الْوِلَايَةِ وَبِقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ.
(الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا هُوَ شُبْهَةٌ تُدْرَأُ بِهَا الْحُدُودُ وَالْكَفَّارَاتُ وَقَاعِدَةِ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ) . قَاعِدَةٌ يَقَعُ بِهَا الْفَرْقُ وَهِيَ أَنَّ الشُّبُهَاتِ ثَلَاثَةٌ: شُبْهَةٌ فِي الْوَطْءِ وَشُبْهَةٌ فِي الْمَوْطُوءَةِ وَشُبْهَةٌ فِي الطَّرِيقِ فَالشُّبْهَةُ الْأُولَى تَعُمُّ الْحُدُودَ وَالْكَفَّارَاتِ وَمِثَالُهَا اعْتِقَادُ أَنَّ هَذِهِ الْأَجْنَبِيَّةَ امْرَأَتُهُ وَمَمْلُوكَتُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَمِثَالُ شُبْهَةِ الْمَوْطُوءَةِ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَكَةُ إذَا وَطِئَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَمَا فِيهَا مِنْ نَصِيبِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحَدِّ، وَمَا فِيهَا مِنْ مِلْكِ غَيْرِهِ يَقْتَضِي الْحَدَّ فَيَحْصُلُ الِاشْتِبَاهُ وَهِيَ عَيْنُ الشُّبْهَةِ كَمَا أَنَّ اعْتِقَادَ الْأُولَى الَّذِي هُوَ جَهْلٌ مُرَكَّبٌ وَغَيْرُ مُطَابِقٍ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحَدِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُعْتَقِدٌ الْإِبَاحَةَ، وَعَدَمُ الْمُطَابَقَةِ فِي اعْتِقَادِهِ يَقْتَضِي الْحَدَّ فَحَصَلَتْ الشُّبْهَةُ مِنْ الشَّبَهَيْنِ، وَمِثَالُ الثَّالِثَةِ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي إبَاحَةِ الْمَوْطُوءَةِ كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ قَوْلَ الْمُحَرِّمِ يَقْتَضِي الْحَدَّ وَقَوْلَ الْمُبِيحِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحَدِّ فَحَصَلَتْ الشُّبْهَةُ مِنْ الشُّبْهَتَيْنِ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ ضَابِطُ الشُّبْهَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي إسْقَاطِ الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ فِي إفْسَادِ صَوْمِ رَمَضَانَ غَيْرَ أَنَّ لَهَا شَرْطًا وَهُوَ اعْتِقَادُ مُقَارَنَةِ السَّبَبِ الْمُبِيحِ.
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابُ الصِّيَامِ إذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ صَوْمَهُ فَتَعَمَّدَ الْفِطْرَ ثَانِيَةً أَوْ امْرَأَةٌ رَأَتْ الطُّهْرَ فِي رَمَضَانَ لَيْلًا فَلَمْ تَغْتَسِلْ حَتَّى أَصْبَحَتْ فَظَنَّتْ أَنَّهُ لَا صَوْمَ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
الْمَاضِي، وَيَغِيبُ عَلَيْهِ تَذَكُّرُهُ، وَإِنْ كَانَ مَعَ قُرْبِ الزَّمَانِ كَمَنْ شَكَّ فِي آخِرِ الْأُسْبُوعِ فِي صَلَاةِ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِهِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ عَلَى مَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ مُوَاظَبَةَ الصَّلَاةِ أَمَّا مَنْ اعْتَادَ تَرْكَهَا أَوْ بَعْضَهَا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ، وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَمِنْهَا ثِيَابُ مُدْمِنِي النَّجَاسَةِ وَطِينِ الشَّارِعِ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اخْتِلَاطُهُ بِالنَّجَاسَةِ، وَالْمَقَابِرُ الَّتِي يَغْلِبُ نَبْشُهَا فَالْأَصَحُّ الطَّهَارَةُ، وَلِطِينِ الشَّارِعِ أُصُولٌ يُبْنَى عَلَيْهَا
(أَحَدُهُمَا) مَا ذُكِرَ مِنْ تَعَرُّضِ الْأَصْلِ، وَالظَّاهِرُ، وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
(ثَانِيهُمَا) طَهَارَةُ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ وَالرِّيحِ وَالشَّمْسِ عَلَى الْقَدِيمِ
(ثَالِثُهَا) طَهَارَةُ النَّجَاسَةِ بِالِاسْتِحَالَةِ إذَا اُسْتُهْلِكَتْ فِيهَا عَيْنُ النَّجَاسَةِ، وَصَارَتْ طِينًا، وَأَمَّا الَّذِي يُظَنُّ نَجَاسَةً، وَلَا نَتَيَقَّنُ طَهَارَتُهُ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَخَالَفَهُمَا النَّوَوِيُّ فَقَالَ الْمُخْتَارُ الْجَزْمُ بِطَهَارَتِهِ وَمِنْهَا مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي وَلَدِ الْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ فَقَالَ الْبَائِعُ وَضَعْته قَبْلَ الْعَقْدِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ بَعْدَهُ قَالَ الْإِمَامُ فِي آخِرِ النِّهَايَةِ كَتَبَ الْحَلِيمِيُّ إلَى الشَّيْخِ أَبُو زَيْدٍ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّ قَوْلَ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ، وَحَكَى الدَّارِمِيُّ فِيهَا وَجْهَيْنِ اهـ مَا نَقَلَهُ الْعَطَّارُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى مَحَلِّيٍّ جَمْعِ الْجَوَامِعِ عَنْ قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
٢ -
(الْوَصْلُ الْأَوَّلُ) فِي عِشْرِينَ مِثَالًا مِنْ أَمْثِلَةِ مَا أُلْغِيَ فِيهِ الْغَالِبُ، وَقُدِّمَ عَلَيْهِ النَّادِرُ (الْمِثَالُ الْأَوَّلُ) غَالِبُ الْوَلَدِ أَنْ يُوضَعُ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا جَاءَ بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا دَارَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ زِنًا، وَهُوَ الْغَالِبُ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَأَخَّرَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَهُوَ نَادِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى وُقُوعِ الزِّنَا فِي الْوُجُودِ فَأَلْغَى الشَّارِعُ الْغَالِبَ، وَأَثْبَتَ حُكْمَ النَّادِرِ، وَهُوَ تَأَخُّرُ الْحَمْلِ رَحْمَةً بِالْعِبَادِ لِحُصُولِ السِّتْرِ عَلَيْهِمْ، وَصَوْنِ أَعْرَاضِهِمْ عَنْ الْهَتْكِ
(الْمِثَالُ الثَّانِي) إذَا تَزَوَّجَتْ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ جَازَ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءٍ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَهُوَ الْغَالِبُ أَوْ مِنْ وَطْءٍ بَعْدَهُ، وَهُوَ النَّادِرُ فَإِنَّ غَالِبَ الْأَجِنَّةُ لَا تُوضَعُ إلَّا لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَإِنَّمَا يُوضَعُ فِي السَّنَةِ سِقْطًا فِي الْغَالِبِ فَأَلْغَى الشَّارِعُ عَلَى حُكْمِ الْغَالِبِ، وَأَثْبَتَ حُكْمَ النَّادِرِ، وَجَعَلَهُ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ الْعَقْدِ لُطْفًا بِالْعِبَادِ لِحُصُولِ السِّتْرِ عَلَيْهِمْ وَصَوْنِ أَعْرَاضِهِمْ
(الْمِثَالُ الثَّالِثُ) نَدَبَ الشَّرْعُ لِلنِّكَاحِ لِحُصُولِ الذُّرِّيَّةِ مَعَ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْأَوْلَادِ الْجَهْلُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَالْإِقْدَامُ عَلَى الْمَعَاصِي، وَعَلَى رَأْيِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ اللَّهَ تَعَالَى بِالْبُرْهَانِ فَهُوَ كَافِرٌ لَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا إلَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ فِي الشَّامِلِ وَالْإسْفَرايِينِيّ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَنْهَى عَنْ الذُّرِّيَّةِ لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ عَلَيْهِمْ فَأَلْغَى الشَّرْعُ حُكْمَ الْغَالِبِ، وَاعْتَبَرَ حُكْمَ النَّادِرِ تَرْجِيحًا لِقَلِيلِ الْإِيمَانِ عَلَى كَثِيرِ الْكُفْرِ، وَالْمَعَاصِي تَعْظِيمًا لِحَسَنَاتِ الْخَلْقِ عَلَى سَيِّئَاتِهِمْ رَحْمَةً بِهِمْ
(الْمِثَالُ الرَّابِعُ) طِينُ الْمَطَرِ الْوَاقِعُ فِي الطَّرَقَاتِ، وَمَمَرِّ الدَّوَابِّ وَالْمَشْيِ بِالْأَمْدِسَةِ الَّتِي يُجْلَسُ بِهَا فِي الْمَرَاحِيضِ الْغَالِبُ عَلَيْهَا وُجُودُ النَّجَاسَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كُنَّا لَا نُشَاهِدُ عَيْنَهَا، وَالنَّادِرُ سَلَامَتُهَا مِنْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ أَلْغَى الشَّرْعُ حُكْمَ الْغَالِبِ، وَأَثْبَتَ حُكْمَ النَّادِرِ تَوْسِعَةً وَرَحْمَةً بِالْعِبَادِ فَيُصَلِّي بِهِ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ
(الْمِثَالُ الْخَامِسُ) النِّعَالُ الْغَالِبُ عَلَيْهَا مُصَادَفَةُ النَّجَاسَاتِ لَا سِيَّمَا نَعْلٌ مَشَى بِهَا سَنَةً، وَجَلَسَ بِهَا فِي مَوْضِعِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ سَنَةً وَنَحْوَهَا فَالْغَالِبُ عَلَيْهَا النَّجَاسَةُ وَالنَّادِرُ سَلَامَتُهَا مِنْ النَّجَاسَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ أَلْغَى الشَّرْعُ حُكْمَ الْغَالِبِ، وَأَثْبَتَ حُكْمَ النَّادِرِ فَجَاءَتْ السُّنَّةُ بِالصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ قَلْعَ النِّعَالِ فِي الصَّلَاةِ بِدْعَةٌ ذَلِكَ رَحْمَةٌ وَتَوْسِعَةٌ عَلَى الْعِبَادِ
(الْمِثَالُ السَّادِسُ) الْغَالِبُ عَلَى ثِيَابِ الصِّبْيَانِ النَّجَاسَةُ لَا سِيَّمَا مَعَ طُولِ لُبْسِهِمْ لَهَا، وَالنَّادِرُ سَلَامَتُهَا، وَقَدْ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِصَلَاتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأُمَامَةَ