للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ أَوْلَادُ الْمَوَاشِي إذَا كَمُلَ بِهَا نِصَابُهَا فَمَتَى خُوطِبَ رَبُّ الْمَالِ وَجَبَتْ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلًا تَغْلِيبًا لِهَذَا الْأَصْلِ وَهُوَ ضَمُّ الرِّبْحِ إلَى الْأَصْلِ فِي الزَّكَاةِ وَوَقَعَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: يُعْتَبَرُ حَالُ الْعَامِلِ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ أَهْلًا بِالنِّصَابِ وَغَيْرِهِ زَكَّى، وَإِلَّا فَلَا تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الشَّرِكَةِ فَالْفَرْقُ يَتَخَرَّجُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ.

(الْفَرْقُ الثَّامِنُ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَرْبَاحِ تُضَمُّ إلَى أُصُولِهَا فِي الزَّكَاةِ فَيَكُونُ حَوْلُ الْأَصْلِ حَوْلَ الرِّبْحِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الرِّبْحِ حَوْلٌ يَخُصُّهُ كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا أَمْ لَا عِنْدَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَوَافَقَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُطْلَقًا وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْفَوَائِدِ الَّتِي لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا أَصْلٌ عِنْدَ الْمُكَلَّفِ كَالْمِيرَاثِ وَالْهِبَةِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَصَدَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ بَعْدَ حَوْزِهِ وَقَبْضِهِ)

وَالْفَرْقُ عِنْدَنَا عَضَّدَهُ قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلسَّاعِي عُدَّ عَلَيْهِمْ السَّخْلَةَ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي وَلَا تَأْخُذْهَا وَالسَّخْلَةُ عَيْنٌ مُتَمَوَّلَةٌ نَشَأَتْ عَنْ عَيْنٍ مُتَمَوَّلَةٍ زَكَوِيَّةٍ كَمَا نَشَأَ الرِّبْحُ وَهُوَ عَيْنٌ زَكَوِيَّةٌ عَنْ عَيْنٍ زَكَوِيَّةٍ وَهُوَ أَصْلُهُ فَكَمَا ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى أَصْلِهِ وَجُعِلَ حَوْلُهُ حَوْلًا لَهُ كَذَلِكَ الْآخَرُ الَّذِي هُوَ الرِّبْحُ، وَقَوْلُنَا

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ: (الْفَرْقُ الثَّامِنُ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ " الْأَرْبَاحُ تُضَمُّ إلَى أُصُولِهَا فِي الزَّكَاةِ فَيَكُونُ حَوْلُ الْأَصْلِ حَوْلَ الرِّبْحِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الرِّبْحِ حَوْلٌ يَخُصُّهُ كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا أَمْ لَا عِنْدَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَوَافَقَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مُطْلَقًا " وَبَيْنَ قَاعِدَةِ " الْفَوَائِدِ الَّتِي لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا أَصْلٌ عِنْدَ الْمُكَلَّفِ كَالْمِيرَاثِ وَالْهِبَةِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَصَدَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ بَعْدَ حَوْزِهِ وَقَبْضِهِ إلَى قَوْلِهِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهَا فِي قَاعِدَةِ خِطَابِ الْوَضْعِ نَعَمْ التَّقْدِيرُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ بِأَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ مَعَ عَدَمِ سَبَبِهِ أَوْ شَرْطِهِ، أَوْ قِيَامِ مَانِعِهِ وَهَهُنَا قَدْ دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ فَإِنَّ قَوْلَ عُمَرَ اعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ وَلَا تَأْخُذْهَا مِنْهُمْ كَمَا فِي الْمُوَطَّإِ وَقَوْلَ عَلِيٍّ عُدَّ عَلَيْهِمْ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ كَمَا فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ وَالْمُنْتَقَى لِلْبَاجِيِّ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْأَرْبَاحِ ضَرُورَةَ أَنَّ رِبْحَ التِّجَارَةِ كَذَلِكَ مَعْنًى إذْ السَّخْلَةُ كَمَا أَنَّهَا عَيْنٌ مُتَمَوَّلَةٌ نَشَأَتْ عَنْ عَيْنٍ مُتَمَوَّلَةٍ زَكَوِيَّةٍ كَذَلِكَ الرِّبْحُ عَيْنٌ زَكَوِيَّةٌ نَشَأَتْ عَنْ عَيْنٍ زَكَوِيَّةٍ وَهُوَ أَصْلُهُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ حُكْمًا فَكَمَا تُضَمُّ السِّخَالُ إلَى أَصْلِهَا وَيُجْعَلُ حَوْلُهُ حَوْلًا لَهَا كَذَلِكَ يُضَمُّ الرِّبْحُ إلَى أَصْلِهِ وَيُجْعَلُ حَوْلُهُ حَوْلًا لَهُ وَشَرْطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ دَوَرَانُ الْحَوْلِ وَهُوَ لَمْ يَدُرْ عَلَى الرِّبْحِ وَالسِّخَالِ فَتَعَيَّنَ تَقْدِيرُ الرِّبْحِ فِي التِّجَارَةِ وَالسِّخَالِ فِي الْمَاشِيَةِ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ تَحْقِيقًا لِلشَّرْطِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَمُحَافَظَةً عَلَى الشَّرْطِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَلَيْسَتْ الْفَائِدَةُ كَذَلِكَ إذْ لَا أَصْلَ لَهَا يُقَدَّرُ حَوْلُهُ حَوْلًا لَهَا. نَعَمْ فِي كَوْنِ هَذَيْنِ التَّقْدِيرَيْنِ فِي يَوْمِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الرِّبْحِ.

