للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَشْفَ النِّكَاحِ مَضَرَّةٌ عَظِيمَةٌ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَالتَّخْرِيجُ مَعَ قِيَامِ الْفَارِقِ بَاطِلٌ إجْمَاعًا وَلَمْ أَجِدْ لِمَالِكٍ وَلَا لِأَصْحَابِهِ نَصًّا فِي الْوَكِيلَيْنِ أَنَّ التَّسْلِيمَ يُفِيتُ بَلْ فِي الْمُوَكِّلِ.

وَالْوَكِيلِ خَاصَّةً فَلَوْ رَامَ مَخْرَجَ تَخْرِيجِ الْوَكِيلَيْنِ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ لَتَعَذَّرَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْفَرْقِ أَيْضًا وَهُوَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَهُ التَّصَرُّفُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَالْوَكِيلَ لَهُ التَّصَرُّفُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ فَهُوَ فَرْعٌ فَإِنْ تَأَخَّرَ عَقْدُهُ وَوَقَعَ التَّسْلِيمُ فِي عَقْدِ الْمُوَكِّلِ أَمْكَنَ أَنْ يَقُولَ مَالِكٌ ذَلِكَ عِنْدِي مُضَافٌ لِلتَّسْلِيمِ وَكَوْنُهُ مُتَصَرِّفًا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَالْأَصَالَةُ لَهَا قُوَّةٌ وَلَهُ أَيْضًا قُوَّةُ الْعَزْلِ وَالتَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ وَهُوَ مَعْنًى مُنَاسِبٌ مَفْقُودٌ فِي الْوَكِيلَيْنِ فَإِنَّ كُلِيهِمَا فَرْعٌ لَا أَصَالَةَ لَهُ فَلَا يَنْعَقِدُ عَقْدُ اللَّاحِقِ مِنْهُمَا مُطْلَقًا اتَّصَلَ بِهِ قَبْضٌ أَمْ لَا وَمَهْمَا وَجَدْنَا مَعْنًى يُمْكِنُ أَنْ يُلَاحِظَهُ الْإِمَامُ امْتَنَعَ التَّخْرِيجُ عَلَى مَحَلِّ ذَلِكَ الْفَارِقِ كَمَا أَنَّ الْمُجْتَهِدَ إذَا وَجَدَ مَعْنًى يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فَارِقًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْقِيَاسُ فَالْمُقَلِّدُ مَعَ الْمُجْتَهِدِ كَالْمُجْتَهِدِ مَعَ الشَّارِعِ فَإِنْ قُلْت الْوَكِيلَانِ فِي النِّكَاحِ فَرْعَانِ لَا مُتَأَصِّلَ فِيهِمَا فَيَسْقُطُ مَا ذَكَرْته مِنْ الْمُنَاسَبَةِ قُلْت مَا ذَكَرْته مُسَلَّمٌ غَيْرَ أَنَّ الْمَرْأَةَ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهَا الِاسْتِقْلَالُ فَسَقَطَ اعْتِبَارُ التَّأَصُّلِ وَهَهُنَا يُمْكِنُ الِاسْتِقْلَالُ فَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ إمْكَانُ الِاسْتِقْلَالِ فَرْقًا يُلَاحِظُهُ الْإِمَامُ فَيَتَعَذَّرُ التَّخْرِيجُ، وَالصَّوَابُ عَدَمُ التَّخْرِيجِ مُطْلَقًا فِي الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ وَالْوَكِيلَيْنِ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِمَاءِ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ عَدَدٍ أَيِّ عَدَدٍ شَاءَ مِنْهُنَّ كَثُرَ أَوْ قَلَّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الزَّوْجَاتِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ)

وَهُوَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْوَسَائِلَ تَتَّبِعُ الْمَقَاصِدَ فِي أَحْكَامِهَا فَوَسِيلَةُ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمَةٌ وَوَسِيلَةُ الْوَاجِبِ وَاجِبَةٌ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ

(الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِمَاءِ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ عَدَدٍ أَيِّ عَدَدٍ شَاءَ مِنْهُنَّ كَثُرَ أَوْ قَلَّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الزَّوْجَاتِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ إلَى آخِرِ الْفَرْقِ)

