للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَّ لَا يَكُونَ نَفْيُهَا ثُبُوتًا وَلَا ثُبُوتُهَا نَفْيًا فَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ وَقَالَ شَمْسُ الدِّينِ الْخُسْرَوْ َشَاهِيّ: إنَّ لَوْ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ لِمُطْلَقِ الرَّبْطِ وَإِنَّمَا اُشْتُهِرَتْ فِي الْعُرْفِ فِي انْقِلَابِ ثُبُوتِهَا نَفْيًا وَبِالْعَكْسِ وَالْحَدِيثُ إنَّمَا وَرَدَ بِمَعْنَى اللَّفْظِ فِي اللُّغَةِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الشَّيْءُ الْوَاحِدُ قَدْ يَكُونُ لَهُ سَبَبٌ وَاحِدٌ فَيَنْتَفِي عِنْدَ انْتِفَائِهِ وَقَدْ يَكُونُ لَهُ سَبَبَانِ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ أَحَدِهِمَا عَدَمُهُ لِأَنَّ السَّبَبَ الثَّانِيَ يَخْلُفُهُ السَّبَبُ الْأَوَّلُ كَقَوْلِنَا فِي زَوْجٍ هُوَ ابْنُ عَمٍّ لَوْ لَمْ يَكُنْ زَوْجًا لَوَرِثَ أَيْ بِالتَّعْصِيبِ فَإِنَّهُمَا سَبَبَانِ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ أَحَدِهِمَا عَدَمُ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ هَا هُنَا النَّاسُ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا لَمْ لَمْ يَعْصُوا لِأَجْلِ الْخَوْفِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ عَنْهُمْ عَصَوْا لِاتِّحَادِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِمْ فَأَخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ صُهَيْبًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اجْتَمَعَ فِي حَقِّهِ سَبَبَانِ يَمْنَعَانِهِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ الْخَوْفُ وَالْإِجْلَالُ فَلَوْ انْتَفَى الْخَوْفُ فِي حَقِّهِ لَانْتَفَى الْعِصْيَانُ لِلسَّبَبِ الْآخَرِ وَهُوَ الْإِجْلَالُ وَهَذَا مَدْحٌ عَظِيمٌ جَلِيلٌ لِصُهَيْبٍ وَكَلَامٌ حَسَنٌ.

وَأَجَابَ غَيْرُهُمْ بِأَنَّ الْجَوَابَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَوْ لَمْ يَخَفْ اللَّهَ عَصَمَهُ اللَّهُ وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ لَمْ يَعْصِهِ وَهَذِهِ الْأَجْوِبَةُ تَأْتِي فِي الْآيَةِ غَيْرَ الثَّالِثِ فَإِنَّ عَدَمَ نَفَادِ كَلِمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهَا غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ أَمْرٌ ثَابِتٌ لَهَا لِذَاتِهَا وَمَا بِالذَّاتِ لَا يُعَلَّلُ بِالْأَسْبَابِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ هَذَا كَلَامُ الْفُضَلَاءِ الَّذِي اتَّصَلَ بِي وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّ لَوْ أَصْلُهَا أَنْ تُسْتَعْمَلَ لِلرَّبْطِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّهَا أَيْضًا تُسْتَعْمَلُ لِقَطْعِ الرَّبْطِ فَتَكُونُ جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُحَقَّقٍ أَوْ مُتَوَهَّمٍ وَقَعَ فِيهِ رَبْطٌ فَتَقْطَعُهُ أَنْتَ لِاعْتِقَادِك بُطْلَانَ ذَلِكَ الرَّبْطِ كَمَا لَوْ قَالَ الْقَائِلُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ زَوْجًا لَمْ يَرِثْ فَتَقُولُ لَهُ أَنْتَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ زَوْجًا لَمْ يَحْرُمْ تُرِيدُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الرَّبْطِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

وَأَنْ لَا يَكُونَ نَفْيُهَا ثُبُوتًا وَلَا ثُبُوتُهَا نَفْيًا فَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ وَقَالَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ الْخُسْرَوْ شَاهْ أَنَّ لَوْ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ لِمُطْلَقِ الرَّبْطِ وَإِنَّمَا اشْتَهَرَتْ فِي الْعُرْفِ فِي انْقِلَابِ ثُبُوتِهَا نَفْيًا وَبِالْعَكْسِ وَالْحَدِيثُ إنَّمَا وَرَدَ بِمَعْنَى اللَّفْظِ فِي اللُّغَةِ وَقَالَ: الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الشَّيْءُ الْوَاحِدُ قَدْ يَكُونُ لَهُ سَبَبٌ وَاحِدٌ فَيَنْتَفِي عِنْدَ انْتِفَائِهِ. وَقَدْ يَكُونُ لَهُ سَبَبَانِ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ أَحَدِهِمَا عَدَمُهُ لِأَنَّ السَّبَبَ الثَّانِي يَخْلُفُ السَّبَبَ الْأَوَّلَ كَقَوْلِنَا فِي زَوْجٍ هُوَ ابْنُ عَمٍّ لَوْ لَمْ يَكُنْ زَوْجًا لَوَرِثَ أَيْ بِالتَّعْصِيبِ فَإِنَّهُمَا سَبَبَانِ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ أَحَدِهِمَا عَدَمُ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ هُنَا النَّاسُ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا لَمْ يَعْصُوا لِأَجْلِ الْخَوْفِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ عَنْهُمْ عَصَوْا لِاتِّحَادِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِمْ فَأَخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ صُهَيْبًا اجْتَمَعَ عِنْدَهُ سَبَبَانِ يَمْنَعَانِهِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ الْخَوْفُ وَالْإِجْلَالُ فَلَوْ انْتَفَى الْخَوْفُ فِي حَقِّهِ لَانْتَفَى الْعِصْيَانُ لِلسَّبَبِ الْآخَرِ وَهُوَ الْإِجْلَالُ وَهَذَا مَدْحٌ كَبِيرٌ وَكَلَامٌ حَسَنٌ.

وَأَجَابَ غَيْرُهُمْ بِأَنَّ الْجَوَابَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَوْ لَمْ يَخَفْ اللَّهَ عَصَمَهُ اللَّهُ وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ لَمْ يَعْصِهِ وَهَذِهِ الْأَجْوِبَةُ تَأْتِي فِي الْآيَةِ غَيْرَ الثَّالِثِ فَإِنَّ عَدَمَ نَفَادِ كَلِمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهَا غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ أَمْرٌ ثَابِتٌ لَهَا لِذَاتِهَا وَمَا بِالذَّاتِ لَا يُعَلَّلُ بِالْأَسْبَابِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ هَذَا كَلَامُ الْفُضَلَاءِ الَّذِي اتَّصَلَ بِي وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّ لَوْ أَصْلُهَا إنْ تُسْتَعْمَلُ لِلرَّبْطِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ إنَّهَا أَيْضًا تُسْتَعْمَلُ لِقَطْعِ الرَّبْطِ فَتَكُونُ جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُحَقَّقٍ أَوْ مُتَوَهَّمٍ وَقَعَ فِيهِ رَبْطٌ فَتَقْطَعُهُ أَنْتَ لِاعْتِقَادِك بُطْلَانَ ذَلِكَ الرَّبْطِ كَمَا لَوْ قَالَ: الْقَائِلُ لَوْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ زَوْجًا لَمْ يَرِثْ فَتَقُولُ: أَنْتَ لَوْ لَمْ يَكُنْ زَوْجًا لَمْ يَحْرُمْ تُرِيدُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الرَّبْطِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

وَكَذَا كَلَامُ الْأَمِيرِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ شَرْطٌ عَلَى بَابِهِ لِتَقْيِيدِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ نَفْسِهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ وَمَذْهَبُ النَّاصِرِ قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْمُبَارَكِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ كَذَلِكَ يَأْتِي فِي النَّذْرِ وَالْعِتْقِ لِأَنَّ جَعْلَ إنْ شَاءَ اللَّهُ شَرْطًا عَلَى بَابِهِ لِتَقْيِيدِ التَّعْلِيقِ يَقْتَضِي وُقُوعَ الشَّكِّ فِي الْعِتْقِ وَالنَّذْرِ كَمَا عَلِمْت وَفِي اعْتِبَارِ الشَّكِّ فِيهِمَا كَالطَّلَاقِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَلَا يُلْغَى بَلْ يُقْتَضَى لُزُومُهُمَا أَمَّا الْعِتْقُ فَلِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَلَمْ يُنْظَرْ وَالِاحْتِيَاطُ فِي الْفُرُوجِ كَمَا فِي شَرْحِ الْأَمِيرِ عَلَى مَجْمُوعِهِ وَعِتْقٍ وَأَمَّا النَّذْرُ فَكَذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ لِكَوْنِهِ قُرْبَةً أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ إلْغَائِهِ فِيهَا كَالطَّلَاقِ فَلَا يُحْكَمُ بِوَاحِدٍ فِيهَا لِمُجَرَّدِ احْتِمَالِ خِلَافٍ نَعَمْ جَرَيَانُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِإِلْغَاءِ الشَّكِّ وَإِنْ ظَهَرَ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ لَا يَظْهَرُ فِي الطَّلَاقِ لِأَنَّ الشَّكَّ فِيهِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ كَمَا فِي الْبَيَانِ لِابْنِ رُشْدٍ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

ذُو الشَّكِّ فِي الْحِنْثِ بِلَا مُسْتَنَدٍ ... لَا أَمْرَ لَا جَبْرَ اتِّفَاقًا قَيْدٌ

لَا جَبْرَ بَلْ يُؤْمَرُ مَنْ سَيَسْتَنِدُ ... بِالِاتِّفَاقِ قَالَ مَنْ يَعْتَمِدُ

مِنْ شَكٍّ فِي الْحِنْثِ وَفِي أَنْ حَلَفَا ... لَا جَبْرَ بَلْ فِي أَمْرِ هَذَا اُخْتُلِفَا

ثُمَّ الَّذِي فِي جَبْرِهِ يُخْتَلَفُ ... ذُو الْمَشْيِ وَالْعَدَدِ وَالْحَيْضِ اعْرِفُوا

ذُو الشَّكِّ فِي الزَّوْجَةِ فِعْلُ أَمْسِ ... بِالِاتِّفَاقِ أَجْبَرَهُ دُونَ لُبْسِ

وَصُورَةُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلًا ثُمَّ يَقُولُ لَعَلَّهُ قَدْ فَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يُوجِبُ عَلَيْهِ الشَّكَّ فِي ذَلِكَ، وَصُورَةُ الْوَجْهِ الثَّانِي أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ ثُمَّ يَشُكُّ هَلْ حَنِثَ أَمْ لَا لِسَبَبٍ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الشَّكَّ، وَصُورَةُ الْوَجْهِ الثَّالِثِ أَنْ يَشُكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا وَهَلْ حَلَفَ وَحَنِثَ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ لِسَبَبٍ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الشَّكَّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ.

وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا يُؤْمَرُ بِهِ، وَصُورَةُ الْوَجْهِ الرَّابِعِ أَنْ يُطَلِّقَ فَلَا يَدْرِي إنْ كَانَ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ يَحْلِفَ وَيَحْنَثُ وَلَا يَدْرِي إنْ كَانَ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ بِمَشْيٍ أَوْ يَقُولُ: امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ كَانَتْ فُلَانَةُ حَائِضًا فَتَقُولُ: لَسْت بِحَائِضٍ أَوْ إنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>