للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ النَّقْصُ يَسِيرًا فَلَيْسَ لَهُ إلْزَامُ الْقِيمَةِ اتِّفَاقًا، وَتَارَةً يَكُونُ الذَّاهِبُ مُخِلًّا بِالْمَقْصُودِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ فِي مَذْهَبِنَا إنَّ التَّعَدِّيَ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ يَسِيرٌ لَا يُبْطِلُ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ بِهِ، وَيَسِيرٌ يُبْطِلُهُ، وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ لَا يُبْطِلُ الْمَقْصُودَ مِنْهُ، وَكَثِيرٌ يُبْطِلُهُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مُتَقَابِلَةٍ: أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الْيَسِيرُ الَّذِي لَا يُبْطِلُ الْمَقْصُودَ لَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ، وَكَذَلِكَ الْكَثِيرُ الَّذِي لَا يُبْطِلُ الْمَقْصُودَ، وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ، وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ فَيُخَيَّرُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ لَوْ أَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَهُ، وَمَا نَقَصَهُ فَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَنْ يَتَضَمَّنَهُ فَامْتَنَعَ فَذَلِكَ رِضًى.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي، وَهُوَ الْيَسِيرُ الَّذِي يُبْطِلُ الْمَقْصُودَ فَقَاعِدَةُ مَالِكٍ تَقْتَضِي تَضْمِينَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي ذَنَبِ بَغْلَةِ الْقَاضِي قَالَ، وَتَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْمَرْكُوبَاتُ وَالْمَلْبُوسَاتُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَضْمَنُهُ بِذَلِكَ، وَفَرَّقَ ابْنُ حَبِيبٍ بَيْنَ الذَّنَبِ فَيَضْمَنُ، وَالْأُذُنِ فَلَا يَضْمَنُ لِاخْتِلَافِ الشَّيْنِ فِيهِمَا، وَاتَّفَقُوا فِي حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ عَلَى عَدَمِ التَّضْمِينِ لِأَنَّهَا رَغَبَاتُ النَّاسِ فَالنَّقْصُ فِي رَغَبَاتِ النَّاسِ لَا فِي الْمَغْصُوبِ

(الْفَرْقُ الثَّامِنَ عَشَرَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُوجِبُ اسْتِحْقَاقُ بَعْضِهِ إبْطَالَ الْعَقْدِ فِي الْكُلِّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَقْتَضِي إبْطَالَ الْعَقْدِ فِي الْكُلِّ) إذَا اُسْتُحِقَّ بَعْضُ مَا اشْتَرَيْتَهُ أَوْ صَالَحْتَ عَلَيْهِ أَوْ وَجَدْتَ بِهِ عَيْبًا فَلَهُ أَحْوَالٌ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ شَائِعًا فَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَهُوَ الْمَكِيلُ، وَالْمَوْزُونُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ قَلِيلَهُ لَزِمَك بَاقِيهِ لِأَنَّ الْقَلِيلَ لَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ، وَالْأَصْلُ لُزُومُ الْعَقْدِ لَك، وَإِنْ اسْتَحَقَّ كَثِيرَهُ فَإِنَّك تُخَيَّرُ بَيْنَ حَبْسِ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ حَقُّك فِي الْعَقْدِ وَبَيْنَ رَدِّهِ لِذَهَابِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ جُلُّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَقَدْ ذَهَبَ مَقْصُودُ الْعَقْدِ فِي الْمَعْنَى.

وَأَمَّا الْمُقَوَّمُ غَيْرُ الْمِثْلِيِّ إنْ اُسْتُحِقَّ أَقَلُّهَا إنْ كَانَتْ ثِيَابًا وَنَحْوَهَا رَجَعَتْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِبَقَاءِ جُلِّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَخْتَلَّ مَقْصُودُ الْعَقْدِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ وَجْهُ الصَّفْقَةِ انْتَقَصَتْ كُلُّهَا، وَيُرَدُّ بَاقِيهَا لِفَوَاتِ مَقْصُودِ الْعَقْدِ، وَيَحْرُمُ التَّمَسُّكُ بِمَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ حِصَّتَهُ لَا تُعْرَفُ حَتَّى تُقَوَّمَ فَهُوَ بَيْعٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ هَذَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُعَيَّنِ، وَكَذَلِكَ فِي الْعَيْبِ إذَا وَجَدْته بِهَا، وَأَمَّا الْجُزْءُ الشَّائِعُ إذَا اسْتَحَقَّ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ فَيُخَيَّرُ فِي التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ حِصَّتَهُ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

وَفَرَا آخِرَ الشَّطْرِ الْأَوَّلِ بِالْفَاءِ بِمَعْنَى قَطَعَ، وَمِنْهُ فَرَى الْأَوْدَاجَ أَيْ قَطَعَهَا كَمَا فِي شَرْحِ التَّاوَدِيِّ وَالتُّسُولِيِّ عَلَى الْعَاصِمِيَّةِ (فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ) جَرَى عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي غَيْرِ الْمُسَاقَاةِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي نَظْمِ ابْنِ غَازِيٍّ، وَعَلَى الرَّاجِحِ كَمَا فِي الْمُسَاقَاةِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيمَا يَلْزَمُ بِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ (الْأَوَّلُ) الْعَقْدُ، وَهُوَ نَقْلُ الْأَكْثَرِ عَنْ الْمَذْهَبِ وَمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ

(وَالثَّانِي) الشُّرُوعُ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالْمُتَيْطِيِّ وَالصَّقَلِّيِّ (وَالثَّالِثُ) حَوْزُ الْمُسَاقَى فِيهِ، وَهُوَ مَا حَكَاهُ الْبَاجِيَّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْزِ بَطَلَتْ الْمُسَاقَاةُ، وَلَيْسَ كَالْعُقُودِ اللَّازِمَةِ وَإِنْ لَمْ تُقْبَضْ، وَلَعَلَّهُ تَعَلَّقَ بِمَا رُوِيَ فِي عَيْنِ السَّقْيِ تَغُورُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْعَمَلِ فَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَزِمَهُ أَنْ يُنْفِقَ بِقَدْرِ مَا يَقَعُ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ قُلْت ظَاهِرُهُ إنْ غَارَتْ بَعْدَ الْعَمَلِ لَزِمَ رَبُّ الْحَائِطِ أَنْ يُنْفِقَ بِقَدْرِ حَظِّهِ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهَا فِي أَكْرِيَةِ الدَّوْرِ مَنْ أَخَذَ نَخْلًا مُسَاقَاةً فَغَارَ مَاؤُهَا بَعْدَ أَنْ سَقَى فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ فِيهَا بِقَدْرِ حَظِّ رَبِّ النَّخْلِ مِنْ ثَمَرَتِهِ تِلْكَ السَّنَةَ، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ بِالْعَمَلِ لَا بِالْجَوَازِ

(وَالرَّابِعُ) أَوَّلُهَا لَازِمٌ وَآخِرُهَا كَالْجُعْلِ إذَا عَجَزَ، وَتَرَكَ قَبْلَ تَمَامِهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ اللَّخْمِيُّ لَكِنْ هَذَا حُكْمُ الْعَجْزِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا قَوْلُ غَيْرِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ اهـ.

كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ بِتَصَرُّفٍ قَالَ الرَّهُونِيُّ وَكَنُونِ فَالْمُسَلَّمُ عِنْدَهُ إنَّمَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَالثَّانِي اهـ.

قَالَ الْأَصْلُ، وَهَذَا الْقِسْمُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَعُقُودِ الْوِلَايَاتِ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ عَقِيبَ الْعَقْدِ اهـ.

(وَالْقِسْمُ الثَّانِي) قَالَ الْأَصْلُ لَا يَسْتَلْزِمُ مَصْلَحَةً مَعَ اللُّزُومِ بَلْ مَعَ الْجَوَازِ وَعَدَمِ اللُّزُومِ، وَهُوَ خَمْسَةُ عُقُودٍ الْجَعَالَةُ وَالْقِرَاضُ وَالْمُغَارَسَةُ وَالْوَكَالَةُ وَتَحْكِيمُ الْحَاكِمِ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْحُكُومَةِ فَاشْتَرَكَ الْجَمِيعُ فِي عَدَمِ انْضِبَاطِ الْعَقْدِ بِحُصُولِ مَقْصُودِهِ فَكَانَ الْجَمِيعُ عَلَى الْجَوَازِ.

(أَمَّا الْجِعَالَةُ) فَلِأَنَّهَا لَوْ شُرِعَتْ لَازِمَةً مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَطَّلِعُ عَلَى فَرْطِ بُعْدِ مَكَانِ الْآبِقِ أَوْ عَدَمِهِ مَعَ دُخُولِهِ عَلَى الْجَهَالَةِ بِمَكَانِهِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ فَجُعِلَتْ جَائِزَةً لِئَلَّا تُجْمَعَ الْجَهَالَةُ بِالْمَكَانِ وَاللُّزُومِ، وَهُمَا مُتَنَافِيَانِ. (وَأَمَّا الْقِرَاضُ) فَلِأَنَّ حُصُولَ الرِّبْحِ فِيهِ مَجْهُولٌ فَقَدْ يَتَّصِلُ بِهِ أَنَّ السِّلَعَ مُتَعَذِّرَةٌ أَوْ لَا يَحْصُلُ فِيهِ رِبْحٌ فَإِلْزَامُهُ بِالسَّفَرِ مَضَرَّةٌ بِغَيْرِ حِكْمَةٍ، وَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْعَقْدِ الَّذِي هُوَ الرِّبْحُ

(وَأَمَّا الْمُغَارَسَةُ) وَهِيَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ لِمَنْ يَغْرِسُ فِيهَا عَدَدًا مِنْ الْأَشْجَارِ فَإِذَا بَلَغَتْ كَذَا وَكَذَا كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>