قُلْت كُلُّ مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ غَيْرَ قَوْلِهِ: إنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْوَسَائِلَ تَتْبَعُ الْمَقَاصِدَ فِي الْأَحْكَامِ فَإِنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ فِيهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ أَعْنِي الْوَسَائِلَ الْعَادِيَّةَ أَمَّا الْوَسَائِلُ الشَّرْعِيَّةُ فَذَلِكَ فِيهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَغَيْرُ قَوْلِهِ إنَّ الْوَسَائِلَ أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنْ الْمَقَاصِدِ فَإِنَّهُ إمَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنْ حَيْثُ هِيَ وَسَائِلُ وَتِلْكَ مَقَاصِدُ فَهَذَا كَلَامٌ لَيْسَ مَعَنَا إلَّا أَنَّ هَذِهِ وَسَائِلُ وَتِلْكَ مَقَاصِدُ فَلَا فَائِدَةَ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْمَدِينَةَ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ فَإِتْيَانُهَا مِنْ مَكَّةَ قُرْبَةٌ بِخِلَافِ الْإِتْيَانِ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ وَقَدَّمَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَمْشِي إلَى غَيْرِ الثَّلَاثَةِ الْمَسَاجِدِ مِنْ الْمَسَاجِدِ إنْ كَانَ قَرِيبًا كَالْأَمْيَالِ الْيَسِيرَةِ مَاشِيًا وَيُصَلِّي فِيهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إذَا كَانَ بِمَوْضِعِهِ مَسْجِدُ جُمُعَةٍ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إلَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْ بِمَسْجِدٍ قُبَاءَ وَهُوَ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ النَّاذِرُ إنْ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ وَنَذَرَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ مَوْضِعِهِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ بِالْأَقْصَى مَضَى إلَيْهِمَا وَيَمْشِي الْمَكِّيُّ إلَى الْمَدِينَةِ وَالْمَدَنِيُّ إلَى مَكَّةَ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ.

وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ إلَّا لِثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَمَسْجِدِ إيلِيَاءَ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ» إنَّمَا وَرَدَ بِعَدَمِ إعْمَالِ الْمَطِيّ لَا بِعَدَمِ الْمَشْيِ جُمْلَةً وَإِعْمَالُ الْمَطِيِّ أَخَصُّ مِنْ الْمَشْيِ مُطْلَقًا وَنَفْيُ الْأَخَصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْأَعَمِّ فَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ لَا يَتَحَمَّلَ مَشَقَّةَ السَّفَرِ الَّذِي يُحْوِجُ إلَى إعْمَالِ الْمَطِيِّ إلَّا لِهَذِهِ الْمَسَاجِدِ فَيَتَبَقَّى السَّفَرُ الَّذِي لَا يُحْوِجُ إلَى إعْمَالِ الْمَطِيِّ.

وَمَا دُونَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ سَفَرًا مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ قُلْت لَمْ يُخَالِفْ الْفُقَهَاءُ الْقَاعِدَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي مَسْأَلَةِ نَاذِرِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى أَوْ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ إنَّمَا اقْتَضَتْ مَنْعَ نِيَابَةِ الْجِنْسِ الْأَعْلَى مِنْ الْعِبَادَاتِ عَنْ الْجِنْسِ الْأَدْنَى مِنْهَا وَكَذَلِكَ نِيَابَةِ الْجِنْسِ الْأَعْلَى مِنْ مُتَعَلَّقِ الْعِبَادَاتِ عَنْ الْجِنْسِ الْأَدْنَى مِنْهُ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مُخَالَفَةَ النَّذْرِ فَلَمْ يَنُبْ الْقَمْحُ عَنْ الشَّعِيرِ وَلَا الصَّلَاةُ عَنْ الصَّوْمِ مَثَلًا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَنْذُرْ الْقَمْحَ وَلَا الصَّلَاةَ فَلَوْ فَعَلَ التَّصَدُّقَ بِالْقَمْحِ بَدَلَ الشَّعِيرِ أَوْ فَعَلَ الصَّلَاةَ بَدَلَ الصَّوْمِ لَكَانَ قَدْ خَالَفَ مَا الْتَزَمَهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ لِلنَّذْرِ أَثَرٌ إلَّا فِي تَصْيِيرِ الْمَنْدُوبِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَنْدُوبٌ خَاصَّةً وَاجِبًا وَأَمَّا نِيَابَةُ الصِّفَةِ الْعُلْيَا مِنْ صِفَاتِ مُتَعَلَّقِ الْعِبَادَةِ عَنْ الدُّنْيَا فَلَا تَقْتَضِي الْقَاعِدَةُ مَنْعَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلنَّذْرِ فَيَجُوزُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَنَّ جِنْسَ الْعِبَادَةِ أَوْ جِنْسَ مُتَعَلَّقِهَا هُوَ جِنْسٌ مَقْصُودٌ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ وَأَمَّا صِفَةُ مُتَعَلِّقِ الْعِبَادَاتِ فَإِنَّمَا هُوَ صِفَةٌ لَيْسَتْ مَقْصُودًا لِلشَّارِعِ وَعَلَى الصِّفَةِ تَتَخَرَّجُ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ فَلَا إشْكَالَ أَصْلًا قَالَهُ ابْنُ الشَّاطِّ.

قَالَ وَتَلْخِيصُ الْقَوْلِ فِي الْمَنْذُورَاتِ عِنْدِي أَنَّ النَّاذِرَ عَمَلًا إذَا نَذَرَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مَنْذُورُهُ ذَلِكَ مُعَيَّنَ الشَّخْصِ كَمَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا الثَّوْبِ أَوْ لَا يَكُونَ مَنْذُورُهُ ذَلِكَ مُعَيَّنَ الشَّخْصِ فَإِنْ كَانَ مَنْذُورُهُ ذَلِكَ مُعَيَّنَ الشَّخْصِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ ذَلِكَ النَّذْرِ إلَّا ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَنْذُورُهُ ذَلِكَ مُعَيَّنَ الشَّخْصِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنَ النَّوْعِ كَمَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ أَوْ لَا يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>