وَالسَّبَبُ يُلَازِمُ مُسَبَّبَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَوْ فِي يَوْمِ الْحُصُولِ لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ تَقْدِيرَيْنِ: تَقْدِيرِ الشِّرَاءِ وَالْأَعْيَانِ الَّتِي حَصَلَتْ فِي الرِّبْحِ. وَالتَّقْدِيرُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَيُقْتَصَرُ مِنْهُ عَلَى مَا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَيْهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ، أَوْ فِي يَوْمِ مِلْكِ أَصْلِ الْمَالِ لِأَنَّهُ السَّبَبُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُغِيرَةِ خِلَافٌ تَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى عَشَرَةٍ فَأَنْفَقَ مِنْهَا خَمْسَةً وَاشْتَرَى سِلْعَةً بِخَمْسَةٍ فَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ تَقَدَّمَ الشِّرَاءُ عَلَى الْإِنْفَاقِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فَإِنَّ التَّقْدِيرَ حِينَئِذٍ وَالْمَالُ عَشَرَةٌ وَهَذِهِ عَشَرَةٌ رِبْحٌ فَيَكْمُلُ النِّصَابُ حِينَئِذٍ، وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ وَأَسْقَطَهَا أَشْهَبُ مُطْلَقًا لِأَنَّ التَّقْدِيرَ عِنْدَهُ يَوْمَ الْحُصُولِ وَيَوْمَ الْحُصُولِ لَمْ تَكُنْ إلَّا خَمْسَةَ عَشَرَ وَأَوْجَبَهَا الْمُغِيرَةُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَقْدِرُ يَوْمَ مِلْكِهِ الْعَشَرَةَ وَلَا عِبْرَةَ بِتَقْدِيمِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الشِّرَاءِ وَعَدَمِهِ، وَفِي الْمُوَطَّإِ قَالَ مَالِكٌ إذَا بَلَغَتْ الْغَنَمُ بِأَوْلَادِهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ فَعَلَيْهِ فِيهَا الصَّدَقَةُ وَذَلِكَ أَنَّ أَوْلَادَ الْغَنَمِ مِنْهَا وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا أُفِيدَ مِنْهَا بِاشْتِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ.

وَمِثْلُ ذَلِكَ الْعَرْضِ لَا يَبْلُغُ ثَمَنُهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ فَيَصْدُقُ رِبْحُهُ مَعَ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ رِبْحُهُ فَائِدَةً، أَوْ مِيرَاثًا لَمْ تَجِبْ فِيهِ الصَّدَقَةُ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ أَفَادَهُ أَوْ وَرِثَهُ قَالَ مَالِكٌ فَغِذَاءُ الْغَنَمِ أَيْ سِخَالِهَا مِنْهَا كَمَا أَنَّ رِبْحَ الْمَالِ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ فِي وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مِنْ الذَّهَبِ، أَوْ الْوَرِقِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ثُمَّ أَفَادَ إلَيْهِ مَالًا، تَرَكَ مَالَهُ الَّذِي أَفَادَ فَلَمْ يُزَكِّهِ مَعَ مَالِهِ الْأَوَّلِ حِينَ يُزَكِّيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَى الْفَائِدَةِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ أَفَادَهَا، وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ غَنَمٌ أَوْ بَقَرٌ أَوْ إبِلٌ تَجِبُ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا الصَّدَقَةُ، ثُمَّ أَفَادَ إلَيْهَا بَعِيرًا أَوْ بَقَرَةً أَوْ شَاةً صَدَّقَهَا مَعَ صِنْفِ مَا أَفَادَ مِنْ ذَلِكَ حِينَ يُصَدِّقُهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ الَّذِي أَفَادَ نِصَابَ مَاشِيَةٍ قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي هَذَا كُلِّهِ اهـ.

قَالَ الْبَاجِيَّ: يُرِيدُ أَنَّ الْفَائِدَةَ لَا يَكْمُلُ بِهَا النِّصَابُ وَيَكْمُلُ بِالنَّسْلِ، وَقَاسَهُ مَالِكٌ عَلَى نَمَاءِ الْعَيْنِ مِنْهُ فَإِذَا بَلَغَ الرِّبْحُ مَعَ الْأَصْلِ النِّصَابَ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ إلَّا بِفَائِدَةٍ لَمْ يَزْكُ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>