للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَبْدِ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَنَعْنِي بِحَقِّ الْعَبْدِ الْمَحْضِ أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَهُ لَسَقَطَ وَإِلَّا فَمَا مِنْ حَقٍّ لِلْعَبْدِ إلَّا وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَمْرُهُ بِإِيصَالِ ذَلِكَ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ فَيُوجَدُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ حَقِّ الْعَبْدِ وَلَا يُوجَدُ حَقُّ الْعَبْدِ إلَّا وَفِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِصِحَّةِ الْإِسْقَاطِ فَكُلُّ مَا لِلْعَبْدِ إسْقَاطُهُ فَهُوَ الَّذِي نَعْنِي بِهِ حَقَّ الْعَبْدِ وَكُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهُ فَهُوَ الَّذِي نَعْنِي بِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ يُوجَدُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَا لَيْسَ لِلْعَبْدِ إسْقَاطُهُ وَيَكُونُ مَعَهُ حَقُّ الْعَبْدِ كَتَحْرِيمِهِ تَعَالَى لِعُقُودِ الرِّبَا وَالْغَرَرِ وَالْجَهَالَاتِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا حَرَّمَهَا صَوْنًا لِمَالِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ وَصَوْنًا لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ بِعُقُودِ الْغَرَرِ وَالْجَهْلِ فَلَا يَحْصُلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَوْ يَحْصُلُ دَنِيًّا وَنَزْرًا حَقِيرًا فَيَضِيعُ الْمَالُ فَحَجَرَ الرَّبُّ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ فِي تَضْيِيعِ مَالِهِ الَّذِي هُوَ عَوْنُهُ عَلَى أَمْرِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ وَلَوْ رَضِيَ الْعَبْدُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ فِي ذَلِكَ لَمْ يُؤَثِّرْ رِضَاهُ وَكَذَلِكَ حَجْرُ الرَّبِّ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فِي إلْقَاءِ مَالِهِ فِي الْبَحْرِ وَتَضْيِيعِهِ مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ.

وَلَوْ رَضِيَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهُ وَكَذَلِكَ تَحْرِيمُهُ تَعَالَى عَلَى الْمُسْكِرَاتِ صَوْنًا لِمَصْلَحَةِ عَقْلِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ وَحَرَّمَ السَّرِقَةَ صَوْنًا لِمَالِهِ وَالزِّنَا صَوْنًا لِنَسَبِهِ وَالْقَذْفَ صَوْنًا لِعِرْضِهِ وَالْقَتْلَ وَالْجُرْحَ صَوْنًا لِمُهْجَتِهِ وَأَعْضَائِهِ وَمَنَافِعِهَا عَلَيْهِ وَلَوْ رَضِيَ الْعَبْدُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهُ وَلَمْ يَنْفُذْ إسْقَاطُهُ فَهَذِهِ كُلُّهَا وَمَا يَلْحَقُ بِهَا مِنْ نَظَائِرِهَا مِمَّا هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَصَالِحِ الْعِبَادِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ لِمَا فِيهَا مِنْ مَصَالِحِهِمْ وَدَرْءِ مَفَاسِدِهِمْ وَأَكْثَرُ الشَّرِيعَةِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ كَالرِّضَا بِوِلَايَةِ الْفَسَقَةِ وَشَهَادَةِ الْأَرَاذِلِ وَنَحْوِهَا

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

الْعَبْدِ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَنَعْنِي بِحَقِّ الْعَبْدِ الْمَحْضِ أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَهُ لَسَقَطَ وَإِلَّا فَمَا مِنْ حَقٍّ لِلْعَبْدِ إلَّا وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَمْرُهُ بِإِيصَالِ ذَلِكَ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ إلَى قَوْلِهِ فَهُوَ الَّذِي نَعْنِي بِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى) قُلْتُ: بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ قَبْلُ أَنَّ حَقَّ الْعَبْدِ مَصَالِحُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ قَصَرَ كَلَامَهُ عَلَى بَعْضِ مَا يَتَنَاوَلُهُ ذَلِكَ الْإِطْلَاقُ مِنْ التَّفَاصِيلِ وَهُوَ حَقُّ بَعْضِ الْعِبَادِ عَلَى بَعْضٍ وَتَرَكَ الْكَلَامَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِ الْعِبَادِ فَلَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ مُنْتَظِمًا كَمَا يَجِبُ.

قَالَ: (وَقَدْ يُوجَدُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَا لَيْسَ لِلْعَبْدِ إسْقَاطُهُ وَيَكُونُ مَعَهُ حَقُّ الْعَبْدِ كَتَحْرِيمِهِ تَعَالَى لِعُقُودِ الرِّبَا إلَى قَوْلِهِ وَتَضْيِيعِهِ مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَلَوْ رَضِيَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهُ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ.

قَالَ: (وَكَذَلِكَ تَحْرِيمُهُ تَعَالَى الْمُسْكِرَاتِ صَوْنًا لِمَصْلَحَةِ عَقْلِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ وَحَرَّمَ السَّرِقَةَ صَوْنًا لِمَالِهِ وَالزِّنَى صَوْنًا لِنَسَبِهِ وَالْقَذْفَ صَوْنًا لِعِرْضِهِ وَالْقَتْلَ وَالْجَرْحَ صَوْنًا لِمُهْجَتِهِ وَأَعْضَائِهِ وَمَنَافِعِهَا عَلَيْهِ وَلَوْ رَضِيَ الْعَبْدُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهُ وَلَمْ يَنْفُذْ إسْقَاطُهُ) قُلْتُ: أَمَّا فِي الْقَتْلِ وَالْجَرْحِ فَرِضَاهُ مُعْتَبَرٌ وَإِسْقَاطُهُ نَافِذٌ.

قَالَ: (فَهَذِهِ كُلُّهَا وَمَا يَلْحَقُ بِهَا مِنْ نَظَائِرِهَا مِمَّا هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَصَالِحِ الْعِبَادِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ لِمَا فِيهَا مِنْ مَصَالِحِهِمْ إلَى قَوْلِهِ.

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

وَهِيَ أَنَّ الْأَدِلَّةَ قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا وَانْقِسَامُهَا إلَى أَدِلَّةِ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَهِيَ الَّتِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا الْمُجْتَهِدُونَ وَإِلَى أَدِلَّةِ وُقُوعِ أَسْبَابِ الْأَحْكَامِ وَشُرُوطِهَا وَمَوَانِعِهَا وَهِيَ الَّتِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا الْمُكَلَّفُونَ كَالزَّوَالِ وَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَنَحْوِهِمَا وَأَمَّا الْحِجَاجُ فَهِيَ مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْحُكَّامُ وَيَقْضُونَ بِهِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى نَصْبٍ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَهِيَ الْبَيِّنَةُ وَالْإِقْرَارُ وَالشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ وَالشَّاهِدُ وَالنُّكُولُ وَالْيَمِينُ وَالنُّكُولُ وَالْمَرْأَتَانِ وَالْيَمِينُ وَالْمَرْأَتَانِ وَالنُّكُولُ وَالْمَرْأَتَانِ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ وَأَرْبَعُ نِسْوَةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَشَهَادَةُ الصِّبْيَانِ وَمُجَرَّدُ التَّحَالُفِ عِنْدَ مَالِكٍ فَيَقْتَسِمَانِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا عِنْدَ مَالِكٍ فَهَذِهِ نَحْوُ عَشَرَةٍ مِنْ الْحِجَاجِ هِيَ الَّتِي يَقْضِي بِهَا الْحَاكِمُ وَلِذَلِكَ قَالَ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ» وَمِنْهُ فَالْحِجَاجُ أَقَلُّ مِنْ أَدِلَّةِ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَأَدِلَّةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ أَقَلُّ مِنْ أَدِلَّةِ الْوُقُوعِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَصْلٌ) فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ مُهِمَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْفَرْقِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ.

(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ لِلشَّيْخِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ النِّكَاحُ بِوَلِيٍّ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ قَرَأَ {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ} [البقرة: ٢٢١] بِضَمِّ التَّاءِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ بَدِيعَةٌ وَدَلَالَةٌ صَحِيحَةٌ اهـ.

٢ -

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) فِي تَكْمِيلِ الدِّيبَاجِ للتنبكتي آخِرَ تَرْجَمَةِ الْعَلَّامَةِ لِلشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدٍ اللَّخْمِيِّ الْغَرْنَاطِيِّ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّهِيرُ بِالشَّاطِبِيِّ مَا نَصُّهُ وَكَانَ صَاحِبُ التَّرْجَمَةِ مِمَّنْ يَرَى جَوَازَ ضَرْبِ الْخَرَاجِ عَلَى النَّاسِ عِنْدَ ضَعْفِهِمْ وَحَاجَتِهِمْ لِضَعْفِ بَيْتِ الْمَالِ عَنْ الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ النَّاسِ كَمَا وَقَعَ لِلشَّيْخِ الْمَالِقِيِّ فِي كِتَابِ الْوَرَعِ قَالَ: تَوْظِيفُ الْخَرَاجِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ وَلَا شَكَّ عِنْدَنَا فِي جَوَازِهِ وَظُهُورِ مَصْلَحَتِهِ فِي بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ فِي زَمَانِنَا الْآنَ لِكَثْرَةِ الْحَاجَةِ لِمَا يَأْخُذُهُ الْعَدُوُّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سِوَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ النَّاسُ وَضَعْفِ بَيْتِ الْمَالِ الْآنَ عَنْهُ فَهَذَا يَقْطَعُ بِجَوَازِهِ الْآنَ فِي الْأَنْدَلُسِ وَإِنَّمَا النَّظَرُ فِي الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ مَوْكُولٌ إلَى الْإِمَامِ ثُمَّ قَالَ أَثْنَاءَ كَلَامِهِ: وَلَعَلَّك تَقُولُ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ لِمَنْ أَجَازَ شُرْبَ الْعَصِيرِ بَعْدَ كَثْرَةِ طَبْخِهِ وَصَارَ رُبًّا أَحْلَلْتُهَا وَاَللَّهِ يَا عُمَرُ يَعْنِي هَذَا الْقَائِلُ أَحْلَلْت الْخَمْرَ بِالِاسْتِجْرَارِ إلَى نَقْصِ الطَّبْخِ حَتَّى تُحِلَّ الْخَمْرَ بِمَقَالِك فَإِنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ: عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاَللَّهِ لَا أَحِلُّ شَيْئًا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَلَا أُحَرِّمُ شَيْئًا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَإِنَّ الْحَقَّ أَحَقُّ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>