أُعْطِيَاتُ النَّاسِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَاخْتُلِفَ فِي طَعَامِ أَهْلِ الصُّلْحِ وَوَقَعَتْ الرُّخْصَةُ فِي الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ تَنْزِيلًا لِلثَّانِي مَنْزِلَةَ الْأَوَّلِ الْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَفْتَرِقَ الْعَقْدَانِ فِي أَجَلٍ أَوْ مِقْدَارٍ أَوْ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِالْمُكَايَسَةِ، وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الْجَمِيعَ نَظَرًا لِلنَّقْلِ وَالْمُعَاوَضَةِ فَهَذَا تَلْخِيصُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ.
(الْفَرْقُ التَّاسِعُ وَالتِّسْعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَتْبَعُ الْعَقْدَ عُرْفًا وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَتْبَعُهُ) قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ إذَا قَالَ أَشْرَكْتُك مَعِي فِي السِّلْعَةِ يُحْمَلُ عَلَى النِّصْفِ وَبَيْعُ الْأَرْضِ يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ الْأَشْجَارُ وَالْبِنَاءُ دُونَ الزَّرْعِ الظَّاهِرِ كَمَا بَوَّرَ الثِّمَارِ فَإِنْ كَانَ كَامِنًا فِي الْأَرْضِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
الْأَمْصَارِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَحَاصِلُهَا هَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا وَإِنْ جَازَ مُقَيَّدًا فَكَمْ مِقْدَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ مُطْلَقًا فَهَلْ مِنْ شَرْطِ ذَلِكَ أَنْ لَا يَقَعَ الْخِيَارُ فِي الثَّلَاثِ أَمْ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ وَإِنْ وَقَعَ فِي الثَّلَاثِ اهـ
٢ -
(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) قَالَ الْحَفِيدُ أَيْضًا فِي جَوَازِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ فِيهِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ قَوْلَانِ وَالْقَوْلُ بَعْدَ الْجَوَازِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ لِتَرَدُّدِهِ عِنْدَهُمْ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْبَيْعِ وَفِيهِ ضَعْفٌ اهـ.
٢ -
(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ)
قَالَ الْحَفِيدُ أَيْضًا اخْتَلَفُوا فِي ضَمَانِ الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مِمَّنْ يَكُونُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ مُصِيبَتُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَمِينٌ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَعُمْدَتُهُمْ أَنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ فَلَمْ يَنْتَقِلْ الْمِلْكُ عَنْ الْبَائِعِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك وَلَمْ يَقُلْ الْمُشْتَرِي قَبِلْت، وَقَدْ قِيلَ فِي الْمَذْهَبِ إنَّهُ إنْ كَانَ هَلَكَ بِيَدِ الْبَائِعِ فَلَا خِلَافَ فِي ضَمَانِهِ إيَّاهُ وَإِنْ كَانَ هَلَكَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَالْحُكْمُ كَالْحُكْمِ فِي الرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ إنْ كَانَ مِمَّا يَغْلِبُ عَلَيْهِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ كَانَ شَرْطُ الْخِيَارِ لِكِلَيْهِمَا أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمَبِيعُ عَلَى مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُشْتَرِطُ وَحْدَهُ وَمَعَ الْمُشْتَرِي.
وَأَمَّا إنْ كَانَ شَرَطَهُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ فَقَدْ خَرَجَ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَبَقِيَ مُعَلَّقًا حَتَّى يَنْقَضِيَ بِالْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَشْتَرِطْ الْبَائِعُ خِيَارًا كَانَ خَارِجًا عَنْ مِلْكِهِ وَلَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي رَدِّ الْآخَرِ لَهُ وَلَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ يُمَانِعُ الْحُكْمَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُصِيبَةً مِنْ أَحَدِهِمَا، وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ عِنْدَهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ هُوَ الْمُشْتَرِطُ فَقَطْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ صَرَفَهُ عَنْ مِلْكِهِ وَأَبَانَهُ فَوَجَبَ أَنْ يَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ أَشْهَرُهُمَا أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَيِّهِمَا كَانَ الْخِيَارُ تَشْبِيهًا لِبَيْعِ الْخِيَارِ بِالْبَيْعِ اللَّازِمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِقِيَاسِهِ مَوْضِعَ الْخِلَافِ عَلَى مَوْضِعِ الِاتِّفَاقِ، وَهَذَا الْخِلَافُ آيِلٌ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ هَلْ هُوَ مُشْتَرَطٌ لِإِيقَاعِ الْفَسْخِ فِي الْبَيْعِ أَوْ لِتَتْمِيمِ الْبَيْعِ فَإِذَا قُلْنَا بِفَسْخِ الْبَيْعِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَإِذَا قُلْنَا بِتَتْمِيمِهِ فَهُوَ فِي ضَمَانِهِ اهـ.
٢ -
(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) قَالَ الْحَفِيدُ أَيْضًا هَلْ يُورَثُ خِيَارُ الْبَيْعِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا يُورَثُ وَإِنَّهُ إذَا مَاتَ صَاحِبُ الْخِيَارِ فَلِوَرَثَتِهِ مِنْ الْخِيَارِ مِثْلُ مَا كَانَ لَهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَبْطُلُ الْخِيَارُ بِمَوْتِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَيَتِمُّ الْبَيْعُ وَهَكَذَا عِنْدَهُ خِيَارُ الشُّفْعَةِ وَخِيَارُ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ وَخِيَارُ الْإِقَالَةِ وَسَلَّمَ لَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ خِيَارَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَعْنِي أَنَّهُ قَالَ يُورَثُ.
وَكَذَلِكَ خِيَارُ اسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَخِيَارُ الْقِصَاصِ وَخِيَارُ الرَّهْنِ وَسَلَّمَ لَهُمْ مَالِكٌ خِيَارَ رَدِّ الْأَبِ مَا وَهَبَهُ لِابْنِهِ أَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَرَ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ مِنْ الْخِيَارِ فِي رَدِّ مَا وَهَبَهُ لِابْنِهِ مَا جَعَلَ الشَّرْعُ مِنْ ذَلِكَ لَهُ أَيْ لِلْأَبِ الْمَيِّتِ، وَكَذَلِكَ خِيَارُ الْكِتَابَةِ وَالطَّلَاقِ وَاللِّعَانِ وَمَعْنَى خِيَارِ الطَّلَاقِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِرَجُلٍ آخَرَ طَلِّقْ امْرَأَتِي مَتَى شِئْت فَيَمُوتُ الرَّجُلُ الْمَجْعُولُ لَهُ الْخِيَارُ فَإِنَّ وَرَثَتَهُ لَا يَتَنَزَّلُونَ مَنْزِلَتَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَسَلَّمَ الشَّافِعِيُّ مَا سَلَّمَتْ الْمَالِكِيَّةُ لِلْحَنَفِيَّةِ مِنْ هَذِهِ الْخِيَارَاتِ وَسَلَّمَ زَائِدَ خِيَار الْإِقَالَةِ وَالْقَبُولِ قَالَ لَا يُورَثَانِ وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ هَلْ الْأَصْلُ أَنْ تُورَثَ الْحُقُوقُ كَالْأَمْوَالِ أَوْ أَنْ تُورَثَ الْأَمْوَالُ دُونَ الْحُقُوقِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ يُشْبِهُ مِنْ هَذَا مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ خَصْمُهُ مِنْهَا بِمَا يُسَلِّمُهُ مِنْهَا لَهُ وَيَحْتَجُّ عَلَى خَصْمِهِ فَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ تَحْتَجُّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وِرَاثَةَ خِيَارِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَيُشْبِهُ سَائِرَ الْخِيَارَاتِ الَّتِي يُورَثُهَا بِهِ وَالْحَنَفِيَّةُ تَحْتَجُّ أَيْضًا عَلَى الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ بِمَا تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَرُومُ أَنْ يُعْطِيَ فَارِقًا يَخْتَلِفُ فِيهِ.
قَوْلُهُ وَمُشَابِهًا فِيمَا يَتَّفِقُ فِيهِ قَوْلُهُ وَيَرُومُ فِي قَوْلِهِ خَصْمُهُ بِالضِّدِّ أَعْنِي أَنْ يُعْطِيَ فَارِقًا فِيمَا يَمْنَعُهُ الْخَصْمُ مُتَّفِقًا وَيُعْطِي اتِّفَاقًا فِيمَا يَضَعُهُ الْخَصْمُ مُتَبَايِنًا مَثَلًا تَقُولُ الْمَالِكِيَّةُ إنَّمَا قُلْنَا إنَّ خِيَارَ الْأَبِ فِي رَدِّ هِبَتِهِ لَا يُورَثُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خِيَارٌ رَاجِعٌ إلَى صِفَةٍ فِي الْأَبِ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ وَهِيَ الْأُبُوَّةُ فَوَجَبَ أَنْ لَا تُورَثَ إلَى لَا صِفَةَ فِي الْعَقْدِ، وَهَذَا هُوَ سَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي خِيَارٍ أَعْنِي: أَنَّهُ مَنْ انْقَدَحَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْعَقْدِ وَرِثَهُ، وَمَنْ انْقَدَحَ لَهُ أَنَّهُ صِفَةٌ خَاصَّةٌ بِذِي الْخِيَارِ لَمْ يُوَرَّثْهُ هُوَ سَيَأْتِي تَوْضِيحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْفَرْقِ الَّذِي تِلْوُ هَذَا الْفَرْقِ فَتَرَقَّبْ
٢ -