للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْدَرَجَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا تَنْدَرِجُ الْحِجَارَةُ الْمَخْلُوقَةُ فِيهَا دُونَ الْمَدْفُونَةِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ مَلَكَ ظَاهِرَ الْأَرْضِ مَلَكَ بَاطِنَهَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَنْدَرِجُ فِي الْأَرْضِ الْبِنَاءُ الْكَثِيرُ وَلَا الْغَرْسُ، وَعِنْدَنَا يَنْدَرِجُ فِي لَفْظِ الدَّارِ الْخَشَبُ الْمُسَمَّرُ وَالسُّلَّمُ الْمُسْتَقِلُّ، وَيَنْدَرِجُ الْمَعْدِنُ فِي لَفْظِ الْأَرْضِ دُونَ الْكَنْزِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مِنْ الْأَجْزَاءِ، فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ.

وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَنْدَرِجُ فِي الْأَرْضِ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَفِي لَفْظِ الدَّارِ الْأَبْوَابُ وَالْخَوَابِي الْمَدْفُونَةُ وَالرُّفُوفُ الْمُسَمَّرَةُ وَمَا هُوَ مِنْ مَصَالِحِهَا دُونَ الْحَجَرِ الْمَدْفُونِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَدِيعَةِ وَتَنْدَرِجُ الْحِجَارَةُ الْمَخْلُوقَةُ فِيهَا وَالْمَعْدِنُ دُونَ الْكَنْزِ، وَعِنْدَنَا إذَا بَاعَ الْبِنَاءَ يَنْدَرِجُ فِيهِ الْأَرْضُ كَمَا انْدَرَجَ فِي لَفْظِ الدَّارِ التَّوَابِيتُ وَمَرَافِقُ الْبِنَاءِ كَالْأَبْوَابِ وَالرُّفُوفِ وَالسُّلَّمِ الْمُثَبَّتِ دُونَ الْمَنْقُولَاتِ وَلَفْظُ الْعَبْدِ يَتْبَعُهُ ثِيَابُهُ الَّتِي

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

(الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) قَالَ الْحَفِيدُ أَيْضًا اتَّفَقُوا عَلَى صِحَّةِ خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ خِيَارِ الْأَجْنَبِيِّ فَقَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ ذَلِكَ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ الَّذِي جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ وَلَا يَجُوزُ الْخِيَارُ عِنْدَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ وَبِقَوْلِ مَالِكٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَاتَّفَقَ الْمَذْهَبُ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لِلْأَجْنَبِيِّ إذَا جَعَلَهُ اخْتَلَفَ لَهُ الْمُتَبَايِعَانِ وَإِنَّ قَوْلَهُ لَازِمٌ لَهُمَا وَاخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ إذَا جَعَلَهُ أَحَدُهُمَا فَاخْتَلَفَ الْبَائِعُ، وَمَنْ جَعَلَ لَهُ الْبَائِعُ الْخِيَارَ وَهُوَ الْمُشْتَرِي، وَمَنْ جَعَلَ لَهُ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ فَقِيلَ الْقَوْلُ فِي الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ قَوْلُ الْأَجْنَبِيِّ سَوَاءٌ اشْتَرَطَ خِيَارَهُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي.

وَقَالَ عَكْسُ هَذَا الْقَوْلِ مَنْ جَعَلَ خِيَارَهُ هُنَا كَالْمَشُورَةِ، وَقِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَيْ إنَّ الْقَوْلَ فِي الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ قَوْلُ الْبَائِعِ دُونَ الْأَجْنَبِيِّ وَقَوْلُ الْأَجْنَبِيِّ دُونَ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ مُشْتَرِطُ الْخِيَارِ، وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمَا الْإِمْضَاءَ فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ الْإِمْضَاءَ وَأَرَادَ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي اشْتَرَطَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي خِيَارَهُ الرَّدُّ وَوَافَقَهُ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ الرَّدُّ وَأَرَادَ الْأَجْنَبِيُّ الْمَذْكُورُ الْإِمْضَاءَ وَوَافَقَهُ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، وَقِيلَ بِالْفَرْقِ فِي هَذَا بَيْنِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَيْ إنْ اشْتَرَطَهُ الْبَائِعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ أَرَادَ الْإِمْضَاءَ مِنْهُمَا وَإِنْ اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ ضَعِيفٌ اهـ.

