للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ مَسَافَةٌ يُمْكِنُ قَطْعُهَا فِي الْأَجَلِ الَّذِي بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ وَتُضْبَطُ عِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ شَهَادَةِ الْأَخِيرِ، قُلْت وَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْعِدَّةِ فِي الْقَضَاءِ أَمَّا فِي الْحُكْمِ فَمَا تَعْتَقِدُهُ الزَّوْجَةُ فِي تَارِيخِ الطَّلَاقِ.

وَقَالَ اللَّخْمِيُّ قِيلَ تُضَمُّ الشَّهَادَتَانِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ أَوْ إحْدَاهُمَا قَوْلٌ وَالْأُخْرَى فِعْلٌ وَيَقْضِي بِهَا، وَقِيلَ لَا يُضَمَّانِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ يُضَمَّانِ فِي الْأَقْوَالِ فَقَطْ، وَقِيلَ يُضَمَّانِ إذَا كَانَتَا عَلَى فِعْلٍ فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى قَوْلٍ وَالْأُخْرَى عَلَى فِعْلٍ لَمْ يُضَمَّا وَالْأَقْوَالُ كُلُّهَا لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاعْتَمَدَ الْأَصْحَابُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ أَنَّ الْأَقْوَالَ يُمْكِنُ تَكَرُّرُهَا وَيَكُونُ الثَّانِي خَبَرًا عَنْ الْأَوَّلِ وَالْأَفْعَالَ لَا يُمْكِنُ تَكَرُّرُهَا إلَّا مَعَ التَّعَدُّدِ، وَهَذَا الْفَرْقُ فِيهِ بَحْثٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْإِنْشَاءُ وَتَجْدِيدَ الْمَعَانِي بِتَجَدُّدِ الِاسْتِعْمَالَاتِ وَالتَّأْسِيسِ حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى التَّأْكِيدِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ الْوَضْعِ وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ عَدَمُ ضَمِّ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ لِعَدَمِ وُجُودِ النِّصَابِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ مِنْهَا لَكِنْ عَارَضَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ قَاعِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ أَصْلَ قَوْلِنَا أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتَ حُرٌّ الْخَبَرُ عَنْ وُقُوعِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ (وَاعْتَمَدَ الْأَصْحَابُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ أَنَّ الْأَقْوَالَ يُمْكِنُ تَكَرُّرُهَا وَيَكُونُ الثَّانِي خَبَرًا عَنْ الْأَوَّلِ وَالْأَفْعَالَ لَا يُمْكِنُ تَكَرُّرُهَا إلَّا مَعَ التَّعَدُّدِ إلَى قَوْلِهِ وَالْحَمْلُ عَلَى الْأَصْلِ أَوْلَى) ، قُلْت مَا قَالَهُ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى مَا أُصِّلَ إلَّا مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ أَصْلَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتَ حُرٌّ الْخَبَرُ عَنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ قَبْلَ زَمَانِ النُّطْقِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّ الْخَبَرَ بِاسْمِ الْفَاعِلِ الْمُطْلَقِ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْحَالِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

فَجُعْلٌ وَصَرْفٌ وَالْمُسَاقَاةُ شَرِكَةٌ ... نِكَاحٌ قِرَاضٌ قَرْضٌ بَيْعٌ مُحَقَّقُ

وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ نَاجِي وَنَقَلَهُ الْحَطَّابُ كَذَا فِي الْبُنَانِيِّ عَلَى عبق وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الدَّرْدِيرُ فِي شَرْحِ أَقْرَبِ الْمَسَالِكِ، لَك أَنْ تَزِيدَ عَلَى هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ:

فَهَذِي عُقُودٌ سَبْعَةٌ قَدْ عَلِمْتهَا ... وَيَجْمَعُهَا فِي الرَّمْزِ جبص مُشْنِق

اهـ

وَأَشَارَ بِالْبَاءِ فِي جَبْصِ لِلْبَيْعِ وَالصَّوَابُ أَنْ يُبْدِلَهَا بِقَافٍ بِأَنْ يَقُولَ جَقْصٌ لِتَكُونَ إشَارَةً لِلْقَرْضِ وَتَكُونَ السَّبْعَةُ الْمَرْمُوزُ لَهَا هِيَ مَا عَدَا الْبَيْعِ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يَمْتَنِعُ جَمْعُهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ مَعَهُ كَمَا يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُ اثْنَيْنِ مِنْهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لِتَضَادِّ أَحْكَامِهَا أَمَّا تَضَادُّ الْجَعَالَةِ لِلْبَيْعِ فَمِنْ جِهَةِ لُزُومِ الْجَهَالَةِ فِي عَمَلِهَا وَلُزُومِ عَدَمِهَا فِي عَمَلِهِ وَأَمَّا تَضَادُّ النِّكَاحِ لَهُ فَمِنْ جِهَةِ لُزُومِ الْمُسَامَحَةِ فِي الْبَيْعِ دُونَ النِّكَاحِ فَتَجُوزُ فِيهِ الْمُكَايَسَةُ فِي الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ بِالْمُسَامَحَةِ وَيَكُونُ حَاصِلُ الصُّوَرِ الْعَقْلِيَّةِ أَرْبَعًا وَسِتِّينَ مِنْ ضَرْبِ ثَمَانِيَةٍ فِي مِثْلِهَا الْمُكَرَّرُ مِنْهَا سِتٌّ وَثَلَاثُونَ وَالْبَاقِي ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ لِأَنَّك تَأْخُذُ كُلَّ وَاحِدٍ مَعَ مَا بَعْدَهُ يَبْلُغُ ذَلِكَ الْعَدَدَ فَلْيُفْهَمْ. وَأَمَّا تَضَادُّ الصَّرْفِ لَهُ فَمِنْ جِهَةِ بِنَاءِ الصَّرْفِ عَلَى التَّشْدِيدِ وَامْتِنَاعِ الْخِيَارِ وَالتَّأْخِيرِ وَأُمُورٍ كَثِيرَةٍ لَا تُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ وَأَمَّا تَضَادُّ الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ لَهُ فَمِنْ جِهَةِ أَنَّ فِيهِمَا الْغَرَرَ وَالْجَهَالَةَ كَالْجَعَالَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَأَمَّا تَضَادُّ الشَّرِكَةِ لَهُ فَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ عَلَى وَفْقِ الْأُصُولِ وَفِي الشَّرِكَةِ مُخَالَفَةُ الْأُصُولِ وَأَمَّا تَضَادُّ الْقِرَاضِ لَهُ فَلِقَوْلِ الْخَرَشِيِّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْغِرْيَانِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي التَّصْدِيقِ إذَا وَقَعَ فِي الْقَرْضِ الْفَسْخُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْبَيْعِ لِأَجَلٍ عَدَمُ الْفَسْخِ عَلَى ظَاهِرِهَا كَمَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ بِظَاهِرِهَا. اهـ

يَعْنِي أَنَّ الْأَرْجَحَ فِي الْقَرْضِ الْفَسْخُ إذَا وَقَعَ التَّصْدِيقُ فِي الْمُقْرَضِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَفِي الْبَيْعِ لِأَجَلٍ الْأَرْجَحُ عَدَمُهُ إذَا وَقَعَ التَّصْدِيقُ فِي الْمَبِيعِ وَمِمَّا ذُكِرَ يُعْلَمُ وَجْهُ تَضَادِّ أَحْكَامِ كُلٍّ مِمَّا عَدَا الْبَيْعِ مِنْ الْعُقُودِ السَّبْعَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَحْكَامِ الْآخَرِ مِنْهَا نَعَمْ الْقِرَاضُ وَالْمُسَاقَاةُ وَالْجَعَالَةُ وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ اتِّحَادُهَا فِي جَوَازِ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ إلَّا أَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ أَبْوَابِهَا أَنَّ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ لَازِمٌ وَلَا يَنْعَقِدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا بِلَفْظِ سَاقَيْت وَعِنْدَ سَحْنُونٍ إلَّا بِهِ وَبِلَفْظِ آجَرْت أَوْ عَامَلْت دُونَ لَفْظِ شَرِكَةٍ أَوْ بَيْعٍ بِخِلَافِهِمَا وَأَنَّ لِصِحَّةِ الْقِرَاضِ شُرُوطًا غَيْرَ شُرُوطِ صِحَّةِ الْجَعَالَةِ فَافْهَمْ وَأَمَّا نَحْوُ الْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ مِمَّا يُمَاثِلُ الْبَيْعَ فِي الْأَحْكَامِ وَالشُّرُوطِ وَلَا يُضَادُّهُ فِيهِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الْبَيْعِ كَمَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ أَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ التَّنَافِي فَهَذَا وَجْهُ الْفَرْقِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

(وَصْلٌ) فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْفَرْقِ وَتُوَضِّحُهُ

(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) قَالَ الرَّهُونِيُّ ابْنُ عَرَفَةَ الصَّرْفُ وَالْبَيْعُ فِي جَوَازِهِ وَمَنْعِهِ ثَالِثُهَا بِقَيْدِ التَّبَعِيَّةِ لِأَشْهَبَ مَعَ اللَّخْمِيِّ عَنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ جَوَازُ بَيْعِ مِائَةِ ثَوْبٍ كُلُّ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ إلَّا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَسَمَاعُ عِيسَى رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ صَرْفٌ وَبَيْعٌ وَلَا نِكَاحٌ وَبَيْعٌ وَالْمَشْهُورُ ثُمَّ قَالَ فَفِي تَبَعِيَّةِ الصَّرْفِ بِكَوْنِهِ أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ أَوْ دِينَارًا فَأَقَلَّ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ الصَّقَلِّيِّ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ اهـ مَحَلُّ الْحَاجَةِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ. اهـ

وَقُدِّمَ قَوْلُ أَشْهَبَ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>