للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ وَالْإِرَادَةُ وَالْحَيَاةُ وَالْكَلَامُ النَّفْسَانِيُّ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ.

وَثَانِيهِمَا الْعِلْمُ حَسَنٌ لِذَاتِهِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الظَّنِّ لِلْقَطْعِ بِعَدَمِ الْجَهْلِ مَعَهُ وَتَجْوِيزِ الْجَهْلِ مَعَ الظَّنِّ وَذَلِكَ لِذَاتِ الْعِلْمِ لَا لِصِفَةٍ قَامَتْ بِهِ كَمَا أَنَّ الْجَهْلَ نَقِيصَةٌ لِذَاتِهِ لَا لِصِفَةٍ قَامَتْ بِهِ أَوْجَبَتْ نَقْصَهُ بِخِلَافِ الْجَاهِلِ وَالْعَالِمِ، نَقْصُ الْجَاهِلِ لِصِفَةٍ قَامَتْ بِهِ وَهِيَ الْجَهْلُ وَفَضْلُ الْعَالِمِ لِصِفَةٍ قَامَتْ بِهِ وَهِيَ الْعِلْمُ.

وَثَالِثُهَا الْحَيَاةُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَوْتِ لِذَاتِهَا لَا لِمَعْنًى أَوْجَبَ لَهَا ذَلِكَ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

وَهِيَ الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ وَالْإِرَادَةُ وَالْحَيَاةُ وَالْكَلَامُ النَّفْسَانِيُّ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ) قُلْت: مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ التَّفْضِيلَ بِالذَّاتِ لَهُ مُثُلٌ لَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ لَا مِثَالَ لَهُ إلَّا وَاحِدٌ وَهُوَ ذَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتُهُ وَلَا يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا مُثُلٌ بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا غَيْرُهُ.

قَالَ: (وَثَانِيهَا الْعِلْمُ حَسَنٌ لِذَاتِهِ) قُلْت مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ لَيْسَ بِجَارٍ عَلَى مَذْهَبِ الْأَشْعَرِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ إنَّ الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ لَيْسَا بِذَاتِيَّيْنِ، وَإِنَّمَا يَجْرِي ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ فَقَوْلُهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، قَالَ: (وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الظَّنِّ لِلْقَطْعِ بِعَدَمِ الْجَهْلِ مَعَهُ وَتَجْوِيزِ الْجَهْلِ مَعَ الظَّنِّ) قُلْت مَا قَالَهُ هُنَا كَلَامٌ سَاقِطٌ عَدِيمُ التَّحْصِيلِ، كَيْفَ يَكُونُ الْعِلْمُ أَفْضَلَ مِنْ الظَّنِّ بِسَبَبِ الْقَطْعِ بِعَدَمِ الْجَهْلِ مَعَهُ وَتَجْوِيزِ الْجَهْلِ مَعَ الظَّنِّ؟ وَقَدْ زَعَمَ أَنَّهُ حَسَنٌ لِذَاتِهِ وَالذَّاتِيُّ لَا يُعَلَّلُ، وَكَيْفَ يَجُوزُ الْجَهْلُ مَعَ الظَّنِّ، وَالْجَهْلُ وَالظَّنُّ ضِدَّانِ فَكَيْفَ يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ شَيْئًا مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ أَلْبَتَّةَ.

قَالَ (وَذَلِكَ لِذَاتِ الْعِلْمِ لَا لِصِفَةٍ قَامَتْ بِهِ كَمَا أَنَّ الْجَهْلَ نَقِيصَةٌ لِذَاتِهِ لَا لِصِفَةٍ قَامَتْ بِهِ أَوْجَبَتْ نَقْصَهُ) .

قُلْت: قَوْلُهُ لَا لِصِفَةٍ قَامَتْ بِهِ يُشْعِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ قِيَامُ الصِّفَةِ بِالصِّفَةِ وَذَلِكَ مُحَالٌ عِنْدَ أَهْلِ هَذَا الْعِلْمِ. قَالَ (بِخِلَافِ الْجَاهِلِ وَالْعَالِمِ؛ نَقْصُ الْجَاهِلُ لِصِفَةٍ قَامَتْ بِهِ وَهِيَ الْجَهْلُ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ لِصِفَةٍ قَامَتْ بِهِ وَهِيَ الْعِلْمُ) قُلْت: مَا قَالَهُ هُنَا صَحِيحٌ. قَالَ: (وَثَالِثُهَا الْحَيَاةُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَوْتِ لِذَاتِهَا لَا لِمَعْنًى أَوْجَبَ لَهَا ذَلِكَ) . قُلْت: مَا قَالَهُ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْعُذْرِ حُكْمِيًّا، أَوْ زَوَالُهُ حَقِيقِيًّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ نَزْعُهُ لِئَلَّا يَكُونَ عَاصِيًا، وَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلِبَقَاءِ الْعِلَّةِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ بِتَغَيُّرٍ مَا.

(الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ) أَنْ يَتَّحِدَ السَّبَبُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ صُورَتَهُ عِنْدَ الْأَحْنَافِ أَنْ يَلْبَسَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ الْجَسَدِ كِلَيْهِمَا بِعُذْرٍ، أَوْ كِلَيْهِمَا بِغَيْرِ عُذْرٍ وَعِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنْ يُقَدِّمَ مَا نَفْعُهُ أَعَمُّ عَلَى مَا نَفْعُهُ أَخَصُّ كَأَنْ يَلْبَسَ أَوَّلًا الثَّوْبَ ثُمَّ السَّرَاوِيلَ، أَوْ يُقَدِّمَ الْقَلَنْسُوَةَ عَلَى الْعِمَامَةِ، أَوْ الْقَمِيصَ عَلَى الْجُبَّةِ إذَا كَانَ الْقَمِيصُ أَطْوَلَ مِنْ الْجُبَّةِ وَالسَّرَاوِيلِ أَمَّا إذَا طَالَتْ السَّرَاوِيلُ، أَوْ الْجُبَّةُ طُولًا لَهُ بَالٌ يَحْصُلُ بِهِ انْتِفَاعٌ، أَوْ دَفْعُ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَيَتَعَدَّدُ كَمَا إذَا عَكَسَ فَقَدَّمَ السَّرَاوِيلَ عَلَى الْقَمِيصِ فَفِي الْجَلَّابِ إنْ احْتَاجَ إلَى قَمِيصٍ فَلَبِسَهُ، ثُمَّ احْتَاجَ إلَى سَرَاوِيلَ فَلَبِسَهَا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِحُصُولِ السَّتْرِ مِنْ الْقَمِيصِ لِجَمِيعِ الْجَسَدِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَى سَرَاوِيلَ، ثُمَّ إلَى قَمِيصٍ فَفِدْيَتَانِ لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ بِالْقَمِيصِ مِنْ السَّتْرِ مَا لَمْ يَسْتَفِدْهُ مِنْ السَّرَاوِيلِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ.

(فَرْعٌ) إذَا تَعَدَّدَ مُوجِبُ الْحَفْنَةِ بِأَنْ قَتَلَ قَمْلًا قَلِيلًا وَأَزَالَ شَعْرًا قَلِيلًا لَا لِإِمَاطَةِ أَذًى وَقَلَّمَ ظُفُرًا وَاحِدًا لَا لِإِمَاطَةِ أَذًى أَيْضًا وَأَلْقَى قُرَادًا كَثِيرًا، أَوْ قَلِيلًا عَنْ بَعِيرِهِ جَرَى فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا فَتَتَّحِدُ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ لِمُسْتَنَدٍ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي فَوْرٍ إذَا لَمْ يَخْرُجُ لِلْأَوَّلِ قَتْلُ الثَّانِي، وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ الْجَفْنَةُ كَمَا إذَا تَرَاخَى مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي عبق وَحَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى تَوْضِيحِ الْمَنَاسِكِ.

(الْمَوْضِعُ الْخَامِسُ) عِنْدَ الْأَحْنَافِ خَاصَّةً أَنْ يَتَّحِدَ الْجِنْسُ كَمَا مَرَّ تَوْضِيحُهُ عَنْ اللُّبَابِ هَذَا وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَضَابِطُ قَاعِدَةِ مَا تَتَّحِدُ الْفِدْيَةُ فِيهِ وَمَا تَتَعَدَّدُ أَنَّهُ مَتَى اتَّحَدَتْ النِّيَّةُ أَوْ الْمَرَضُ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ، أَوْ الزَّمَانُ بِأَنْ يَكُونَ الْكُلُّ عَلَى الْفَوْرِ اتَّحَدَتْ الْفِدْيَةُ وَمَتَى وَقَعَ التَّعَدُّدُ فِي النِّيَّةِ، أَوْ السَّبَبِ أَوْ الزَّمَانِ تَعَدَّدَتْ الْفِدْيَةُ اهـ فِيهِ نَظَرٌ بِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّ فِيهِ قُصُورًا لَا يَخْفَى مِنْ الضَّابِطِ الْمَارِّ.

ثَانِيهِمَا أَنَّ السَّبَبَ لَا يَنْحَصِرُ فِي الْمَرَضِ لَا عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّهُ مُطْلَقُ الِانْتِفَاعِ وَلَوْ لِغَيْرِ مَرَضٍ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِأَنَّهُ - كَمَا عَلِمْت - الْمَرَضُ، أَوْ غَيْرُهُ فَتَأَمَّلْ بِإِنْصَافٍ وَلَا تَنْظُرْ لِمَنْ قَالَ: وَأَمَّا ضَابِطُ التَّدَاخُلِ وَعَدَمِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهُوَ أَنَّهُ مَتَى اتَّحَدَ السَّبَبُ، أَوْ الْجِنْسُ وَلَوْ تَعَدَّدَ الزَّمَانُ اتَّحَدَتْ الْفِدْيَةُ وَقِيلَ: إنَّهُ مَتَى اتَّحَدَ السَّبَبُ فَقَطْ اتَّحَدَتْ وَمَتَى تَعَدَّدَ السَّبَبُ أَوْ الْجِنْسُ، أَوْ تَعَدَّدَ السَّبَبُ فَقَطْ تَعَدَّدَتْ قَالَ فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ عَلَى الْإِقْنَاعِ مَعَ الْمَتْنِ (وَإِنْ كَرَّرَ مَحْظُورًا مِنْ جِنْسٍ غَيْرِ) قَتْلِ (صَيْدٍ، مِثْلُ أَنْ حَلَقَ) ثُمَّ أَعَادَ (أَوْ قَلَّمَ) ثُمَّ أَعَادَ (أَوْ لَبِسَ) مَخِيطًا، ثُمَّ أَعَادَ (أَوْ تَطَيَّبَ) ثُمَّ أَعَادَ (أَوْ وَطِئَ) ثُمَّ أَعَادَ (أَوْ فَعَلَ غَيْرَهَا مِنْ الْمَحْظُورَاتِ) كَأَنْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ (ثُمَّ أَعَادَ) ذَلِكَ (ثَانِيًا وَلَوْ غَيْرَ الْمَوْطُوءِ) أَوَّلًا (أَوْ) كَانَ تَكْرِيرُهُ لِلْمَحْظُورِ (يَلْبَسُ مَخِيطًا فِي رَأْسِهِ) فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ فِي الشَّرْحِ بِأَنْ لَبِسَ قَمِيصًا وَسَرَاوِيلَ وَعِمَامَةً وَخُفَّيْنِ كَفَاهُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْجَمِيعَ يُلْبَسُ فَأَشْبَهَ الطِّيبَ فِي رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ (أَوْ بِدَوَاءٍ فِيهِ طِيبٌ) ذَكَرَهُ فِي الْإِنْصَافِ الْمَذْهَبُ وَأَنَّ عَلَيْهِ الْأَصْحَابَ وَبَنَاهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّ الْحُكْمَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ لَا بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَجْنَاسِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ الطِّيبُ وَتَغْطِيَةُ الرَّأْسِ جِنْسَانِ كَمَا تَقَدَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>