٢ -

(الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ) قَالَ الْحَفِيدُ أَيْضًا اخْتَلَفُوا فِيمَنْ اشْتَرَطَ مِنْ الْخِيَارِ مَا لَا يَجُوزُ مِثْل أَنْ يَشْتَرِطَ أَجَلًا مَجْهُولًا أَوْ خِيَارًا فَوْقَ الثَّلَاثِ عِنْدَ مَنْ لَا يُجَوِّزُ الْخِيَارَ فَوْقَ الثَّلَاثِ أَوْ خِيَارَ رَجُلٍ بَعِيدِ الْمَوْضِعِ بِعَيْنِهِ أَعْنِي أَجْنَبِيًّا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَإِنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَصِحُّ الْبَيْعُ مَعَ إسْقَاطِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ فَأَصْلُ الْخِلَافِ هُوَ الْفَسَادُ الْوَاقِعُ فِي الْبَيْعِ مِنْ قِبَلِ الشَّرْطِ يَتَعَدَّى إلَى الْعَقْدِ أَمْ لَا يَتَعَدَّى وَإِنَّمَا هُوَ فِي الشَّرْطِ فَقَطْ فَمَنْ قَالَ يَتَعَدَّى أَبْطَلَ الْبَيْعَ وَإِنْ أَسْقَطَهُ، وَمَنْ قَالَ لَا يَتَعَدَّى قَالَ الْبَيْعُ يَصِحُّ إذَا أَسْقَطَ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ؛ لِأَنَّهُ يَتَبَقَّى الْعَقْدُ صَحِيحًا اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَنْتَقِلُ إلَى الْأَقَارِبِ مِنْ الْأَحْكَامِ غَيْرِ الْأَمْوَالِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَنْتَقِلُ مِنْ الْأَحْكَامِ]

(الْفَرَقُ السَّابِعُ وَالتِّسْعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَنْتَقِلُ إلَى الْأَقَارِبِ مِنْ الْأَحْكَامِ غَيْرِ الْأَمْوَالِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَنْتَقِلُ مِنْ الْأَحْكَامِ)

قَدْ عَلِمْت مِنْ كَلَامِ الْحَفِيدِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ مَسَائِلِ خِيَارِ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي انْتِقَالِ الْأَمْوَالِ إلَى الْأَقَارِبِ وَمِنْ الْخِلَافِ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي الْحُقُوقِ وَذَلِكَ أَنَّهُ.

وَإِنْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَلِوَرَثَتِهِ» إلَّا أَنَّ الْحُقُوقَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، بَلْ مِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ كَخِيَارِ الشُّفْعَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ فِي الْبِيَاعَاتِ وَخِيَارِ الرَّدِّ فِي الْبَيْعِ وَخِيَارِ تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ وَخِيَارِ التَّعْيِينِ كَأَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا مِنْ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ وَخِيَارُ الْوَصِيَّةِ إذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَخِيَارِ الْإِقَالَةِ وَالْقَبُولِ وَمِنْهَا مَا يَدْفَعُ ضَرَرًا عَنْ الْوَارِثِ فِي عِرْضِهِ بِتَخْفِيفِ أَلَمِهِ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَقِصَاصِ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحِ وَالْمَنَافِعِ فِي الْأَعْضَاءِ وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْمَوْرُوثِ وَعَقْلِهِ وَشَهْوَتِهِ كَالْوِلَايَاتِ وَالْمَنَاصِبِ وَالْأَمَانَةِ وَالْوَكَالَةِ وَاللِّعَانِ وَالْفَيْئَةِ وَالْعَوْدِ وَاخْتِيَارِ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يُبْقُوا لَفْظَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عَلَى عُمُومِهِ، بَلْ خَصُّوهُ بِمَا يَنْتَقِلُ مِنْهَا لِلْوَارِثِ وَضَابِطُهُ أَنَّهُ كُلُّ مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْمَالِ أَوْ يَدْفَعُ ضَرَرًا عَنْ الْوَارِثِ فِي عِرْضِهِ بِتَخْفِيفِ أَلَمِهِ.

وَأَمَّا مَا لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ مِنْهَا فَلَا يَشْمَلُهُ لَفْظُ الْحَدِيثِ وَضَابِطُهُ أَنَّهُ كُلُّ مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِنَفْسِ الْمَوْرُوثِ وَالسِّرُّ فِي الْفَرْقِ أَنَّ الْوَرَثَةَ يَرِثُونَ الْمَالَ فَيَرِثُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَبَعًا لَهُ وَلَا يَرِثُونَ عَقْلَ مُوَرِّثِهِمْ وَلَا شَهْوَتَهُ وَلَا نَفْسَهُ فَلَا يَرِثُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ ضَرُورَةً أَنَّ مَا لَا يُورَثُ لَا يُورَثُ كَمَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لَحْمًا أَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ كُلَّ مَا يَخْرُجُ عَنْ حُقُوقِ الْأَمْوَالِ إلَّا صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْقَذْفُ وَثَانِيَتهَا قِصَاصُ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحِ وَالْمَنَافِعِ فَإِنَّ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَإِنْ خَرَجَتَا عَنْ حُقُوقِ الْأَمْوَالِ تَنْتَقِلَانِ لِلْوَارِثِ لِأَجْلِ شِفَاءِ غَلِيلِهِ بِمَا دَخَلَ عَلَى عِرْضِهِ مِنْ قَذْفِ مُوَرِّثِهِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ قِصَاصُ النَّفْسِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ فَرْعُ زُهُوقِ النَّفْسِ لَمْ يَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>