للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَالِ لَهُمْ كَمَا يَعْتَقِدُهُ جَهَلَةُ الْمُلُوكِ بَطَلَ الْوَقْفُ بَلْ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُوقِفُوا مُعْتَقِدِينَ أَنَّ الْمَالَ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْوَقْفُ لِلْمُسْلِمِينَ أَمَّا إنَّ الْمَالَ لَهُمْ وَالْوَقْفَ لَهُمْ فَلَا كَمَنْ وَقَفَ مَالَ غَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ لَهُ فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ فَكَذَلِكَ هَا هُنَا

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ

الْمَصْرُوفُ مِنْ الزَّكَاةِ لِلْمُجَاهِدِينَ لَيْسَ أُجْرَةً وَإِجَارَةً بَلْ أَرْزَاقٌ خَاصٌّ مِنْ مَالٍ خَاصٍّ وَهَلْ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لِهَذِهِ الْجِهَةِ فَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - هَلْ اللَّامُ لِلْمِلْكِ أَمْ لَا وَلَيْسَ هُوَ إجَارَةٌ وَإِلَّا لَاشْتُرِطَ فِيهِ مِقْدَارُ الْعَمَلِ وَالْمُدَّةِ الْمُوجِبَةِ لِتَعْيِينِ الْعَمَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ الْإِجَارَةِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ أَرْزَاقًا خَاصًّا مِنْ جِهَةٍ خَاصَّةٍ وَيَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْلِ الْأَرْزَاقِ بِأَنَّ أَصْلَ الْأَرْزَاقِ يَصِحُّ أَنْ يَبْقَى فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يُصْرَفُ فِي الْوَقْفِ وَهَذَا يَجِبُ صَرْفُهُ إمَّا فِي جِهَةِ الْمُجَاهِدِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْجِهَاتِ الثَّمَانِيَةِ لِأَنَّ جِهَةَ هَذَا الْمَالِ عَيَّنَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إخْرَاجُهَا فِيهَا إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مَانِعٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ جِهَةٍ عَيَّنَهَا اللَّهُ تَعَالَى كَالْخُمُسِ يَتَعَيَّنُ الْمُبَادَرَةُ إلَى صَرْفِهِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ وَأَمَّا مَا يُورَثُ عَنْ الْمَوْتَى مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يُحَازُ عَنْ الْغَائِبِ الْمُنْقَطِعِ خَبَرُهُ فَهَذَا لَا جِهَةَ لَهُ إلَّا مَا يَعْرِضُ مِنْ الْمَصَالِحِ فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَرْزَاقِ الْخَاصَّةِ وَبَقِيَّةِ الْأَرْزَاقَاتِ

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ

مَا يُصْرَفُ لِلْقَسَّامِ لِلْعَقَارِ بَيْنَ الْخُصُومِ مِنْ جِهَةِ الْحُكَّامِ وَالتُّرْجُمَانِ الَّذِي يُتَرْجِمُ الْكُتُبَ عِنْدَ الْحُكَّامِ وَكَاتِبِ الْحَاكِمِ وَأُمَنَاءِ الْحُكَّامِ عَلَى الْأَيْتَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَذَلِكَ كُلُّهُ أَرْزَاقٌ لَا إجَارَةٌ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْأَرْزَاقِ دُونَ أَحْكَامِ الْإِجَارَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَكَذَلِكَ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْخَرَّاصُ عَلَى خَرْصِ الْأَمْوَالِ الزَّكَوِيَّةِ مِنْ الدَّوَالِي وَالنَّخْلِ وَسُعَاةِ الْمَوَاشِي وَالْعُمَّالِ عَلَى الزَّكَاةِ كُلُّ ذَلِكَ أَرْزَاقٌ لَا إجَارَةٌ وَنَحْوُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِمَّا هُوَ فِي سِلْكِهَا يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا فَقَدْ اتَّضَحَ لَك بِهَذِهِ الْمَسَائِلِ الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَرْزَاقِ وَقَاعِدَةِ الْإِجَارَةِ وَقَاعِدَةِ وَقْفِ الْمُلُوكِ وَأَحْكَامُ ذَلِكَ الْمُخْتَلِفَةُ الْأَوْضَاعِ

(الْفَرْقُ السَّادِسَ عَشَرَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ اسْتِحْقَاقِ السَّلَبِ فِي الْجِهَادِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِقْطَاعِ وَغَيْرِهِ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْأَئِمَّةِ وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْإِمَامِ وَلَيْسَ بِإِجَارَةٍ)

