للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسْبَابٌ وَلَا عَنْ لَفْظٍ مَقْصُودٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا شَرْعِيًّا وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِذِكْرِ عَشْرِ مَسَائِلَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى)

تَقْيِيدُ الْمُطْلَقَاتِ إذَا حَلَفَ لَيُكْرِمَنَّ رَجُلًا وَنَوَى بِهِ زَيْدًا فَلَا يَبْرَأُ بِإِكْرَامِ غَيْرِهِ لِأَنَّ رَجُلًا مُطْلَقٌ وَقَدْ قَيَّدَهُ بِخُصُوصِ زَيْدٍ فَصَارَ مَعْنَى الْيَمِينِ لَأُكْرِمَنَّ زَيْدًا وَكَذَلِكَ إذَا قَيَّدَهُ بِصِفَةٍ فِي نِيَّتِهِ وَلَمْ يَلْفِظْ بِهَا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَأُكْرِمَنَّ رَجُلًا وَيَنْوِي بِهِ فَقِيهًا أَوْ زَاهِدًا فَلَا يَبْرَأُ بِإِكْرَامِ غَيْرِ الْمَوْصُوفِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَهَذِهِ صُورَةُ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقَاتِ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ)

تَخْصِيصُ الْعُمُومَاتِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا لَبِسْت ثَوْبًا وَيَنْوِي إخْرَاجَ الْكَتَّانِ مِنْ يَمِينِهِ فَيَصِيرُ هَذَا الْعُمُومُ مَخْصُوصًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ وَلَا يَحْنَثُ إذَا لَبِسَ الْكَتَّانَ لِأَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَهُ بِنِيَّتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ وَالنِّيَّةِ الْمُؤَكِّدَةِ أَنَّ الْقَصْدَ لِلْكَتَّانِ دُونَ غَيْرِهِ لَا يُفِيدُ وَأَنَّ هُنَالِكَ فَرْقًا جَلِيلًا جَمِيلًا فَلْيُطَالَعْ مِنْ هُنَالِكَ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ)

الْمُحَاشَاةُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ إذَا قَالَ كُلُّ حَلَالٍ عَلَيَّ حَرَامٌ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَ زَوْجَتَهُ وَقَالَ الْأَصْحَابُ يَكْفِي فِي الْمُحَاشَاةِ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا تَخْصِيصٌ بِعَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَالتَّخْصِيصُ يَكْفِي فِيهِ إرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ فَكَفَى فِي الْمُحَاشَاةِ مُجَرَّدُ إرَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ فَلَيْسَتْ الْمُحَاشَاةُ شَيْئًا غَيْرَ التَّخْصِيصِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ فَهَذِهِ هِيَ مَوَاطِنُ الِاكْتِفَاءِ بِالنِّيَّةِ إجْمَاعًا

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ تَخْصِيصُ الْعُمُومَاتِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا لَبِسْت ثَوْبًا وَيَنْوِي إخْرَاجَ الْكَتَّانِ مِنْ يَمِينِهِ فَيَصِيرُ هَذَا الْعُمُومُ مَخْصُوصًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ وَلَا يَحْنَثُ إذَا لَبِسَ الْكَتَّانَ لِأَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَهُ بِنِيَّتِهِ)

قُلْت لَيْسَ هَذَا تَخْصِيصَ الْعُمُومِ بَلْ هُوَ الِاسْتِثْنَاءُ بِالنِّيَّةِ وَهُوَ مَحَلُّ خِلَافٍ وَأَمَّا التَّخْصِيصُ بِالنِّيَّةِ فَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ مَا عَدَا الْكَتَّانَ خَاصَّةً وَلَا أَرَاهُ إلَّا مَحَلَّ وِفَاقٍ قَالَ (وَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ النِّيَّةِ الْمُخَصَّصَةِ وَالنِّيَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ إلَى آخَرِ الْمَسْأَلَةِ) قُلْت وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ مَعَهُ هُنَاكَ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ.

قَالَ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الْمُحَاشَاةُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا قَالَ كُلُّ حَلَالٍ عَلَيَّ حَرَامٌ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَ زَوْجَتَهُ وَقَالَ الْأَصْحَابُ يَكْفِي فِي الْمُحَاشَاةِ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ) قُلْت الْمُحَاشَاةُ هِيَ الِاسْتِثْنَاءُ بِعَيْنِهِ قَالَ (وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا تَخْصِيصٌ بِعَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانَ إلَى قَوْلِهِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ)

قُلْت الصَّحِيحُ أَنَّ الْمُحَاشَاةَ هِيَ الِاسْتِثْنَاءُ بِعَيْنِهِ لَا التَّخْصِيصُ وَلَكِنْ لَمَّا سَبَقَ لَهُ تَوَهُّمُ أَنَّ إخْرَاجَ بَعْضِ مُتَنَاوِلِ اللَّفْظِ الْعَامِّ هُوَ التَّخْصِيصُ قَالَ إنَّ الْمُحَاشَاةَ هِيَ التَّخْصِيصُ وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَتَوَهُّمُهُ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي أَوْجَبَ غَلَطَهُ حَيْثُ جَزَمَ بِأَنَّ نِيَّةَ التَّخْصِيصِ لَا تُفِيدُ مَعَ تَوَهُّمِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي التَّخْصِيصِ فِي النِّيَّةِ مَا يُشْتَرَطُ فِي التَّخْصِيصِ بِاللَّفْظِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ وَالْكَلَامُ مَعَهُ فِيهِ فِي الْفَرْقِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ

قَالَ (فَهَذِهِ هِيَ مَوَاطِنُ الِاكْتِفَاءِ بِالنِّيَّةِ إجْمَاعًا) قُلْت ذَلِكَ صَحِيحٌ إلَّا فِي الْمُحَاشَاةِ فَإِنَّ الْخِلَافَ فِيهَا مَعْلُومٌ.

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

وَالْأَكْثَرُ، أَوْ لَا؟ وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَفِي حَاشِيَةِ الرِّسَالَةِ للح قَالَ فِي رَسْمِ أَوْصَى مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ إنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْمُصْحَفِ وَأَرَادَ الْمُصْحَفَ نَفْسَهُ دُونَ الْمَفْهُومِ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» اهـ.

وَفِي الْمَجْمُوعِ وَشَرْحِهِ انْعِقَادُ الْيَمِينِ بِالْمُصْحَفِ وَأَوْلَى الْقُرْآنُ أَوْ كَلِمَةٌ مِنْهُ تَخُصُّهُ عُرْفًا كَ {الم} [البقرة: ١] لَا نَحْوُ قَالَ إنْ لَمْ يَنْوِ مَعْنًى حَادِثًا أَيْ الْمَكْتُوبَ أَوْ اللَّفْظَ الْمُنَزَّلَ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَعْنَى الْقَدِيمِ بِأَنْ نَوَى قَدِيمًا أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا اهـ.

وَفِي الْأَصْلِ فِي الْفَرْقِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا وَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا حَلَفَ بِالْقُرْآنِ أَوْ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ أَوْ الزَّبُورِ وَسَائِرِ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ وَحَنِثَ وَهُوَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِانْصِرَافِهِ عِنْدَهُ لِلْكَلَامِ الْقَدِيمِ النَّفْسِيِّ أَمْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا حَلَفَ بِذَلِكَ وَحَنِثَ وَهُوَ مَا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ إنَّ الْحَلِفَ بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَإِنَّا لَا نَفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ الْقُرْآنَ، وَهُوَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ أَوْ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ إلَّا هَذِهِ الْأَصْوَاتَ وَالرُّقُومَ الْمَكْتُوبَةَ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ نَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ أَنْ يُسَافِرَ بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ فَإِنَّ الْمُسَافَرَةَ مُتَعَذِّرَةٌ بِالْقَدِيمِ اهـ وَزَادَ الْعَلَّامَةُ الْأَمِيرُ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ سِتَّةَ أَلْفَاظٍ

(اللَّفْظُ الْعَاشِرُ) قَوْلُهُ وَالِاسْمُ الْأَعْظَمُ قَالَ الْأَمِيرُ يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْأَعْظَمَ مِنْ اسْمَيْنِ لِشَخْصٍ

(اللَّفْظُ الْحَادِي عَشَرَ) قَوْلُهُ وَدِينِ الْإِسْلَامِ قَالَ الْأَمِيرُ إنْ أَرَادَ بِهِ الْأَحْكَامَ الْإِلَهِيَّةِ انْعَقَدَ لِأَنَّهَا تَرْجِعُ لِكَلَامِهِ وَخِطَابِهِ وَإِنْ أَرَادَ تَدَيُّنَ الْعِبَادِ وَطَاعَتَهُمْ لَمْ يَلْزَمْ

(اللَّفْظُ الثَّانِي عَشَرَ) قَوْلُهُ وَخَاتَمِ الصَّوْمِ الَّذِي عَلَى فَمِ الْعِبَادِ قَالَ الْأَمِيرُ لَا يَلْزَمُ بِهِ الْيَمِينُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْحُكْمَ الْآلِهِيَّ بِهِ فَيَلْزَمُ كَمَا إذَا قَالَ وَاَلَّذِي خَاتَمُهُ عَلَى فَمِي وَأَرَادَ بِهِ اللَّهَ

(اللَّفْظُ الثَّالِثَ عَشَرَ) قَوْلُهُ وَالْعِلْمِ الشَّرِيفِ قَالَ الْأَمِيرُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الْعُلُومُ الْمُدَوَّنَةُ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ أَحْكَامَهُ عَلَى مَا سَبَقَ

(اللَّفْظُ الرَّابِعَ عَشَرَ) وَالْمَوْجُودِ وَالشَّيْءِ قَالَ الْأَمِيرُ وَيَنْعَقِدُ بِالْمَوْجُودِ وَبِالشَّيْءِ إذَا أُرِيدَ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا فِي ابْنِ شَاسٍ وَفِي الْقُرْآنِ {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ} [الأنعام: ١٩] وَمَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>