عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِهِ وَقِيلَ الْقَوْلِيَّةُ أَقْوَى بِدَلِيلِ أَنَّ الْعِتْقَ بِالْقَوْلِ يَسْتَعْقِبُ الْعِتْقَ وَالْعِتْقَ بِالْوَطْءِ لَا يَسْتَعْقِبُ الْعِتْقَ وَالسَّبَبُ الَّذِي يَسْتَعْقِبُ مُسَبَّبَهُ أَقْوَى مِمَّا لَا يَسْتَعْقِبُهُ. (الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) نَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ السَّفِينَةَ إذَا وَثَبَتَ فِيهَا سَمَكَةٌ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ فَهِيَ لَهُ دُونَ صَاحِبِ السَّفِينَةِ لِأَنَّ حَوْزَهُ أَخَصُّ بِالسَّمَكَةِ مِنْ حَوْزِ صَاحِبِ السَّفِينَةِ لِأَنَّ حَوْزَ السَّفِينَةِ يَشْمَلُ هَذَا الرَّجُلَ وَغَيْرَهُ وَحَوْزَ هَذَا الرَّجُلِ لَا يَتَعَدَّاهُ فَهُوَ أَخَصُّ بِالسَّمَكَةِ مِنْ صَاحِبِ السَّفِينَةِ وَالْأَخَصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَعَمِّ كَمَا قُلْنَا فِي الْمُصَلِّي لَا يَجِدُ إلَّا نَجِسًا وَحَرِيرًا يُصَلِّي فِي الْحَرِيرِ وَيُقَدَّمُ النَّجِسُ فِي الِاجْتِنَابِ لِأَنَّهُ أَخَصُّ وَالْأَخَصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَعَمِّ وَالْمُحْرِمِ لَا يَجِدُ مَا يَقُوتُهُ إلَّا مَيْتَةً أَوْ صَيْدًا يُقَدَّمُ الصَّيْدُ فِي الِاجْتِنَابِ عَلَى الْمَيْتَةِ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الصَّيْدِ أَخَصُّ بِالْإِحْرَامِ مِنْ الْمَيْتَةِ وَتَحْرِيمَ الْمَيْتَةِ يَشْمَلُ الْحَاجَّ وَغَيْرَهُ كَمَا أَنَّ تَحْرِيمَ الْحَرِيرِ يَشْمَلُ الْمُصَلِّيَ وَغَيْرَهُ فَقَاعِدَةُ تَقْدِيمِ الْأَخَصِّ عَلَى الْأَعَمِّ لَهُ نَظَائِرُ فِي الشَّرِيعَةِ. (الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) الْمِلْكُ بِالْإِحْيَاءِ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ أَضْعَفُ مِنْ تَحْصِيلِ الْمِلْكِ بِالشِّرَاءِ لِأَنَّهُ إذَا زَالَ الْإِحْيَاءُ عَنْهُ بَطَلَ الْمِلْكُ وَلَا يَبْطُلُ الْمِلْكُ فِي الْقَوْلِيِّ إلَّا بِسَبَبٍ نَاقِلٍ وَالْإِحْيَاءُ سَبَبٌ فِعْلِيٌّ فَيَكُونُ هَذَا الْفَرْعُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَسْبَابَ الْفِعْلِيَّةَ أَضْعَفُ مِنْ الْقَوْلِيَّةِ عَلَى قَاعِدَةِ مَالِكٍ أَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَا يُزِيلُ الْمِلْكَ بِزَوَالِ الْإِحْيَاءِ فَلَا مَقَالَ مَعَهُ وَكَذَلِكَ يَقُولُ مَالِكٌ إذَا تَوَحَّشَ الصَّيْدُ بَعْدَ حَوْزِهِ أَوْ الْحَمَامُ بَعْدَ إيوَائِهِ أَوْ النَّحْلُ بَعْدَ ضَمِّهِ بِجَبْحِهِ يَزُولُ الْمِلْكُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَكَذَلِكَ السَّمَكَةُ إذَا انْفَلَتَتْ فِي الْبَحْرِ فَصَادَهَا غَيْرُ صَائِدِهَا الْأَوَّلِ.
(الْفَرْقُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَصَرُّفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقَضَاءِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَصَرُّفِهِ بِالْفَتْوَى وَهِيَ التَّبْلِيغُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَصَرُّفِهِ بِالْإِمَامَةِ) اعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَالْقَاضِي الْأَحْكَمُ وَالْمُفْتِي الْأَعْلَمُ فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ (الْفَرْقُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَصَرُّفِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالْإِمَامَةِ إلَى قَوْلِهِ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
الْفِعْلِيَّةِ دُونَ الْقَوْلِيَّةِ
(وَصْلٌ) فِي تَوْضِيحِ هَذَا الْفَرْقِ بِخَمْسِ مَسَائِلَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَسْبَابَ الْفِعْلِيَّةَ لَا تَقَعُ إلَّا نَافِعَةً مُفِيدَةً غَالِبًا جَعَلَهَا الشَّرْعُ مُعْتَبَرَةً حَتَّى فِي حَقِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِسَفَهِهِ أَثَرًا فِي تِلْكَ الْأَسْبَابِ تَحْصِيلًا لِمَصَالِحِهَا وَأَمَّا الْأَسْبَابُ الْقَوْلِيَّةُ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهَا مَوْضِعُ الْمُمَاسَكَةِ وَالْمُغَالَبَةِ وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ آخَرَ يُنَازِعُهُ وَيُجَاذِبُهُ إلَى الْغَبْنِ وَالْمَحْجُورُ لِضَعْفِ عَقْلِهِ فِي ذَلِكَ يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ ضَيَاعُ مَصْلَحَةٍ عَلَيْهِ لَمْ يَعْتَبِرْهَا الشَّرْعُ مِنْهُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ مَصْلَحَتِهَا فَيَمْلِكُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا يَصْطَادُهُ أَوْ يَحْتَشُّهُ أَوْ يَحْتَطِبُهُ أَوْ يَسْتَقِيهِ لِتَرَتُّبِ الْمِلْكِ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْأَسْبَابِ الْفِعْلِيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى أَوْ قَبِلَ الْهِبَةَ أَوْ الصَّدَقَةَ أَوْ قَارَضَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الْقَوْلِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ لَهُ عَلَيْهِ مِلْكٌ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْفَرْقُ بَيْنَ وَطْءِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَمَتَهُ وَهُوَ سَبَبٌ فِعْلِيٌّ يَقْتَضِي الْعِتْقَ وَيُصَيِّرُهَا أُمَّ وَلَدٍ وَبَيْنَ عِتْقِهِ عَبْدَهُ وَهُوَ سَبَبٌ قَوْلِيٌّ لَا يَنْفُذُ عِنْدَ صَاحِبِ الشَّرْعِ لَا سِيَّمَا الْمُنَجَّزُ هُوَ أَنَّ السَّبَبَ الْفِعْلِيَّ الَّذِي هُوَ الْوَطْءُ لَمَّا كَانَتْ نَفْسُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ تَدْعُوهُ إلَى وَطْءِ أَمَتِهِ فَلَوْ مَنَعْنَاهُ مِنْهَا لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى وُقُوعِهِ فِي الزِّنَا بِأَنْ يَطَأَهَا وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ فَيَقَعَ فِي عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَلْزَمَ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَحْذُورُ جَوَّزَهُ الشَّرْعُ لَهُ وَهُوَ سَبَبٌ تَامٌّ لِلْعِتْقِ عِنْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَالسَّبَبُ التَّامُّ إذَا أُذِنَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَجَبَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مُسَبِّبُهُ لِأَنَّ وُجُودَ السَّبَبِ الْمَأْذُونِ فِيهِ دُونَ الْمُسَبِّبِ خِلَافُ الْقَوَاعِدِ فَلِذَا وَجَبَ أَنْ يُقْضَى بِاسْتِحْقَاقِ أَمَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الْعِتْقَ عِنْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا حَيْثُ وَطِئَهَا وَوَلَدَتْ لَهُ وَأَمَّا السَّبَبُ الْقَوْلِيُّ الَّذِي هُوَ الْعِتْقُ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا دَاعِيَةَ تَدْعُو الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لِعِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ مِنْ جِهَةِ الطَّبْعِ فَلَا يَلْزَمُ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهُ مَحْذُورٌ لَمْ يُجَوِّزْهُ لَهُ الشَّرْعُ وَالسَّبَبُ إذَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ صَاحِبُ الشَّرْعِ يَكُونُ كَالْمَعْدُومِ شَرْعًا وَالْمَعْدُومُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرُهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فِي كَوْنِ الْفِعْلِيَّةِ أَقْوَى لِنُفُوذِهَا مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِهِ أَوْ الْقَوْلِيَّةِ أَقْوَى بِدَلِيلِ أَنَّ الْعِتْقَ بِالْقَوْلِ يَسْتَعْقِبُ الْعِتْقَ وَالْعِتْقَ بِالْوَطْءِ لَا يَسْتَعْقِبُ الْعِتْقَ وَالسَّبَبُ الَّذِي يَسْتَعْقِبُ مُسَبِّبَهُ أَقْوَى مِمَّا لَا يَسْتَعْقِبُهُ خِلَافٌ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ الْمِلْكُ بِالْإِحْيَاءِ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ ضَعِيفٌ يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ زَوَالِ الْإِحْيَاءِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ يَزُولُ الْمِلْكُ بِمُجَرَّدِ تَوَحُّشِ الصَّيْدِ بَعْدَ حَوْزِهِ وَالْحَمَامِ بَعْدَ إيوَائِهِ وَالنَّحْلِ بَعْدَ ضَمِّهِ بِجَبْحِهِ وَبِمُجَرَّدِ انْفِلَاتِ السَّمَكَةِ فِي الْبَحْرِ فَتَكُونُ لِغَيْرِ صَائِدِهَا الْأَوَّلِ إذَا صَادَهَا وَالْمِلْكُ بِنَحْوِ الشِّرَاءِ قَوِيٌّ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِسَبَبٍ نَاقِلٍ أَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَا يُزِيلُ الْمِلْكَ بِزَوَالِ الْإِحْيَاءِ وَنَحْوِهِ فَلَا مَقَالَ مَعَهُ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ
نَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ السَّفِينَةَ إذَا وَثَبَتَ فِيهَا سَمَكَةٌ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ فَهِيَ لَهُ دُونَ صَاحِبِ السَّفِينَةِ جَرْيًا عَلَى قَاعِدَةِ تَقْدِيمِ الْأَخَصِّ عَلَى الْأَعَمِّ لِأَنَّ حَوْزَ هَذَا الْإِنْسَانِ أَخَصُّ مِنْ حَوْزِ صَاحِبِ السَّفِينَةِ لِأَنَّ حَوْزَ السَّفِينَةِ يَشْمَلُ هَذَا الْإِنْسَانَ وَغَيْرَهُ وَحَوْزَ هَذَا الْإِنْسَانِ لَا يَتَعَدَّاهُ فَهُوَ أَخَصُّ بِالسَّمَكَةِ مِنْ صَاحِبِ السَّفِينَةِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْأَخَصَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَعَمِّ وَلِهَذَا نَظَائِرُ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْهَا الْمُصَلِّي لَا يَجِدُ إلَّا نَجِسًا وَحَرِيرًا يُصَلِّي فِي الْحَرِيرِ فَقَطْ فَيُقَدَّمُ النَّجِسُ فِي الِاجْتِنَابِ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ أَخَصُّ مِنْ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ إذْ تَحْرِيمُ الْحَرِيرِ يَشْمَلُ الْمُصَلِّيَ وَغَيْرَهُ وَتَحْرِيمُ النَّجِسِ خَاصٌّ بِالْمُصَلِّي وَالْأَخَصُّ مُقَدَّمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute