السَّبَبِ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ إلَّا أَنْ يَخْلُفَهُ سَبَبٌ آخَرُ فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الشُّرُوطَ اللُّغَوِيَّةَ أَسْبَابٌ دُونَ غَيْرِهَا فَإِطْلَاقُ اللَّفْظِ عَلَى الْقَاعِدَتَيْنِ أَمْكَنُ أَنْ يُقَالَ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِيهِمَا وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ وَأَمْكَنُ أَنْ يُقَالَ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ فِي أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْمَجَازَ أَرْجَحُ مِنْ الِاشْتِرَاكِ وَأَمْكَنُ أَنْ يُقَالَ بِطَرِيقِ التَّوَاطُؤِ بِاعْتِبَارِ قَدْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهَا وَهُوَ تَوَقُّفُ الْوُجُودِ عَلَى الْوُجُودِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا عَدَا ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَشْرُوطَ الْعَقْلِيَّ وَغَيْرَهُ يَتَوَقَّفُ دُخُولُهُ فِي الْوُجُودِ عَلَى وُجُودِ شَرْطِهِ وَوُجُودُ شَرْطِهِ لَا يَقْتَضِيهِ وَالْمَشْرُوطُ اللُّغَوِيُّ يَتَوَقَّفُ وُجُودُهُ عَلَى وُجُودِ شَرْطِهِ وَوُجُودُ شَرْطِهِ يَقْتَضِيهِ ثُمَّ إنَّ الشَّرْطَ اللُّغَوِيَّ يُمْكِنُ التَّعْوِيضُ عَنْهُ وَالْإِخْلَافُ وَالْبَدَلُ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقُولُ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَيَقَعُ الثَّلَاثُ بِالْإِنْشَاءِ بَدَلًا عَنْ الثَّلَاثِ الْمُعَلَّقَةِ وَكَقَوْلِهِ: إنْ أَتَيْتَنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ هَذَا الدِّينَارُ وَلَك أَنْ تُعْطِيَهُ إيَّاهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْعَبْدِ هِبَةً فَتَخْلُفُ الْهِبَةُ اسْتِحْقَاقَهُ إيَّاهُ بِالْإِتْيَانِ بِالْعَبْدِ وَيُمْكِنُ إبْطَالُ شَرْطِيَّتِهِ كَمَا إذْ أُنْجِزَ الطَّلَاقُ فَإِنَّ التَّنْجِيزَ إبْطَالٌ لِلتَّعْلِيقِ وَكَمَا إذَا اتَّفَقْنَا عَلَى فَسْخِ الْجَعَالَةِ وَالشُّرُوطُ الْعَقْلِيَّةُ لَا يَقْتَضِي وُجُودُهَا وُجُودًا وَلَا تَقْبَلُ الْبَدَلَ وَالْإِخْلَافَ وَلَا تَقْبَلُ إبْطَالَ الشَّرْطِيَّةِ إلَّا الشَّرْعِيَّةَ خَاصَّةً فَإِنَّ الشَّرْعَ قَدْ يُبْطِلُ شَرْطِيَّةَ الطَّهَارَةِ وَالسِّتَارَةِ عِنْدَ مُعَارَضَةِ التَّعَذُّرِ أَوْ غَيْرِهِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُرُوقٍ اقْتِضَاءُ الْوُجُودِ وَالْبَدَلِ وَالْإِبْطَالِ إذَا تَخَلَّصَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ وَتَمَيَّزَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَنْ الْأُخْرَى فَنُوَشِّحُ ذَلِكَ بِذِكْرِ مَسَائِلَ مِنْ الشُّرُوطِ اللُّغَوِيَّةِ فِيهَا مَبَاحِثُ دَقِيقَةٌ وَأُمُورٌ غَامِضَةٌ وَإِشَارَاتٌ شَرِيفَةٌ تَكُونُ الْإِحَاطَةُ بِهَا حِلْيَةً لِلْفُضَلَاءِ وَجَمَالًا لِلْعُلَمَاءِ وَلِنَقْتَصِرْ مِنْ ذَلِكَ عَلَى ثَمَانِ مَسَائِلَ. .
(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) أَنْشَدَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مَا يَقُولُ الْفَقِيهُ أَيَّدَهُ اللَّهُ: وَلَا زَالَ عِنْدَهُ إحْسَانٌ فِي فَتًى عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَهْرٍ قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ نَوَادِرِ الْأَبْيَاتِ وَأَشْرَفِهَا مَعْنًى وَأَدَقِّهَا فَهْمًا وَأَغْرَبِهَا اسْتِنْبَاطًا لَا يُدْرِكُ مَعْنَاهُ إلَّا الْعُقُولُ السَّلِيمَةُ وَالْأَفْهَامُ الْمُسْتَقِيمَةُ وَالْفِكَرُ الدَّقِيقَةُ مِنْ أَفْرَادِ الْأَذْكِيَاءِ وَآحَادِ الْفُضَلَاءِ وَالنُّبَلَاءِ بِسَبَبِ أَنَّهُ بَيْتٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَعَ صُعُوبَةِ مَعْنَاهُ وَدِقَّةِ مَغْزَاهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَبْيَاتٍ فِي الْإِنْشَادِ بِالتَّغْيِيرِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ بِشَرْطِ اسْتِعْمَالِ الْأَلْفَاظِ فِي حَقَائِقِهَا دُونَ مُجَازَاتِهَا مَعَ الْتِزَامِ صِحَّةِ الْوَزْنِ عَلَى الْقَانُونِ اللُّغَوِيِّ وَكُلُّ بَيْتٍ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَسْأَلَةٍ مِنْ الْفِقْهِ فِي التَّعَالِيقِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ وَتِلْكَ الْمَسْأَلَةُ صَعْبَةُ الْمَغْزَى.
