للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللُّغَوِيَّةُ مِنْ الْحَوْلِ فَمَتَى وُجِدَتْ بَعْدَ مِلْكِ النِّصَابِ حَصَلَ الْوُجُوبُ عِنْدَهَا لَا بِهَا لَا لِخُصُوصِ ذَلِكَ الْحَوْلِ بَلْ لِمُطْلَقِ الْحَوْلِ الْمُوجِبِ لِحُصُولِ التَّمَكُّنِ مِنْ التَّنْمِيَةِ فِي النِّصَابِ فَالْمُحَصِّلُ لِمَقْصُودِ الشَّرْعِ هُوَ مُطْلَقُ الْحَوْلِ لَا خُصُوصُ هَذَا الْحَوْلِ فَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ جَمِيعِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ هُوَ الْوَاجِبُ عِنْدَهُ كَمَا أَنَّ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ النُّصُبِ هُوَ الْوَاجِبُ بِهِ وَثَانِيهَا عَدَمُ الْمَانِعِ نَحْوُ عَدَمِ الدَّيْنِ فِي الزَّكَاةِ وَالْحَيْضِ فِي الصَّلَاةِ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُ بِالسَّبَبِ الَّذِي هُوَ مِلْكُ النِّصَابِ أَوْ زَوَالُ الشَّمْسِ فِي الصَّلَاةِ لَا لِعَدَمِ الدَّيْنِ وَلَا لِعَدَمِ الْحَيْضِ فَعَدَمُ الدَّيْنِ وَالْحَيْضِ وَاجِبٌ عِنْدَهُ وَلَمْ يَعْتَبِرْ صَاحِبُ الشَّرْعِ عَدَمَ خُصُوصِ دَيْنٍ دُونَ دَيْنٍ وَلَا خُصُوصِ حَيْضٍ دُونَ حَيْضٍ بَلْ مُطْلَقُ الدَّيْنِ وَمُطْلَقُ الْحَيْضِ فَهَذَا الْمُشْتَرَكُ وَاجِبٌ عِنْدَهُ، وَثَالِثُهَا: وُجُوبُ التَّيَمُّمِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ فَإِنَّ عَدَمَ الْمَاءِ يَجِبُ عِنْدَهُ التَّيَمُّمُ وَلَيْسَ هُوَ سَبَبُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ لِلصَّلَاةِ أَوْقَاتُهَا وَأَسْبَابُ الطَّهَارَاتِ الْأَحْدَاثُ أَمَّا عَدَمُ الْمَاءِ فَلَيْسَ سَبَبًا لِوُجُوبِ التَّيَمُّمِ بَلْ الْحَدَثُ اقْتَضَى إحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ عَلَى التَّرْتِيبِ فَإِنْ عُدِمَتْ طَهَارَةُ الْمَاءِ تَعَيَّنَتْ طَهَارَةُ التُّرَابِ فَعَدَمُ الْمَاءِ وَاجِبٌ عِنْدَهُ لَا بِهِ وَلَمْ يُلَاحِظْ صَاحِبُ الشَّرْعِ عَدَمَ مَاءٍ مُعَيَّنٍ بَلْ عَدَمُ الْمَاءِ الطَّهُورِ الْكَافِي لِلطَّهَارَةِ دُونَ خُصُوصِ مَاءٍ فَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ هَاهُنَا وَاجِبٌ عِنْدَهُ.

