لِأَنَّ ذَلِكَ فُتْيَا لَا حُكْمٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ حَاكِمٌ قَدْ ثَبَتَ عِنْدِي الدَّيْنُ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ أَوْ لَا يُسْقِطُهَا أَوْ مِلْكُ نِصَابٍ مِنْ الْحُلِيِّ الْمُتَّخَذِ بِاسْتِعْمَالِ الْمُبَاحِ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ أَوْ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الزَّكَاةَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْأَضَاحِيِّ، وَالْعَقِيقَةِ، وَالْكَفَّارَاتِ، وَالنُّذُورِ، وَنَحْوِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا أَوْ فِي أَسْبَابِهَا لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ بَلْ يَتَّبِعُ مَذْهَبَهُ فِي نَفْسِهِ.
وَلَا يَلْزَمُهُ قَوْلُ ذَلِكَ الْقَائِلِ لَا فِي عِبَادَةٍ، وَلَا فِي سَبَبِهَا وَلَا شَرْطِهَا، وَلَا مَانِعِهَا، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ قَالَ لَا تُقِيمُوا الْجُمُعَةَ إلَّا بِإِذْنِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حُكْمًا، وَإِنْ كَانَتْ مَسْأَلَةً مُخْتَلَفًا فِيهَا هَلْ تَفْتَقِرُ الْجُمُعَةُ إلَى إذْنِ السُّلْطَانِ أَمْ لَا، وَلِلنَّاسِ أَنْ يُقِيمُوا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ صُورَةُ الْمَشَاقَّةِ، وَخَرْقُ أُبَّهَةِ الْوِلَايَةِ، وَإِظْهَارُ الْعِنَادِ وَالْمُخَالَفَةِ فَتُمْنَعُ إقَامَتُهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ لَا لِأَنَّهُ مَوْطِنُ خِلَافٍ اتَّصَلَ بِهِ حُكْمُ حَاكِمٍ، وَقَدْ قَالَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ.
وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ حُكْمُ الْحَاكِمِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا أَنْشَأَهُ فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ تَتَقَارَبُ فِيهَا الْمَدَارِكُ لِأَجْلِ مَصْلَحَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ فَاشْتِرَاطِي قَيْدَ الْإِنْشَاءِ احْتِرَازٌ مِنْ حُكْمِهِ فِي مَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّ ذَلِكَ إخْبَارٌ، وَتَنْفِيذٌ مَحْضٌ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
لِأَنَّ ذَلِكَ فُتْيَا لَا حُكْمٌ) قُلْت فِيمَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ إذْ لِقَائِلٍ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّهُ حُكْمٌ يَلْزَمُ جَمِيعَ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ قَالَ (وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ حَاكِمٌ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّ الدَّيْنَ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ أَوْ لَا يُسْقِطُهَا أَوْ مِلْكَ نِصَابٍ مِنْ الْحُلِيِّ الْمُتَّخَذِ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ أَوْ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الزَّكَاةَ إلَى قَوْلِهِ لَا فِي عِبَادَةٍ، وَلَا فِي سَبَبِهَا، وَلَا شَرْطِهَا وَلَا مَانِعِهَا) قُلْت لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ يَلْزَمُ غَيْرَ ذَلِكَ الْحَاكِمَ مِمَّنْ يُخَالِفُ مَذْهَبُهُ مَذْهَبَهُ مَا بُنِيَ عَلَى ذَلِكَ الثُّبُوتِ كَمَا إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ، وَأَرَادَ أَخْذَهَا مِمَّنْ يُخَالِفُ مَذْهَبُهُ مَذْهَبَهُ أَنَّهُ لَا يَسُوغُ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِهَا لَا لَهُ، وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ (وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ قَالَ لَا تُقِيمُوا الْجُمُعَةَ إلَّا بِإِذْنِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حُكْمًا إلَى قَوْلِهِ، وَقَدْ قَالَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ) قُلْت بَلْ هُوَ صَحِيحٌ كَمَا قَالَ ذَلِكَ الْفَقِيهُ لِأَنَّهُ حُكْمُ حَاكِمٍ اتَّصَلَ بِأَمْرٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ فَتَعَيَّنَ الْوُقُوفُ عِنْدَ حُكْمِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ (بَلْ حُكْمُ الْحَاكِمِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا أَنْشَأَهُ فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ تَتَقَارَبُ فِيهَا الْمَدَارِكُ لِأَجْلِ مَصْلَحَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ فَاشْتِرَاطِي قَيْدَ الْإِنْشَاءِ احْتِرَازٌ مِنْ حُكْمِهِ فِي مَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّ ذَلِكَ إخْبَارٌ وَتَنْفِيذٌ مَحْضٌ) قُلْت لَيْسَ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ إخْبَارٌ بِصَحِيحٍ بَلْ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
تَكُونُ فِيهَا تَمَاثُلٌ أَوْ اخْتِلَافُ جِنْسٍ، وَمِنْهَا أَنَّهَا تَكُونُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَفِي غَيْرِهِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يُقَامُ فِيهَا بِالْغَبْنِ حَيْثُ لَمْ يُدْخِلَا مُقَوَّمًا، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يُجْبِرُ عَلَيْهَا أَبَاهُ، وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ لِتَعْدِيلٍ وَتَقْوِيمٍ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يُجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ حَظِّ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ بِخِلَافِ الْقُرْعَةِ فِي الْجَمِيعِ عَلَى خِلَافِ مَنَافِعَ فِي الْبَعْضِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ.
بِبَعْضِ إصْلَاحٍ مِنْ الْبُنَانِيِّ فَالْمَقْسُومُ نَوْعَانِ: (الْأَوَّلُ) رِقَابُ الْأَمْوَالِ (وَالثَّانِي) الرِّقَابُ، وَهُمَا إمَّا قَابِلَانِ لِلْقِسْمَةِ بِالْقُرْعَةِ، وَإِمَّا غَيْرُ قَابِلَيْنِ لَهَا فَمَا لَا يَقْبَلُهَا أَحَدٌ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ (الْأَوَّلُ) مَا فِي قِسْمَةِ الْغَرَرِ كَمَشْرُوعِيَّةِ الْقُرْعَةِ فِي الْمُخْتَلِفَاتِ فَإِنَّ الْغَرَرَ يَعْظُمُ، وَالْمُخْتَلِفَاتُ إمَّا مِنْ الرِّبَاعِ، وَإِمَّا مِنْ الْعُرُوضِ، وَإِمَّا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الرِّبَاعِ فَقَالَ حَفِيدٌ ابْنُ رُشْدٍ فِي بِدَايَتِهِ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ أَنْوَاعِ الرِّبَاعِ الْمُخْتَلِفَةِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا دُورٌ، وَمِنْهَا حَوَائِطُ، وَمِنْهَا أَرْضٌ فِي الْقِسْمَةِ بِالسُّهْمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْعُرُوضِ فَقَالَ التَّسَوُّلِيُّ عَلَى الْعَاصِمِيَّةِ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا الْبَقَرَ مَثَلًا فِي نَاحِيَةِ الْعَقَارِ أَوْ الْإِبِلِ الَّتِي تُعَادِلُهَا فِي الْقِيمَةِ فِي نَاحِيَةٍ، وَيَقْتَرِعُونَ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَا يُجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ جِنْسَيْنِ، وَلَا بَيْنَ نَوْعَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْغَرَرِ اهـ.
مَحَلُّ الْحَاجَةِ مِنْهُ، وَقَالَ حَفِيدٌ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبِدَايَةِ، وَإِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى قِسْمَتِهَا عَلَى التَّرَاضِي، وَاخْتَلَفُوا فِي قِسْمَتِهَا بِالتَّعْدِيلِ وَالسُّهْمَةِ فَمَنَعَهَا مَالِكٌ فِي غَيْرِ الصِّنْفِ الْوَاحِدِ، وَذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَّا أَنَّهُ يُجْمَعُ فِي الْقِسْمَةِ مَا تَقَارَبَ مِنْ الصِّنْفَيْنِ مِثْلُ الْقَزِّ وَالْحَرِيرِ وَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ، وَأَجَازَ أَشْهَبُ جَمْعَ صِنْفَيْنِ فِي الْقِسْمَةِ بِالسُّهْمَةِ مَعَ التَّرَاضِي، وَذَلِكَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْغَرَرَ لَا يَجُوزُ بِالتَّرَاضِي، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَقَالَ الْحَفِيدُ أَيْضًا أَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا صُبْرَتَيْنِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَعَلَى جِهَةِ الْجَمْعِ لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ إلَّا بِالْكَيْلِ الْمَعْلُومِ فِيمَا يُكَالُ، وَبِالْوَزْنِ بِالصَّنْجَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِيمَا يُوزَنُ لِأَنَّ أَصْلَ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِي الصِّنْفَيْنِ إذَا تَقَارَبَتْ مَنَافِعُهَا مِثْلُ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ، وَإِذَا كَانَتْ بِمِكْيَالٍ مَجْهُولٍ لَمْ يَدْرِ كَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مِنْ الْكَيْلِ الْمَعْلُومِ مِنْ الصِّنْفِ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا. وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَعَلَى جِهَةِ الْجَمْعِ تَجُوزُ قِسْمَتُهَا عَلَى الِاعْتِدَالِ وَالتَّفَاضُلِ الْبَيِّنِ الْمَعْرُوفِ بِالْكَيْلِ الْمَعْلُومِ أَوْ الصَّنْجَةِ الْمَعْرُوفَةِ، وَهَذَا الْجَوَازُ كُلُّهُ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى جِهَةِ الرِّضَاءِ. وَأَمَّا فِي وَاجِبِ الْحُكْمِ فَلَا تَنْقَسِمُ كُلُّ صُبْرَةٍ إلَّا عَلَى حِدَةٍ بِالْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ اهـ بِتَلْخِيصٍ وَإِصْلَاحٍ.
(الْأَمْرُ الثَّانِي) مَا فِي قِسْمَةِ الرِّبَا كَقَسْمِ الثِّمَارِ بِشَرْطِ التَّأْخِيرِ إلَى الطِّيبِ بِمَا يَدْخُلُهُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ إمَّا بَيْعٌ بِاتِّفَاقٍ أَوْ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا عَلِمْت