ذَلِكَ لِلْخِصَامِ وَالْقِتَالِ وَالْجَهَالَةِ بِالْمَبِيعِ.
(الْفَرْقُ الثَّامِنُ وَالثَّمَانُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَحْرِيمِ بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ عَدَمِ تَحْرِيمِ بَيْعِهِ بِجِنْسِهِ) مَتَى اتَّحَدَ جِنْسُ الرِّبَوِيِّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَكَانَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا جِنْسٌ آخَرُ امْتَنَعَ الْبَيْعُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَابْنِ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَجَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَتُسَمَّى هَذِهِ الْقَاعِدَةُ بِمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَشَنَّعَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ عَلَى أَصْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ بَيْعُ دِينَارٍ بِدِينَارَيْنِ فِي قِرْطَاسٍ لِاحْتِمَالِ مُقَابَلَةِ الدِّينَارِ الزَّائِدِ بِالْقِرْطَاسِ وَهُوَ قَدْ جَوَّزَهُ وَهُوَ شَنِيعٌ لَنَا أَنَّ الْمُضَافَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَابِلَهُ مِنْ الْآخَرِ مَا لَا يَبْقَى بَعْدَ الْمُقَابَلَةِ إلَّا أَقَلُّ مِنْ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
وَلَا قِيَاسَ مَعَ الْفَارِقِ وَيَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِثَلَاثِ مَسَائِلَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى)
مُقْتَضَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ خُصُوصَ النَّقْدَيْنِ لَا يُمْلَكُ أَلْبَتَّةَ وَلَا يَتَنَاوَلُهُ عَقْدٌ وَإِنَّمَا الْمُعَامَلَاتُ بَيْنَ النَّاسِ بِالْجِنْسِ وَالْمِقْدَارِ فَقَطْ بِخِلَافِ خُصُوصِيَّاتِ الْمِثْلِيَّاتِ، وَقَدْ انْبَنَى عَلَى ذَلِكَ فُرُوعٌ.
(مِنْهَا) أَنَّهُ إذَا غَصَبَ غَاصِبٌ دِينَارًا لَا يَتَمَكَّنُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِنْ طَلَبِ خُصُوصِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الزِّنَةَ وَالْجِنْسَ دُونَ الْخُصُوصِ فَلِلْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَهُ دِينَارًا غَيْرَهُ وَإِنْ كَرِهَ رَبَّهُ إذَا كَانَ الدِّينَارُ الَّذِي يُعْطِيهِ الْغَاصِبُ حَلَالًا مُسَاوِيًا لِلسِّكَّةِ وَلِلْمَقَاصِدِ فِي الدِّينَارِ الْمَغْصُوبِ (وَمِنْهَا) أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ فِي بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ بِعْنِي بِهَذَا الدِّرْهَمِ هَذِهِ السِّلْعَةَ فَبَاعَهُ إيَّاهَا بِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ دَفْعِهِ وَيُعْطِيَهُ غَيْرَهُ (وَمِنْهَا) أَنَّ الْعُقُودَ فِي النَّقْدَيْنِ لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا الذِّمَّةَ خَاصَّةً عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ، وَمَنْ وَافَقَهُمَا فَلَا فَرْقَ عِنْدَهُمَا بَيْنَ قَوْلِ الْقَائِلِ بِعْنِي بِدِرْهَمٍ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بِعْنِي بِهَذَا الدِّرْهَمِ وَيُعَيِّنُهُ إذْ الْعَقْدُ فِي الصُّورَتَيْنِ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى الذِّمَّةِ دُونَ مَا عُيِّنَ نَعَمْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَإِنْ كَانَتْ نُصُوصُهُمْ تَقْتَضِي ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُمْ إذَا قِيلَ لَهُمْ إنَّ خُصُوصَ النَّقْدَيْنِ لَا تَمْلِكُهُ وَإِنَّ خُصُوصَ كُلِّ دِينَارٍ لَا يَمْلِكُ قَدْ يَسْتَشْنِعُونَ ذَلِكَ وَيُنْكِرُونَهُ وَهُوَ لَازِمُ مَذْهَبِهِمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ)
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ النَّقْدَانِ يَتَعَيَّنَانِ بِالْيَقِينِ فِي الصَّرْفِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ تَعَيَّنَتْ بِالْقَبْضِ وَبِالْمُفَارَقَةِ وَلِذَلِكَ جَازَ الرِّضَى بِالزَّائِفِ بِالصَّرْفِ اهـ.
وَقَالَ سَنَدٌ فِي الطِّرَازِ إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ النَّقْدَانِ فَالْعَقْدُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ التَّسْلِيمَ وَالْقَبْضَ، وَإِذَا صَرَفَ رَدِيئًا، وَقَدْ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ فَيَفْسُدُ فَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْقَبْضَ يُبْرِئُ الذِّمَّةَ وَتَعَيَّنَ صَحَّ الْعَقْدُ وَالطَّارِئُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ اسْتِحْقَاقٍ أَوْ عَيْبٍ فَهُوَ حُكْمٌ مُتَجَدِّدٌ لِنَفْيِ الظُّلَامَةِ كَعَقْدِ النِّكَاحِ مُبْرِمٌ لِلْمِيرَاثِ وَحِلِّ الْوَطْءِ.
وَإِذَا ظَهَرَ بَعْدَ الْمَوْتِ عَيْبٌ بِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ يُوجِبُ الرَّدَّ فَإِذَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ بَقِيَ الْعَقْدُ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ كَرِهَ الْآخَرُ وَإِنْ أَرَادَ الْبَدَلَ مَنَعَهُ مَالِكٌ إلَّا أَنْ يُدَلِّسَ بَائِعُهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ.
وَقَالَ الْعَبْدَلِيُّ لَا تَتَعَيَّنُ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ الصَّرْفِ وَالْكِرَاءِ اهـ وَاسْتِثْنَاءُ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ يَحُوجُ إلَى ذِكْرِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْمَسَائِلِ وَهُوَ أَنْ يَصْعُبَ فِي الصَّرْفِ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا قَالَ فِيهِ مَالِكٌ بِالتَّعْيِينِ لِضِيقِ بَابِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ فِيهِ بِسُرْعَةِ الْقَبْضِ نَاجِزًا وَالتَّعْيِينُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَحْصُلُ الْجَزْمُ بِالْقَبْضِ وَالتَّنَاجُزِ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُ الْقَبْضِ نَاجِزًا يُنَاسِبُ الضِّيقَ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا إنَّ الصَّرْفَ إنَّمَا وَرَدَ عَلَى الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا، فَيَكُونُ هَذَا الْقَبْضُ مُبَرِّئً لِمَا فِي الذِّمَّةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ مُوَافِقًا فَلَا يَكُونُ مُبَرِّئً لَكِنَّ الْفَرْقَ يَصْعُبُ فِي الْكِرَاءِ إذْ غَايَةُ مَا يُقَالُ فِيهِ إنَّ الْكِرَاءَ يَرِدُ عَلَى الْمَنَافِعِ الْمَعْدُومَةِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ النَّقْدَانِ مُعَيَّنَيْنِ فِيهِ، بَلْ كَانَا فِي الذِّمَّةِ وَالْكِرَاءِ أَيْضًا فِي الذِّمَّةِ لَكَانَ يُشْبِهُ بَيْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ حَرَامٌ بِخِلَافِ جَمِيعِ الْأَعْيَانِ فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْكِرَاءَ يَجُوزُ عَلَى الذِّمَّةِ تَصْرِيحًا وَيُعَيِّنُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلْيُطْلَبْ لَهُ فَرْقٌ يَلِيقُ بِهِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ)
إذَا جَرَى غَيْرُ النَّقْدَيْنِ مِنْ الْعُرُوضِ مَجْرَاهُمَا فِي الْمُعَامَلَةِ كَالْفُلُوسِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَالنَّوْطِ قَالَ سَنَدٌ مَنْ أَجْرَى الْفُلُوسَ مَجْرَى النَّقْدَيْنِ فِي تَحْرِيمِ الرِّبَا جَعَلَهَا كَالنَّقْدَيْنِ وَمَنَعَ الْبَدَلَ فِي الصَّرْفِ إذَا وَجَدَ بَعْضَهَا رَدِيئًا وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا اشْتَرَيْت فُلُوسًا بِدَرَاهِمَ فَوَجَدْت بَعْدَ التَّفَرُّقِ بَعْضَ الْفُلُوسِ رَدِيئًا اسْتَحَقَّ الْبَدَلَ لِلْخِلَافِ فِيهَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ الْفُلُوسَ يُكْرَهُ الرِّبَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ التَّحْرِيمُ وَالْإِبَاحَةُ وَالْكَرَاهَةُ اهـ. كَلَامُ الْأَصْلِ بِتَصَرُّفٍ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ عَرْضٍ جَرَى مَجْرَى النَّقْدَيْنِ فِي الْمُعَامَلَةِ كَالْفُلُوسِ النُّحَاسِ وَوَرَقِ النَّوْطِ يَتَحَقَّقُ فِيهِ وَجْهَانِ وَجْهُ كَوْنِهِ كَالْعَرْضِ فَقَطْ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ رِبَوِيٍّ قَالَ الدُّسُوقِيُّ عَلَى
الدَّرْدِيرِ عَلَى مُخْتَصَرِ خَلِيلٍ.
وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ يُقَالُ فِي بَيْعِ الْفُلُوسِ السَّحَاتِيتِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا بِالْفُلُوسِ الدِّيوَانِيَّةِ إنْ تَمَاثَلَا عَدَدًا فَأَجِزْ وَإِنْ جُهِلَ عَدَدُ كُلٍّ فَإِنْ زَادَ أَحَدُهُمَا زِيَادَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ فَأَجِزْ وَإِلَّا فَلَا اهـ الْمُحْتَاجُ مِنْهُ بِتَصَرُّفٍ وَهُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ.
وَالْقَوْلُ الْمُقَابِلُ لِلصَّحِيحِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ، وَمَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ الْحَنَابِلَةِ