وَاعْلَمْ أَنَّ السَّلَبَ عِنْدَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِقَوْلِ الْإِمَامِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ وَأَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ بِمُجَرَّدِ الْقَتْلِ وَقَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يُسْتَحَقُّ بِمُجَرَّدِ الْقَتْلِ وَأَنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِفُتْيَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ لَا بِتَصَرُّفِهِ بِطَرِيقِ الْإِمَامَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ تَصَرُّفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهَا عَلَى

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الرِّزْقَ أَوْ الْوَقْفَ إلَّا إذَا قَامَ بِذَلِكَ الْوَجْهِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِي إطْلَاقِهِ لِتِلْكَ الْأَرْزَاقِ أَوْ الْوَاقِفُ فِي شَرْطِهِ قُلْت وَمِنْهَا إلَى آخِرِ مَا مَرَّ فِي الْأَرْزَاقِ عَلَى الْقَضَاءِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَانْظُرْ ذَلِكَ وَحَرِّرْ.

[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الْإِقْطَاعَاتُ الَّتِي تُجْعَلُ لِلْأُمَرَاءِ وَالْأَجْنَادِ]

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ)

الْإِقْطَاعَاتُ الَّتِي يَجْعَلُهَا الْإِمَامُ لِلْأُمَرَاءِ وَالْأَجْنَادِ مِنْ الْأَرَاضِيِ الْخَرَاجِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الرِّبَاعِ وَالْعَقَارِ أَرْزَاقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِعَانَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَهِيَ وَإِنْ شَارَكَتْ الْإِجَارَةَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَنَاوُلُهَا بِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّهَيُّؤِ لِلْحَرْبِ وَلِقَاءِ الْأَعْدَاءِ وَالْمُنَاضَلَةِ عَلَى الدِّينِ وَنُصْرَةِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالِاسْتِعْدَادِ بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ وَالْأَعْوَانِ عَلَى ذَلِكَ فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا شَرَطَهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّنَاوُلُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَنَاوُلُ الْأُجْرَةِ لِمَنْ لَمْ يَقُمْ بِمَا تَضَمَّنَهُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ إذْ كَمَا أَنَّ الْأُجْرَةَ لَا تُسْتَحَقُّ إلَّا بِالْوَفَاءِ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ لِوُجُوبِهِ، كَذَلِكَ مَالُ بَيْتِ الْمَالِ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالْوَفَاءِ بِمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِي إطْلَاقِهِ لِتِلْكَ الْأَرْزَاقِ إلَّا أَنَّهَا تُخَالِفُ الْإِجَارَةَ فِي أَحْكَامٍ.

(أَحَدُهَا) أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فَوْقَ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُقْتَطَعُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْوَظِيفَةِ غَلَطًا أَوْ جَوْرًا مِنْ الْإِمَامِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُقْتَطَعُ لَهُ ذَلِكَ الزَّائِدَ بَلْ يَبْقَى فِي يَدِهِ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً يَجِبُ رَدُّهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلِلْإِمَامِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنْهُ وَلِمَنْ ظَفَرَ بِهِ مِمَّنْ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ حَقٌّ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ إنْ كَانَ عَدْلًا أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ إنْ كَانَ جَائِرًا وَالْإِجَارَةُ تَنْعَقِدُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَبِأَكْثَرَ مِنْهَا وَيَسْتَحِقُّ الْمَعْقُودُ لَهُ الزَّائِدَ وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ إذَا كَانَ الْحَالُ وَالِاجْتِهَادُ اقْتَضَى ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِمَّنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَتَنَاوَلَ ذَلِكَ الزَّائِدَ مِنْ الْأُجْرَةِ لِكَوْنِهِ مُسْتَحِقًّا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ لِمَنْ عَقَدَ لَهُ.

(الثَّانِي) أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْإِقْطَاعَاتِ مِقْدَارٌ مِنْ الْعَمَلِ وَلَا أَجَلٌ تَنْتَهِي إلَيْهِ وَقَوَاعِدُ الْإِجَارَةِ اشْتِرَاطُ الْأَجَلِ وَمِقْدَارُ الْمَنْفَعَةِ وَنَوْعِهَا (الثَّالِثُ) أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ هَذِهِ الْإِقْطَاعَاتِ عَمَّنْ اقْتَطَعَهَا لَهُ إلَى غَيْرِهِ عَلَى حَسَبِ مَا تَقْتَضِيه الْمَصْلَحَةُ وَلَوْ كَانَتْ عَقْدَ إجَارَةٍ لَامْتَنَعَ نَقْلُهَا مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ.

(الرَّابِعُ) أَنَّ الْأَمِيرَ أَوْ الْجُنْدِيَّ إذَا آجَرَ مَا جَعَلَهُ الْإِمَامُ لَهُ مِنْ الْإِقْطَاعَاتِ ثُمَّ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْعَقْدِ قَبْلَ انْقِضَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>