنْ الزَّوَالِ وَتَنْعَطِفُ هَذِهِ النِّيَّةُ تَقْدِيرًا إلَى الْفَجْرِ مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَ عَدَمُ النِّيَّةِ وَلَا يُقَالُ: تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ نَوَى قَبْلَ الْفَجْرِ لِأَنَّ الْفَرْضَ خِلَافُهُ وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي كِتَابِ الْأُمْنِيَةِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُقَدَّرَاتِ لَا تُنَافِي الْمُحَقَّقَاتِ.
(الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ) أَنَّ الْحُكْمَ كَمَا يَجِبُ تَأَخُّرُهُ عَنْ سَبَبِهِ يَجِبُ تَأَخُّرُهُ عَنْ شَرْطِهِ وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَدْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ فَلَفْظُ التَّعْلِيقِ هُوَ سَبَبٌ مُسَبَّبُهُ ارْتِبَاطُ الطَّلَاقِ بِقُدُومِ زَيْدٍ فَالْقُدُومُ هُوَ السَّبَبُ الْمُبَاشِرُ لِلطَّلَاقِ وَاللَّفْظُ هُوَ سَبَبُ السَّبَبِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ أَضْعَفَ مِنْ السَّبَبِ الْمُبَاشِرِ فَإِذَا جَوَّزُوا تَقْدِيمَهُ عَلَى السَّبَبِ الْقَوِيِّ فَلْيَجُزْ عَلَى السَّبَبِ الضَّعِيفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَإِنْ جَعَلُوا الْقُدُومَ شَرْطًا امْتَنَعَ التَّقَدُّمُ أَيْضًا.
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ: (وَثَانِيهَا أَنَّهُ إذَا قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي فَأَعْتَقَهُ فَإِنَّا نُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ بِالزَّمَنِ الْفَرْدِ تَحْقِيقًا لِلْعِتْقِ عَنْهُ وَثُبُوتِ الْوَلَاءِ لَهُ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ) قُلْتُ: لَا حَاجَةَ إلَى التَّقْدِيرِ لِلْمِلْكِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ عِتْقِ الْإِنْسَانِ عَبْدَهُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مِلْكِ ذَلِكَ الْغَيْرِ لِلْعَبْدِ وَلَا تَحْقِيقِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: (وَثَالِثُهَا دِيَةُ الْخَطَأِ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ فِيهَا مِنْ لُزُومِ تَقْدِيرِ مِلْكِ الدِّيَةِ وَعَدَمِ تَحْقِيقِهِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَمْلِكُ الدِّيَةَ تَحْقِيقًا عِنْدَ إنْفَاذِ مُقَاتِلِهِ وَقَبْلَ زُهُوقِ نَفْسِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ الْمِلْكِ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ لِتَعَذُّرِ تَحْقِيقِهِ بِكَوْنِ الدِّيَةِ مَوْقُوفَةً عَلَى اخْتِيَارِ الْأَوْلِيَاءِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَالْمَيِّتُ لَا يَمْلِكُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: (وَرَابِعُهَا أَنَّ صَوْمَ التَّطَوُّعِ يَصِحُّ عِنْدَهُمْ بِنِيَّةٍ مِنْ الزَّوَالِ إلَى آخِرِ قَوْلِهِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُقَدَّرَاتِ لَا تُنَافِي الْمُحَقَّقَاتِ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ.
قَالَ: (الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ أَنَّ الْحُكْمَ كَمَا يَجِبُ تَأَخُّرُهُ عَنْ سَبَبِهِ يَجِبُ تَأَخُّرُهُ عَنْ شَرْطِهِ وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَدْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ) قُلْتُ: رَبَطَ الْحُكْمَ بِسَبَبِهِ وَشَرْطُهُ وَضْعِيٌّ وَالْأُمُورُ الْوَضْعِيَّةُ لَا يَلْزَمُ فِيهَا عَلَى التَّعْيِينِ وَجْهٌ وَاحِدٌ بَلْ هِيَ بِحَسَبِ مَا وُضِعَتْ لَهُ فَلَوْ أَنَّ الْحُكْمَ وُضِعَ عَلَى وَجْهِ التَّأَخُّرِ عَنْ سَبَبِهِ كَانَ عَلَى مَا وُضِعَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَنَّهُ وُضِعَ عَلَى وَجْهِ التَّقَدُّمِ عَلَى سَبَبِهِ كَانَ كَذَلِكَ وَلَوْ أَنَّهُ وُضِعَ عَلَى وَجْهِ أَنْ يَكُونَ مَعَ سَبَبِهِ لَا مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ وَلَا مُتَأَخِّرًا عَنْهُ كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا لَكِنَّ الْوَاقِعَ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا عَلِمْت تَأَخُّرَ الْحُكْمِ عَنْ سَبَبِهِ وَشَرْطِهِ كَمَا حُكِيَ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَذَلِكَ فِي الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُفْتَقِرَةِ لِلشَّرْعِ أَمَّا الَّتِي وُكِلَتْ إلَى قَصْدِ الْمُكَلَّفِ فَهِيَ بِحَسَبِ قَصْدِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: (فَلَفْظُ التَّعْلِيقِ سَبَبُ مُسَبَّبِهِ ارْتِبَاطُ الطَّلَاقِ بِقُدُومِ زَيْدٍ إلَى قَوْلِهِ امْتَنَعَ التَّقْدِيمُ أَيْضًا) قُلْتُ: قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ أَضْعَفَ مِنْ السَّبَبِ الْمُبَاشِرِ إنْ أَرَادَ أَنَّ سَبَبَ السَّبَبِ فِي كَوْنِهِ سَبَبًا لِلسَّبَبِ أَضْعَفُ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
