للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَطْلَقَ اللَّفْظَ الْعَامَّ وَقَالَ نَوَيْتُ إخْرَاجَ بَعْضِ أَنْوَاعِهِ عَنْ الْيَمِينِ قُلْنَا لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ الْبَعْضِ الْمُخْرَجِ لِأَنَّ نِيَّتَهُ مُخَصِّصَةٌ لِعُمُومِ لَفْظِهِ وَهَذِهِ النِّيَّةُ بِخِلَافِ نِيَّتِهِ الْأُولَى وَهِيَ أَنْ يَقْصِدَ بَعْضَ الْأَنْوَاعِ بِالْيَمِينِ وَيَغْفُلَ عَنْ غَيْرِهِ بِسَبَبِ قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُخَصِّصِ أَنْ يَكُونَ مُنَافِيًا لِلْمُخَصَّصِ وَمَتَى لَمْ تَكُنْ النِّيَّةُ مُنَافِيَةً لَمْ تَكُنْ مُخَصِّصَةً وَكَذَلِكَ الْمُخَصِّصَاتُ اللَّفْظِيَّةُ إذَا لَمْ تَكُنْ مُعَارِضَةً لَا تَكُونُ مُخَصِّصَةً وَقَصْدُهُ بِدُخُولِ الْبَعْضِ فِي يَمِينِهِ مَعَ غَفْلَتِهِ عَنْ بَقِيَّةِ أَنْوَاعِ اللَّفْظِ لَيْسَ مُنَافِيًا لِشَيْءٍ مِنْ اللَّفْظِ بَلْ كَاسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي بَعْضِ مُسَمَّيَاتِهِ وَفِي الْبَعْضِ الْمَغْفُولِ عَنْهُ لَا مُؤَكِّدٌ وَلَا مُنَافٍ فَلَمْ تُوجَدْ حَقِيقَةُ الْمُخَصِّصِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ الْمُنَافَاةُ وَالْغَفْلَةُ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ هِيَ سَبَبُ الْغَلَطِ عِنْدَ مَنْ غَلِطَ فِي ذَلِكَ فَبِمُجَرَّدِ مَا يَسْمَعُ الْمُسْتَفْتِي يَقُولُ نَوَيْتُ الْكَتَّانَ يَقُولُ لَهُ لَا تَحْنَثْ بِغَيْرِهِ وَمَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْحِنْثَ بِغَيْرِ الْكَتَّانِ إلَّا الْقَصْدُ إلَيْهِ بِإِخْرَاجِهِ عَنْ الْيَمِينِ فَإِذَا لَمْ يَقْصِدْ إخْرَاجَهُ بَقِيَ مُنْدَرِجًا فِي عُمُومِ اللَّفْظِ وَالنِّيَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا إنَّمَا هِيَ مُوَافِقَةٌ لِلَفْظِهِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ (وَإِنْ أَطْلَقَ اللَّفْظَ الْعَامَّ وَقَالَ نَوَيْتُ إخْرَاجَ بَعْضِ أَنْوَاعِهِ عَنْ الْيَمِينِ قُلْنَا لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ الْبَعْضِ الْمُخْرَجِ لِأَنَّ نِيَّتَهُ مُخَصِّصَةٌ لِعُمُومِ لَفْظِهِ) قُلْت هَذَا هُوَ الِاسْتِثْنَاءُ بِالنِّيَّةِ دُونَ النُّطْقِ وَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ مَنْشَؤُهُ النَّظَرُ إلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ فَيُجْزِئُ بِالنِّيَّةِ أَوْ النَّظَرِ إلَى حَقِيقَةِ الِاسْتِثْنَاءِ فَلَا يُجْزِئُ إلَّا نُطْقًا قُلْت فَتَأَمَّلْ كَيْفَ جَعَلَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ التَّخْصِيصَ بِالنِّيَّةِ أَصْلًا وَذَلِكَ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ الْخِلَافِ فِيهِ وَجَعَلَ الِاسْتِثْنَاءَ فَرْعًا مَحْمُولًا عَلَى أَنَّهُ تَخْصِيصٌ عَلَى قَوْلٍ وَعَلَى أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ عَلَى آخَرَ وَذَلِكَ عَكْسُ مَا قَالَهُ شِهَابُ الدِّينِ فَإِنَّهُ سَاقَ التَّخْصِيصَ بِالنِّيَّةِ مَسَاقَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَصَوَّبَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ التَّخْصِيصِ بِهَا حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ وَسَاقَ الِاسْتِثْنَاءَ بِالنِّيَّةِ مَسَاقَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ قَالَ (وَهَذِهِ النِّيَّةُ بِخِلَافِ نِيَّةِ الْأُولَى وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ بَعْضَ الْأَنْوَاعِ بِالْيَمِينِ وَيَغْفُلَ عَنْ غَيْرِهِ بِسَبَبِ قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُخَصِّصِ أَنْ يَكُونَ مُنَافِيًا لِلْمُخَصَّصِ وَمَتَى لَمْ تَكُنْ النِّيَّةُ مُنَافِيَةً لَمْ تَكُنْ مُخَصِّصَةً إلَى قَوْلِهِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْكَوْنُ كَذَا لَا الْفِعْلُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْخِطَابِ بِنَصْبِ الْأَسْبَابِ الْوَقْتِيَّةِ كَالدُّلُوكِ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ كَالْإِسْكَارِ لِلتَّحْرِيمِ وَالْخِطَابِ بِنَصْبِ الشُّرُوطِ لِلْحُكْمِ كَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ لِلْمَبِيعِ أَوْ لِسَبَبٍ كَالطَّهَارَةِ فِي الصَّلَاةِ وَسَبَبُهَا أَيْ الصَّلَاةِ تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْخِطَابُ بِنَصْبِ الْمَوَانِعِ إمَّا لِلْحُكْمِ كَالْأُبُوَّةِ فِي الْقِصَاصِ أَوْ لِلسَّبَبِ كَالدَّيْنِ فِي الزَّكَاةِ وَالْخِطَابُ بِنَصْبِ الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ لِلْعِبَادَاتِ وَالْعَادَاتِ وَكُلٌّ مِنْ لَفْظَيْ الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ يُطْلَقُ بِاعْتِبَارِ تَرَتُّبِ آثَارِ الْعَمَلِ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَعَدَمِ تَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ وَبِاعْتِبَارِ تَرَتُّبِ آثَارِ الْعَمَلِ فِي الْآخِرَةِ وَعَدَمِ تَرَتُّبِهِ وَالْخِطَابُ بِنَصْبِ الْعَزِيمَةِ وَالرُّخْصَةِ وَالْعَزِيمَةُ مَا شُرِعَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ ابْتِدَاءً وَالرُّخْصَةُ مَا شُرِعَ لِعُذْرٍ شَاقٍّ اسْتِثْنَاءً مِنْ أَصْلٍ كُلِّيٍّ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَوَاضِعِ الْحَاجَةِ فِيهِ اُنْظُرْ الْمُوَافَقَاتِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ بَعْضِهِ فِي الْفَرْقِ الْحَادِي وَالثَّمَانِينَ فَتَرَقَّبْ

وَثَالِثُهَا أَنَّ خِطَابَ الْوَضْعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْمُكَلَّفِ وَقُدْرَتُهُ وَكَوْنُهُ مِنْ كَسْبِهِ فَلِذَلِكَ نُوَرِّثُ بِالْأَنْسَابِ مَنْ لَا يُعْلَمُ نَسَبُهُ وَيَدْخُلُ الْعَبْدُ الْمَوْرُوثُ فِي مِلْكِهِ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مَعَ غَفْلَتِهِ عَنْ ذَلِكَ وَعَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ وَيُطْلَقُ بِالْإِضْرَارِ وَالْإِعْسَارِ اللَّذَيْنِ هُمَا مُجَوَّزٌ عَنْهُمَا وَيَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ الْمَغْفُولِ عَنْهُ مِنْ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ فَإِنَّ مَعْنَى خِطَابِ الْوَضْعِ قَوْلُ صَاحِبِ الشَّرْعِ فِي السَّبَبِ اعْلَمُوا أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ كَذَا فَقَدْ وَجَبَ كَذَا أَوْ حَرُمَ كَذَا أَوْ نُدِبَ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَفِي الْمَانِعِ مَتَى وُجِدَ كَذَا فَقَدْ عُدِمَ كَذَا وَفِي الشَّرْطِ مَتَى عُدِمَ كَذَا فَقَدْ عُدِمَ كَذَا وَقِسْ الْبَاقِيَ وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ وَالْقَصْدِ فِي أَسْبَابِ الْعُقُوبَاتِ الَّتِي هِيَ جِنَايَاتٌ كَالْقَتْلِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ وَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ الْمُوجِبَيْنِ لِلْحَدِّ فَلِذَلِكَ لَا قِصَاصَ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ وَلَا يَجِبُ حَدُّ الزِّنَا عَلَى الْمُكْرَهِ وَلَا عَلَى مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ أَجْنَبِيَّةٌ بَلْ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ سَقَطَ الْحَدُّ لِعَدَمِ الْعِلْمِ وَاشْتِرَاطُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي أَسْبَابِ انْتِقَالِ الْأَمْلَاكِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَقْفِ وَالْإِجَارَةِ وَالْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُغَارَسَةِ وَالْجَعَالَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ سَبَبُ انْتِقَالِ الْأَمْلَاكِ فَمَنْ بَاعَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ أَوْ هَذَا التَّصَرُّفَ يُوجِبُ انْتِقَالَ الْمِلْكِ لِكَوْنِهِ عَجَمِيًّا أَوْ طَارِئًا عَلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ لَا يَلْزَمُهُ بَيْعٌ وَلَا نَحْوُهُ مِنْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ مَعَهُ وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا ذُكِرَ مَعَهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَلِأَنَّهُ لَمَّا ازْدَوَجَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ خِطَابُ التَّكْلِيفِ وَالْوَضْعِ لَحِقَهَا اشْتِرَاطُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ لَا مِنْ جِهَةِ خِطَابِ الْوَضْعِ حَتَّى يُقَالَ بِاسْتِثْنَائِهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ نَعَمْ لَمَّا ارْتَفَعَ خِطَابُ التَّكْلِيفِ مَعَ عَدَمِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ ارْتَفَعَ خِطَابُ الْوَضْعِ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي آخِرَ الْفَرْقِ السَّابِعِ وَالتِّسْعِينَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَانِعِ اُعْتُبِرَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ وُجُودِيًّا وَبَيْنَ السَّبَبِ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَانِعِ الْحُكْمِ وَعَدَمِ السَّبَبِ فَتَرَقَّبْ

(وَصْلٌ) فِي ثُبُوتِ الْعَفْوِ وَعَدَمِ ثُبُوتِهِ قَوْلَانِ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِثُبُوتِهِ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَحْكَامَ الْخَمْسَةَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ مَعَ الْقَصْدِ إلَى الْفِعْلِ وَأَمَّا دُونَ ذَلِكَ فَلَا وَإِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حُكْمٌ مِنْهَا مَعَ وِجْدَانِهِ أَيْ الْحُكْمِ مِمَّنْ شَرَطَ الْحُكْمَ وَبَيَّنَ مَانِعَ السَّبَبِ وَعَدَمُ شَرْطِ شَأْنِهِ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهِ فَهُوَ مَعْنَى الْعَفْوِ الْمُتَكَلَّمِ فِيهِ أَيْ لَا مُؤَاخَذَةَ بِهِ

وَالثَّانِي مَا جَاءَ مِنْ النَّصِّ عَلَى هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ عَلَى الْخُصُوصِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>