للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَنْوَاعِ هَذَا اللَّفْظِ لَا ثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا النَّاقِصِ وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ ثَمَنُ الْمِثْلِ مِنْ الْعَادَةِ لَا مِنْ اللَّفْظِ فَنَقُولُ أَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ ثَمَنَ الْمِثْلِ إنَّمَا تَعَيَّنَ مِنْ جِهَةِ الْعَادَةِ لَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ فَصَحِيحٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ اللَّفْظَ لَا إشْعَارَ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُشْعِرُ بِالثَّمَنِ الْبَخْسِ الَّذِي هُوَ مُطْلَقُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى الرُّتَبِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ بِالضَّرُورَةِ فَكَانَ اللَّفْظُ دَالًّا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ دَلَّتْ عَلَيْهِ الْعَادَةُ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ وَيَحْصُلُ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ وَالْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ فِي التَّخْيِيرِ أَنَّ ذَوَاتَ الرُّتَبِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَاعِدَتَيْنِ قَاعِدَةِ التَّخْيِيرِ فَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ مَعَ التَّخْيِيرِ وَقَاعِدَةِ أَنَّ الْأَعَمَّ لَا يَسْتَلْزِمُ الْأَخَصَّ عَيْنًا فَإِنَّ الْأَعَمَّ فِيهَا يَسْتَلْزِمُ الْأَخَصَّ عَيْنًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ نَوَادِرِ الْمَبَاحِثِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

مِنْ أَنْوَاعِ هَذَا اللَّفْظِ لَا ثَمَنَ الْمِثْلِ وَلَا الْفَاحِشَ وَلَا النَّاقِصَ وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ ثَمَنُ الْمِثْلِ مِنْ الْعَادَةِ لَا مِنْ اللَّفْظِ فَنَقُولُ أَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ ثَمَنَ الْمِثْلِ إنَّمَا تَعَيَّنَ مِنْ جِهَةِ الْعَادَةِ لَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ فَصَحِيحٌ) قُلْت: تَسْلِيمُهُ مَا سَلَّمَ صَحِيحٌ.

قَالَ (وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ اللَّفْظَ لَا إشْعَارَ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُشْعِرُ بِالثَّمَنِ الْبَخْسِ الَّذِي هُوَ مُطْلَقُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى الرُّتَبِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ بِالضَّرُورَةِ فَكَانَ اللَّفْظُ دَالًّا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ دَلَّتْ عَلَيْهِ الْعَادَةُ) قُلْت: لَا يُمْكِنُ أَنْ يَفُوهُ أَحَدٌ بِأَشَدَّ فَسَادًا مِنْ هَذَا الْكَلَامِ وَكَيْفَ يَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَى مَا لَا يَقْصِدُهُ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ وَلَا جَرَتْ لَهُ عَادَةٌ وَلَا عُرْفٌ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ وَهَلْ يُرِيدُ عَاقِلٌ بَيْعَ مَبِيعِهِ بِالْبَخْسِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ إلَى ذَلِكَ ثُمَّ كَيْفَ يَكُونُ الْبَخْسُ هُوَ مُطْلَقُ الثَّمَنِ وَهُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ مُطْلَقِ الثَّمَنِ وَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ النَّوْعُ هُوَ الْبَخْسُ بِعَيْنِهِ وَهَلْ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُ الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُمَا نَقِيضَانِ هَذَا كُلُّهُ خَطَأٌ فَاحِشٌ لَا رَيْبَ فِيهِ، وَإِنَّمَا أَوْقَعَهُ فِي ذَلِكَ تَوَهُّمُهُ أَنَّ الْأَقَلَّ الْمُنْفَصِلَ جُزْءٌ مِنْ الْأَكْثَرِ الْمُتَّصِلِ وَهُوَ بَاطِلٌ كَمَا سَبَقَ الْقَوْلُ فِيهِ وَالتَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.

قَالَ (فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ إلَى قَوْلِهِ فَإِنَّ الْأَعَمَّ فِيهَا يَسْتَلْزِمُ الْأَخَصَّ عَيْنًا) قُلْت: لَمْ يَظْهَرْ فَرْقٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمَا قَاعِدَتَانِ بَلْ قَاعِدَةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَتَفَرَّعُ وَلَا تَنْقَسِمُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِوَجْهٍ وَكَذَلِكَ قَاعِدَةُ التَّخْيِيرِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْمُخْتَلِفَيْنِ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بِالْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ وَالْجُزْءِ وَالْكُلِّ.

قَالَ (فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ نَوَادِرِ الْمَبَاحِثِ) قُلْت: فِي اقْتِضَائِهِ مِنْ الْخَطَأِ إلَى أَبْعَدِ الْغَايَاتِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

عَلَى مَا زَعَمَهُ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّهُمَا قَاعِدَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ لَا قَاعِدَةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ أَنَّ الْأَعَمَّ لَا يَسْتَلْزِمُ أَحَدَ أَنْوَاعِهِ عَيْنًا وَإِنَّمَا يَسْتَلْزِمُ الْأَعَمُّ مُطْلَقَ الْأَخَصِّ ضَرُورَةَ أَنَّ دُخُولَ الْحَقَائِقِ الْكُلِّيَّةِ فِي الْوُجُودِ مُجَرَّدَةً مُحَالٌ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُطْلَقِ شَخْصٍ تَدْخُلُ مَعَهُ فِيهِ وَتَكُونُ مَاهِيَّةً مَخْلُوطَةً وَمَاهِيَّةً بِشَرْطِ لَا شَيْءَ خِلَافٌ لِمَا اُشْتُهِرَ بَيْنَ النُّظَّارِ وَالْفُضَلَاءِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَالْفِقْهِيَّاتِ بِنَاءً عَلَى تَوَهُّمِهِ أَنَّ الْأَقَلَّ مِنْ الْفِعْلِ كَالْمَرَّةِ فِي حَالِ الِانْفِرَادِ هُوَ عَيْنُ نَفْسِهِ فِي حَالِ اجْتِمَاعِهِ مَعَ غَيْرِهِ كَكَوْنِ الْمَرَّةِ مَعَ أُخْرَى أَوْ آخَرَ حَتَّى صَحَّ أَنْ يُوصَفَ بِالْكَثِيرِ وَالْأَكْثَرِ وَكَذَلِكَ الْجُزْءُ مُنْفَرِدًا عَيْنُ نَفْسِهِ مَعَ الْكُلِّ فَقَالَ: إنَّ الْأَعَمَّ إذَا وَقَعَ فِي رُتَبٍ مُتَرَتِّبَةٍ بِالْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ وَالْجُزْءِ وَالْكُلِّ اسْتَلْزَمَ نَوْعُهُ الْأَقَلَّ وَالْجُزْءَ جَزْمًا ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِدُخُولِهِ فِي الْوُجُودِ مَعَ الْأَقَلِّ وَالْجُزْءِ عَيْنًا؛ لِأَنَّهُ إنْ وَقَعَ فِي الْأَكْثَرِ وَالْكُلِّ فَقَدْ وَقَعَ الْأَقَلُّ وَالْجُزْءُ عَيْنًا وَإِنْ وَقَعَ فِي الْأَقَلِّ وَالْجُزْءِ فَقَدْ وَقَعَا عَيْنًا أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الْأَعَمُّ فِي رُتَبٍ مُتَبَايِنَةٍ كَالْحَيَوَانِ إنْ وَقَعَ فِي نَوْعَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ هُمَا النَّاطِقُ وَالْبَهِيمُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ أَحَدُ نَوْعَيْهِ عَيْنًا، وَإِنْ كَانَ لَا يُوجَدُ إلَّا فِي نَاطِقٍ أَوْ بَهِيمٍ لِتَبَايُنِ نَوْعَيْهِ.

فَإِذَا قُلْنَا: فِي الدَّارِ حَيَوَانٌ لَا يُعْلَمُ أَهُوَ نَاطِقٌ أَوْ بَهِيمٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ بِعْ فَإِنَّ لَفْظَهُ هَذَا يُشْعِرُ بِالثَّمَنِ الْبَخْسِ الَّذِي هُوَ مُطْلَقُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى الرُّتَبِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ بِالضَّرُورَةِ فَكَانَ اللَّفْظُ دَالًّا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ وَثَمَنُ الْمِثْلِ الزَّائِدِ عَلَى ذَلِكَ إنَّمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْعَادَةُ لَا اللَّفْظُ فَظَهَرَ بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ لَفْظَ بِعْ لَا دَلَالَةَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِهِ لَا ثَمَنَ الْمِثْلِ وَلَا الْفَاحِشَ وَلَا النَّاقِصَ وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ ثَمَنُ الْمِثْلِ مِنْ الْعَادَةِ لَا مِنْ اللَّفْظِ. اهـ.

قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ: وَمَا اُشْتُهِرَ بَيْنَ النُّظَّارِ هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ مِنْهُمْ اثْنَانِ وَلَيْسَ هَاهُنَا قَاعِدَتَانِ بَلْ هِيَ قَاعِدَةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَتَفَرَّعُ وَلَا تَنْقَسِمُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ بِوَجْهٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ بَاطِلٌ إنَّمَا أَوْقَعَهُ فِيهِ تَوَهَّمَهُ أَنَّ الْأَقَلَّ الْمُنْفَصِلَ جُزْءٌ مِنْ الْأَكْثَرِ الْمُتَّصِلِ وَأَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ مِنْ الْفِعْلِ مُقَيَّدَةٌ بِقَيْدِ الِانْفِرَادِ هِيَ عَيْنُ نَفْسِهَا مَقْرُونَةً بِأُخْرَى أَوْ آخَرَ وَمُقَيَّدَةٌ بِقَيْدِ الِاجْتِمَاعِ وَهُوَ وَاضِحُ الْبُطْلَانِ وُضُوحًا لَا رَيْبَ فِيهِ ضَرُورَةَ أَنَّ الشَّيْءَ مَعَ غَيْرِهِ غَيْرُهُ فِي نَفْسِهِ وَأَنَّ قَيْدَ الِانْفِرَادِ يُنَاقِضُ قَيْدَ الِاجْتِمَاعِ بِلَا شُبْهَةٍ بَلْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَفُوهُ أَحَدٌ بِأَشَدَّ فَسَادًا مِمَّا بَنَاهُ عَلَى هَذَا التَّوَهُّمِ مِنْ قَوْلِهِ إنَّ قَوْلَ الْمُوَكِّلِ لِوَكِيلِهِ بِعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>