للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٤٧] ، فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا [التغابن/ ٦] ، وعلى هذا قال: إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [الكهف/ ١١٠] ، تنبيها أنّ الناس يتساوون في البشرية، وإنما يتفاضلون بما يختصون به من المعارف الجليلة والأعمال الجميلة، ولذلك قال بعده: يُوحى إِلَيَّ [الكهف/ ١١٠] ، تنبيها أني بذلك تميّزت عنكم. وقال تعالى:

لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ [مريم/ ٢٠] فخصّ لفظ البشر، وقوله: فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا

[مريم/ ١٧] فعبارة عن الملائكة، ونبّه أنه تشبّح لها وتراءى لها بصورة بشر، وقوله تعالى: ما هذا بَشَراً [يوسف/ ٣١] فإعظام له وإجلال وأنه أشرف وأكرم من أن يكون جوهره جوهر البشر.

وبَشَرْتُ الأديم: أصبت بشرته، نحو: أنفته ورجلته، ومنه: بَشَرَ الجراد الأرض إذا أكلته، والمباشرة: الإفضاء بالبشرتين، وكنّي بها عن الجماع في قوله: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ [البقرة/ ١٨٧] ، وقال تعالى:

فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ [البقرة/ ١٨٧] .

وفلان مُؤْدَم مُبْشَر «١» ، أصله من قولهم: أَبْشَرَهُ الله وآدمه، أي: جعل له بشرة وأدمة محمودة، ثم عبّر بذلك عن الكامل الذي يجمع بين الفضيلتين الظاهرة والباطنة.

وقيل معناه: جمع لين الأدمة وخشونة البشرة، وأَبْشَرْتُ الرجل وبَشَّرْتُهُ وبَشَرْتُهُ: أخبرته بسارّ بسط بشرة وجهه، وذلك أنّ النفس إذا سرّت انتشر الدم فيها انتشار الماء في الشجر، وبين هذه الألفاظ فروق، فإنّ بشرته عامّ، وأبشرته نحو: أحمدته، وبشّرته على التكثير، وأبشر يكون لازما ومتعديا، يقال: بَشَرْتُهُ فَأَبْشَرَ، أي:

اسْتَبْشَرَ، وأَبْشَرْتُهُ، وقرئ: يُبَشِّرُكَ [آل عمران/ ٣٩] ويبشرك «٢» ويبشرك «٣» ، قال الله عزّ وجلّ: لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ قالَ: أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا: بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ [الحجر/ ٥٣- ٥٤] .

واستبشر: إذا وجد ما يبشّره من الفرح، قال تعالى: وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ [آل عمران/ ١٧٠] ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ [آل عمران/ ١٧١] ، وقال تعالى: وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ [الحجر/ ٦٧] . ويقال للخبر السارّ: البِشارة والبُشْرَى، قال تعالى: هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ

[يونس/ ٦٤] ، وقال


(١) قال ابن منظور: وفي الصحاح: فلان مؤدم مبشر: إذا كان كاملا من الرجال.
(٢) وهي قراءة حمزة والكسائي بفتح الياء وإسكان الباء وضم الشين. [.....]
(٣) وهي قراءة شاذة، وانظر الحجة للقراء السبعة ٣/ ٤٢.

<<  <   >  >>