وَرَابِعُهَا: وُجُوبُ أَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ عَدَمِ الطَّعَامِ الْمُبَاحِ إذَا خَافَ الْهَلَاكَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَكْلُ الْمَيْتَةِ لَا لِأَنَّ السَّبَبَ عَدَمُ الطَّعَامِ الْمُبَاحِ بَلْ السَّبَبُ إحْيَاءُ النَّفْسِ وَعَدَمُ الطَّعَامِ الْمُبَاحِ وَاجِبٌ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ إحْيَاءَ النَّفْسِ اقْتَضَى أَحَدَ الْغِذَاءَيْنِ إمَّا الْمُبَاحَ أَوْ الْمَيْتَةَ عَلَى التَّرْتِيبِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ الْمُبَاحُ تَعَيَّنَتْ الْمَيْتَةُ كَاقْتِضَاءِ الْحَدَثِ إحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ وَلَمْ يُلَاحِظْ صَاحِبُ الشَّرْعِ عَدَمَ طَعَامٍ مُبَاحٍ بِعَيْنِهِ بَلْ مُطْلَقَ الطَّعَامِ الْمُبَاحِ الَّذِي يَصْلُحُ لِإِقَامَةِ الْبِنْيَةِ، وَخَامِسُهَا: عَدَمُ الْخَصْلَةِ الْأُولَى مِنْ الْخِصَالِ الْمُرَتَّبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ نَحْوُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَإِنَّ تَعَذُّرَ الْعِتْقِ يُوجِبُ الصِّيَامَ وَعَدَمُ الْعِتْقِ لَيْسَ هُوَ سَبَبَ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ هُوَ الظِّهَارُ وَعَدَمُ الْعِتْقِ وَاجِبٌ عِنْدَهُ لَا بِهِ وَلَمْ يُلَاحِظْ الشَّرْعُ عَدَمَ رَقَبَةٍ مُعَيَّنَةٍ بَلْ عَدَمُ مُطْلَقِ الرَّقَبَةِ الصَّالِحَةِ لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْ الظِّهَارِ فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ كُلُّهَا كُلِّيٌّ مُشْتَرَكٌ لَيْسَ بِجُزْئِيٍّ وَالْوُجُوبُ فِيهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ أَفْرَادِهِ وَهُوَ كُلُّهُ وَاجِبٌ عِنْدَهُ.

الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ الْكُلِّيُّ الْمُشْتَرَكُ الْوَاجِبُ مِنْهُ وَلَهُ مِثْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ أَحَدُهَا الْجِنْسُ الْمُخْرَجُ مِنْهُ زَكَاةُ الْإِبِلِ غَنَمًا فِي الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ (الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ الْكُلِّيُّ الْمُشْتَرَكُ الْوَاجِبُ مِنْهُ إلَى آخَرِ مَا قَالَهُ فِيهَا) قُلْتُ مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ غَيْرُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْحُكْمِ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ الْكُلِّيُّ وَكَذَلِكَ مَا قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالتَّاسِعَةِ وَالْعَاشِرَةِ غَيْرُ مَا يُشْعِرُ كَلَامُهُ مِنْ مُتَعَلِّقِ الْحُكْمِ بِالْكُلِّيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِرَارًا بَلْ الصَّحِيحُ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِفَرْدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِمَّا فِيهِ الْمُعَيَّنُ الْمُشْتَرَكُ فَإِنْ عَنَى ذَلِكَ فَمُرَادُهُ صَحِيحٌ.

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

تَأَخَّرَتْ الِاسْتِطَاعَةُ تَأَخَّرَتْ السُّنَّةُ أَوْ تَقَدَّمَتْ تَقَدَّمَتْ السُّنَّةُ فَصَارَ تَعْيِينُ الْوَقْتِ تَابِعًا لِلِاسْتِطَاعَةِ لَا لِمَصْلَحَةٍ فِيهِ فَحِينَئِذٍ تَعَيَّنَ أَوْقَاتُ الْعِبَادَاتِ لِمَصَالِحَ فِيهَا بِحَيْثُ إنَّا نَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا عَيَّنَ شَهْرَ رَمَضَانَ لِلصَّوْمِ مَثَلًا لِمَصْلَحَةٍ يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا دُونَ غَيْرِهِ طَرْدًا لِقَاعِدَةِ الشَّرْعِ فِي

رِعَايَةِ الْمَصَالِحِ

عَلَى سَبِيلِ التَّفَضُّلِ فَإِنَّا إذَا لَاحَظْنَا الشَّرَائِعَ وَجَدْنَاهَا مَصَالِحَ فِي الْأَغْلَبِ أَدْرَكْنَا ذَلِكَ وَخَفِيَ عَلَيْنَا فِي الْأَقَلِّ فَقُلْنَا: ذَلِكَ الْأَقَلُّ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الْأَكْثَرِ كَمَا لَوْ جَرَتْ عَادَةُ مَلِكٍ بِأَنْ لَا يَخْلَعَ الْأَخْضَرَ إلَّا عَلَى الْفُقَهَاءِ فَإِذَا رَأَيْنَا مَنْ خُلِعَ عَلَيْهِ الْأَخْضَرُ وَلَا نَعْلَمُ قُلْنَا: هُوَ فَقِيهٌ طَرْدًا لِقَاعِدَةِ ذَلِكَ الْمَلِكِ.

وَهَكَذَا لَمَّا كَانَتْ قَاعِدَةُ الشَّرْعِ

رِعَايَةَ الْمَصَالِحِ

فِي جَانِبِ الْأَوَامِرِ وَالْمَفَاسِدِ فِي جَانِبِ النَّوَاهِي عَلَى سَبِيلِ التَّفْضِيلِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ الْعَقْلِيِّ كَمَا تَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ لَزِمَ أَنْ نَعْتَقِدَ فِيمَا لَمْ نَطَّلِعْ فِيهِ عَلَى مَفْسَدَةٍ وَلَا مَصْلَحَةٍ إنْ كَانَ فِي جَانِبِ الْأَوَامِرِ أَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً وَإِنْ كَانَ فِي جَانِبِ النَّوَاهِي أَنَّ فِيهِ مَفْسَدَةً كَأَنْ نَقُولَ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ: إنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَصَالِحَ لَا نَعْلَمُهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ تَعَبُّدِيٍّ مَعْنَاهُ أَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لَا نَعْلَمُهَا.

وَأَمَّا تَعَيُّنُ أَوْقَاتِ الْفَوْرِيَّاتِ كَرَدِّ الْمَغْصُوبِ وَالْوَدَائِعِ إذَا طُلِبَتْ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأَقْضِيَةِ الْحُكَّامِ إذَا نَهَضَتْ الْحِجَاجُ وَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَامْتِثَالِ الْأَمْرِ إذَا قُلْنَا: إنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ أَبَا بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ زَمَانٍ لِلسَّمَاعِ وَزَمَانٍ لِلتَّأَمُّلِ وَتَعَرُّفِ مَعْنَى الْخِطَابِ وَفِي الزَّمَنِ الثَّالِثِ يَكُونُ الْفِعْلُ زَمَانِيًّا وَبِالتَّأْخِيرِ عَنْهُ يُوصَفُ الْمُكَلَّفُ بِالْمُخَالَفَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَبَعٌ لِلْمَأْمُورَاتِ وَطَرَيَانِ الْأَسْبَابِ فَتَعَيُّنُ وَقْتِ إنْقَاذِ الْغَرِيقِ تَابِعٌ لِسُقُوطِهِ فِي الْبَحْرِ فَلَوْ تَأَخَّرَ سُقُوطُهُ فِي الْبَحْرِ تَأَخَّرَ الزَّمَانُ أَوْ تَعَجَّلَ تَعَجَّلَ الزَّمَانُ.

وَتَعَيُّنُ وَقْتِ امْتِثَالِ الْأَمْرِ إذَا قُلْنَا: إنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ تَابِعٌ لِوُرُودِ الصِّيغَةِ فَإِنْ تَقَدَّمَتْ تَقَدَّمَ الْوَقْتُ أَوْ تَأَخَّرَتْ تَأَخَّرَ الْوَقْتُ وَتَعَيُّنُ وَقْتِ أَقْضِيَةِ الْأَحْكَامِ تَابِعٌ لِنُهُوضِ الْحِجَاجِ لَا لِمَصْلَحَةٍ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ وَهَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَاقِي.

وَالْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّ الْوَاجِبَاتِ الْفَوْرِيَّةَ وَإِنْ حَدَّ الشَّارِعُ لَهَا زَمَانًا وَهُوَ زَمَانُ الْوُقُوعِ الَّذِي أَوَّلُهُ أَوَّلُ زَمَانِ التَّكْلِيفِ وَآخِرُهُ الْفَرَاغُ مِنْهَا بِحَسَبِهَا فِي طُولِهَا وَقِصَرِهَا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَابِعًا لِمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ لَا لِمَصْلَحَةٍ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ مَحْدُودَ الطَّرَفَيْنِ بِخِلَافِ زَمَانِ الْعِبَادَاتِ لَمْ يُقَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>