للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَيْئَةُ شَهْوَتُهُ وَالْعَوْدُ إرَادَتُهُ وَاخْتِيَارُ الْأُخْتَيْنِ وَالنِّسْوَةِ إرَبُهُ وَمَيْلُهُ وَقَضَاؤُهُ عَلَى الْمُتَبَايِعَيْنِ عَقْلُهُ وَفِكْرَتُهُ وَرَأْيُهُ وَمَنَاصِبُهُ وَوِلَايَاتُهُ وَآرَاؤُهُ وَاجْتِهَادَاتُهُ وَأَفْعَالُهُ الدِّينِيَّةُ فَهُوَ دِينُهُ وَلَا يَنْتَقِلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِثْ مُسْتَنِدَهُ وَأَصْلَهُ، وَانْتَقَلَ لِلْوَارِثِ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعَاتِ.

وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ وَيَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ خِيَارُ الشُّفْعَةِ عِنْدَنَا وَخِيَارُ التَّعْيِينِ إذَا اشْتَرَى مُوَرِّثُهُ عَبْدًا مِنْ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ، وَخِيَارُ الْوَصِيَّةِ إذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَخِيَارُ الْإِقَالَةِ وَالْقَبُولِ إذَا أَوْجَبَ الْبَيْعَ لِزَيْدٍ فَلِوَارِثِهِ الْقَبُولُ وَالرَّدُّ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا قَالَ مَنْ جَاءَنِي بِعَشَرَةٍ فَغُلَامِي لَهُ فَمَتَى جَاءَ أَحَدٌ بِذَلِكَ إلَى شَهْرَيْنِ لَزِمَهُ وَخِيَارُ الْهِبَةِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ خِيَارَ الشُّفْعَةِ وَسَلَّمَ خِيَارَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارَ تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ وَحَقُّ الْقِصَاصِ وَحَقُّ الرَّهْنِ وَحَبْسُ الْمَبِيعِ وَخِيَارُ مَا وُجِدَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْغَنِيمَةِ فَمَاتَ رَبُّهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ أَخْذَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَوَافَقْنَاهُ نَحْنُ عَلَى خِيَارِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

صَاعٍ بِصَاعَيْنِ وَإِنَّمَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا عَقْدُ الدَّرَاهِمِ فَأُبِيحَ وَجَوَابُهُ إنَّا إنَّمَا نَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ الثَّانِي مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَذْكُورًا فِي الْخَبَرِ مَعَ أَنَّ بَيْعَ النَّقْدِ إذْ تَقَابَضَا فِيهِ ضَعْفُ التُّهْمَةِ وَإِنَّمَا الْمَنْعُ حَيْثُ تَقْوَى

(الْأَمْرُ الثَّالِثُ) إنَّ الْعَقْدَ الْمُقْتَضِي لِلْفَسَادِ لَا يَكُونُ فَاسِدًا إذَا صَحَّتْ أَرْكَانُهُ كَبَيْعِ السَّيْفِ مِنْ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَالْعِنَبِ مِنْ الْخِمَارِ مَعَ أَنَّ الْفَسَادَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ أَعْظَمُ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا لِمَا فِيهِ مِنْ ذَهَابِ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ وَجَوَابُهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَغْرَاضُ الْفَاسِدَةُ هِيَ الْبَاعِثَةُ عَلَى الْعَقْدِ وَإِلَّا مُنِعَ كَمَا فِي عُقُودِ صُوَرِ النِّزَاعِ كَمَا تَقَدَّمَ تَوْضِيحُهُ قَالَ الْحَفِيدُ فِي الْبِدَايَةِ وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ اهـ.

هَذَا تَوْضِيحُ مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الذَّرَائِعِ الَّتِي يَجِبُ سَدُّهَا وَالذَّرَائِعُ الَّتِي لَا يَجِبُ سَدُّهَا وَالْخِلَافُ فِيهِ وَالْوِفَاقُ وَالْمَدَارِكُ فِي ذَلِكَ وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ الْخَرَشِيِّ وَحَاشِيَتِهِ وَالْبِدَايَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْعَطَّارِ عَلَى مُحَلَّى جَمْعِ الْجَوَامِعِ أَنَّ صَاحِبَ جَمْعِ الْجَوَامِعِ قَالَ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْقَرَافِيُّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ أَيْ قَاعِدَةَ سَدِّ الذَّرَائِعِ عَلَى أَعَمَّ مِنْهَا، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَقُولُ بِبَعْضِهَا مَعَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَقُولُ بِشَيْءٍ مِنْهَا كَمَا سَيَتَّضِحُ وَأَنَّ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى سَدِّ الذَّرَائِعِ فِي شَيْءٍ نَعَمْ حَاوَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَخْرِيجَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ الْأُمِّ عِنْدَ النَّهْيِ عَنْ مَنْعِ الْمَاءِ أَيُمْنَعُ بِهِ الْكَلَأُ إنْ كَانَ ذَرِيعَةً إلَى مَنْعِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَمْ يَحِلَّ، وَكَذَا مَا كَانَ ذَرِيعَةً إلَى إحْلَالِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ اهـ فَقَالَ فِي هَذَا مَا يُثْبِتُ أَنَّ الذَّرَائِعَ إلَى الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ تُشْبِهُ مَعَانِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ اهـ.

وَنَازَعَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْوَالِدُ يَعْنِي وَالِدَهُ تَقِيَّ الدِّينِ السُّبْكِيّ، وَقَالَ إنَّمَا أَرَادَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ لَا سَدَّ الذَّرَائِعِ وَالْوَسَائِلُ تَسْتَلْزِمُ الْمُتَوَسَّلَ إلَيْهِ وَمِنْ هَذَا مَنْعُ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ مَنْعَ الْكَلَأِ الَّذِي هُوَ حَرَامٌ وَنَحْنُ لَا نُنَازِعُ فِيمَا يَسْتَلْزِمُ مِنْ الْوَسَائِلِ وَلِذَلِكَ نَقُولُ مَنْ حَبَسَ شَخْصًا وَمَنَعَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَهُوَ قَاتِلٌ لَهُ وَمَا هَذَا مِنْ سَدِّ الذَّرَائِعِ فِي شَيْءٍ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي نَفْيِ الذَّرَائِعِ لَا فِي سَدِّهَا وَأَصْلُ النِّزَاعِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَالِكِيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي سَدِّهَا اهـ. فَتَنَبَّهْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْفَسْخِ وَقَاعِدَةِ الِانْفِسَاخِ]

(الْفَرْقُ الْخَامِسُ وَالتِّسْعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْفَسْخِ وَقَاعِدَةِ الِانْفِسَاخِ) وَهُوَ مِنْ جِهَتَيْنِ

الْجِهَةُ (الْأُولَى) أَنَّ الْفَسْخَ فِعْلُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ الْحَاكِمِ إذَا ظَفِرُوا بِالْعُقُودِ الْمُحَرَّمَةِ وَالِانْفِسَاخُ صِفَةُ الْعِوَضَيْنِ

(الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ) أَنَّ الْفَسْخَ سَبَبٌ شَرْعِيٌّ وَالِانْفِسَاخُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مُسَبَّبٌ عَنْهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْفَسْخَ قَلْبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعِوَضَيْنِ لِصَاحِبِهِ وَالِانْفِسَاخُ انْقِلَابُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعِوَضَيْنِ لِصَاحِبِهِ فَالْأَوَّلُ مِنْ مَقُولَةِ الْفِعْلِ وَالثَّانِي مِنْ مَقُولَةِ الِانْفِعَالِ وَبِتَحْرِيرِ هَذَا الْفَرْقِ يُعْلَمُ أَنَّ حَقِيقَةَ الْفَسْخِ مُنْتَفِيَةٌ عَنْ الْخُلْعِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ انْقِلَابِ الصَّدَاقِ لِبَاذِلِهِ، بَلْ يَجُوزُ بِغَيْرِ الصَّدَاقِ إجْمَاعًا وَبِذَلِكَ يَتَّضِحُ وَجْهُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ جَعَلَ الْخُلْعَ فَسْخًا كَمَا فِي الْأَصْلِ وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ قَالَ الْحَفِيدُ فِي بِدَايَتِهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَسَوَّى أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ فَسْخٌ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَدَاوُد وَمِنْ الصَّحَابَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا وَإِلَّا كَانَ فَسْخًا، وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ الْجَدِيدِ أَنَّهُ طَلَاقٌ وَفَائِدَةُ الْفَرْقِ هَلْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي التَّطْلِيقَاتِ أَمْ لَا وَجُمْهُورُ مَنْ رَأَى أَنَّهُ طَلَاقٌ يَجْعَلُهُ بَائِنًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلزَّوْجِ فِي الْعِدَّةِ مِنْهُ الرَّجْعَةُ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لِافْتِدَائِهَا مَعْنًى، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إنْ لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ كَانَ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ احْتَجَّ مَنْ جَعَلَهُ طَلَاقًا بِأَنَّ الْفُسُوخَ إنَّمَا هِيَ الَّتِي تَقْتَضِي الْفُرْقَةَ الْغَالِبَةَ لِلزَّوْجِ فِي الْفِرَاقِ مِمَّا لَيْسَ يَرْجِعُ إلَى اخْتِيَارِهِ.

وَهَذَا رَاجِعٌ إلَى اخْتِيَارٍ، فَلَيْسَ بِفَسْخٍ وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَهُ طَلَاقًا بِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ الطَّلَاقَ فَقَالَ {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩] ، ثُمَّ ذَكَرَ الِافْتِدَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>