قَبْلُ وَبَعْدُ فَأَلْغِهِمَا لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ حَاصِلٌ بَعْدَ مَا هُوَ قَبْلَهُ وَقَبْلَ مَا هُوَ بَعْدَهُ فَلَا يَبْقَى حِينَئِذٍ إلَّا بَعْدَ يَوْمِ الْخَمِيسِ فَيَكُونُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ نَعَمْ الْفَاءُ بَعْدَ مَا قَبْلَ فِي بَيْتِ الْمَوْصِلِيِّ لِكَوْنِهِ مُبْدَلًا مِنْهُ وَالْمُبْدَلُ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ أَوْ لِكَوْنِ بَعْدَ يَوْمِ الْخَمِيسِ عَطْفُ بَيَانٍ لَهُ لَا لِمَا مَرَّ فِي الْقَاعِدَةِ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا غَدًا]
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) أَصْلُ مَالِكٍ تَقَدَّمَ وُقُوعُ الْمُعَلَّقِ مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ عَلَى الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الَّذِي جُعِلَ شَرْطًا وَعَلَى لَفْظِ التَّعْلِيقِ وَزَمَانِهِ وَأَصْلُ الشَّافِعِيِّ عَدَمُ تَقَدُّمِهِ عَلَى ذَلِكَ فَلِذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ فِي إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ (وَيَقَعُ) أَيْ يُحْكَمُ بِوُقُوعِ طَلَاقِ أَلْبَتَّةَ نَاجِزًا (وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ) وَلَيْسَ لِتَعْلِيقِهِ بِالْأَيَّامِ وَجْهٌ اهـ بِتَوْضِيحٍ مِنْ عبق.
وَقَالَ الْأَمِيرُ فِي مَجْمُوعِهِ وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك وَاحِدَةً بَعْدَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ قِيلَ لَهُ: أَمَا نَجَّزَتْهَا أَيْ الْوَاحِدَةَ وَلَا يَقَعُ عَلَيْك شَيْءٌ بَعْدَ الشَّهْرِ وَإِلَّا فَالْبَتَّةُ وَطَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ فَعَلَ غَدًا ثُمَّ فَعَلَ أَيْ أَثْنَاءَ الْغَدِ لَزِمَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِ الْحِنْثِ أَيْ لَا مِنْ يَوْمِ التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ يُعَدُّ قَوْلُهُ الْيَوْمَ لَغْوًا وَالْمُعْتَبَرُ وُجُودُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَصْلًا أَوْ فَعَلَ بَعْدَ غَدٍ لَمْ تَطْلُقْ اهـ بِتَوْضِيحٍ مِنْ عبق.
وَفِي الْجَوَاهِرِ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَيَقْدَمُ نِصْفَ النَّهَارِ تَطْلُقُ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا فَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الْقُدُومَ فَهُوَ تَقْدِيمُ الْحُكْمِ عَلَى شَرْطِهِ أَوْ الْيَوْمِ فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي طَالِقٍ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمَ فُلَانًا غَدًا إنْ كَلَّمَهُ الْيَوْمَ حَنِثَ وَغَدًا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِكَلَامِ غَدٍ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ الْيَوْمَ زَوْجَةً يَقْتَضِي اجْتِمَاعَ الْعِصْمَةِ وَعَدَمَهَا فَإِذَا كَلَّمَهُ الْيَوْمَ اجْتَمَعَ الشَّرْطُ وَالْمَشْرُوطُ فِي ظَرْفٍ وَاحِدٍ فَيُمْكِنُ تَرَتُّبُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ اهـ نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ عَنْهُ هُوَ خِلَافُ أَصْلِ مَالِكٍ بَلْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِكَلَامِ غَدٍ اهـ بِتَوْضِيحٍ لِلْمُرَادِ.
وَفِي الْبُنَانِيِّ عَلَى عبق عِنْدَ قَوْلِ خَلِيلٍ وَيَقَعُ وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ كَطَالِقٍ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا غَدًا قَصَدَ بِقَوْلِهِ وَيَقَعُ وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ وَبِمَا بَعْدَهُ الِاسْتِظْهَارُ عَلَى مُخَالَفَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حَيْثُ قَالَ فِي إنْ لَمْ