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ: (ثُمَّ إنَّ الشَّرْطَ اللُّغَوِيَّ يُمْكِنُ التَّعْوِيضُ عَنْهُ وَالْإِخْلَافُ وَالْبَدَلُ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ أَيْضًا قَالَ: (وَالشُّرُوطُ الْعَقْلِيَّةُ لَا يَقْتَضِي وُجُودُهَا وُجُودًا وَلَا تَقْبَلُ الْبَدَلَ وَالْإِخْلَافَ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ صَحِيحٌ أَيْضًا.
قَالَ: (وَلَا تَقْبَلُ إبْطَالَ الشَّرْطِيَّةِ إلَّا الشَّرْعِيَّةُ خَاصَّةً) قُلْتُ: جَمِيعُ الشُّرُوطِ تَقْبَلُ الْإِبْدَالَ وَالْإِخْلَافَ وَالْإِبْطَالَ مَا عَدَا الْعَقْلِيَّةَ خَاصَّةً فَإِنَّ مَا عَدَا الْعَقْلِيَّ مِنْ الشُّرُوطِ رَبَطَهُ بِالْوَضْعِ فَلَا يَمْتَنِعُ رَفْعُ ذَلِكَ الرَّبْطِ.
قَالَ شِهَابُ الدِّينِ: (إذَا تَخَلَّصَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ وَتَمَيَّزَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَنْ الْأُخْرَى فَنُوَشَّحُ ذَلِكَ بِذِكْرِ مَسَائِلَ مِنْ الشُّرُوطِ اللُّغَوِيَّةِ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ) قُلْتُ: مَا ذَكَرَهُ فِي ذَلِكَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ بِجُمْلَتِهَا صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
دُونَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ نَحْوَ قَبْلَ مَا بَعْدَهُ قَبْلَهُ وَهَذِهِ الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ أَوْ يُبَدِّلَ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي دُونَ الثَّالِثِ نَحْوَ بَعْدَ مَا بَعْدَ قَبْلِهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ السَّادِسَةُ أَوْ يُبَدِّلَ مِنْ الْأَوَّلِ فَقَطْ دُونَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ نَحْوَ بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ السَّابِعَةُ أَوْ يُبَدِّلَ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ دُونَ الثَّانِي نَحْوَ بَعْدَ مَا قَبْلَ بَعْدِهِ.
وَهَذِهِ الصُّورَةُ الثَّامِنَةُ الْمَبْحَثُ الثَّانِي يَنْبَنِي تَفْسِيرُ الشَّهْرِ الْمُرَادِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْقَرَافِيِّ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ وَلَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ بِمِصْرَ ثُمَّ بِدِمَشْقَ عَلَى أُمُورٍ أَحَدُهَا مَا مَرَّ مِنْ الْتِزَامِ اسْتِعْمَالِ أَلْفَاظِ الْبَيْتِ فِي حَقَائِقِهَا لَا فِي مَجَازَاتِهَا الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ الْقَبْلَاتِ وَالْبَعْدَاتِ وَإِنْ كَانَتْ ظُرُوفًا زَمَانِيَّةً.
وَالْقَاعِدَةُ تَقْتَضِي أَنَّ مَظْرُوفَهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَهْرًا تَامًّا وَأَنْ يَكُونَ يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ الشَّهْرِ الْمُرَادِ إذْ يَصْدُقُ عَلَى رَمَضَانَ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ لَا الْمَجَازِ اللُّغَوِيِّ أَنَّهُ قَبْلَ شَوَّالٍ وَأَنَّهُ قَبْلَ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ إلَّا أَنَّ الْمَظْرُوفَ هَا هُنَا شَهْرٌ تَامٌّ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ بَلْ ذَلِكَ ضَرُورِيٌّ هَا هُنَا أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا صَحِبَهُ الضَّمِيرُ الْعَائِدُ عَلَى الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّهْرُ شَوَّالًا لَا يُمْكِنُ حَمْلُ الْمَظْرُوفِ عَلَى بَعْضِهِ كَيَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ وَحْدَهُ إلَّا عَلَى الْمَجَازِ وَالتَّفَاسِيرِ الْمُفْتَى بِهَا فِي صُوَرِ هَذَا الْبَيْتِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ كَمَا عَلِمْت وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَمْ يَصْحَبْهُ ضَمِيرُ الشَّهْرِ كَقَبْلِ الْمُتَوَسِّطِ فَلِأَنَّ رَمَضَانَ إذَا كَانَ قَبْلَ قَبْلِ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ وَتَعَيَّنَ أَنَّ مَظْرُوفَ أَحَدِ الْقَبْلَيْنِ وَهُوَ الْمُضَافُ إلَى الضَّمِيرِ شَهْرٌ تَعَيَّنَ أَنَّ مَظْرُوفَ الْقَبْلِ الْمُتَوَسِّطِ شَهْرٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ شَهْرَيْنِ مِنْ جَمِيعِ الشُّهُورِ أَقَلُّ مِنْ شَهْرٍ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَبْلَ شَهْرٍ وَبَعْدَ شَهْرٍ بَلْ لَا يُوجَدُ بَيْنَ شَهْرَيْنِ عَرَبِيِّينَ إلَّا شَهْرٌ فَتَعَيَّنَ أَنَّ مَظْرُوفَ هَذِهِ الظُّرُوفِ شُهُورٌ تَامَّةٌ وَأَمَّا الْأَشْهُرُ الْقِبْطِيَّةُ فَإِنَّ أَيَّامَ النَّسِيءِ تَتَوَسَّطُ بَيْنَ مِسْرَى وَتُوتٍ. الْأَمْرُ الثَّالِثُ أَنَّ قَاعِدَةَ الْإِضَافَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا