للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٥٥-

فأعنهم وابشر بما بشروا به ... وإذا هم نزلوا بضنك فانزل

«١» وتَبَاشِير الوجه وبِشْرُهُ: ما يبدو من سروره، وتباشير الصبح: ما يبدو من أوائله.

وتباشير النخيل: ما يبدو من رطبه، ويسمّى ما يعطى المبشّر: بُشْرَى وبشَارَة.

[بصر]

البَصَر يقال للجارحة الناظرة، نحو قوله تعالى: كَلَمْحِ الْبَصَرِ [النحل/ ٧٧] ، ووَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ [الأحزاب/ ١٠] ، وللقوّة التي فيها، ويقال لقوة القلب المدركة:

بَصِيرَة وبَصَر، نحو قوله تعالى: فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ق/ ٢٢] ، وقال:

ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى [النجم/ ١٧] ، وجمع البصر أَبْصَار، وجمع البصيرة بَصَائِر، قال تعالى: فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ [الأحقاف/ ٢٦] ، ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة، ويقال من الأوّل: أبصرت، ومن الثاني: أبصرته وبصرت به «٢» ، وقلّما يقال بصرت في الحاسة إذا لم تضامّه رؤية القلب، وقال تعالى في الأبصار: لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ

[مريم/ ٤٢] ، وقال: رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا [السجدة/ ١٢] ، وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ [يونس/ ٤٣] ، وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ [الصافات/ ١٧٩] ، بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ [طه/ ٩٦] ومنه: أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف/ ١٠٨] أي: على معرفة وتحقق. وقوله:

بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ

[القيامة/ ١٤] أي: تبصره فتشهد له، وعليه من جوارحه بصيرة تبصره فتشهد له وعليه يوم القيامة، كما قال تعالى: تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ [النور/ ٢٤] . والضرير يقال له: بصير على سبيل العكس، والأولى أنّ ذلك يقال لما له من قوة بصيرة القلب لا لما قالوه، ولهذا لا يقال له:

مبصر وباصر، وقوله عزّ وجل: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ [الأنعام/ ١٠٣] حمله كثير من المفسرين على الجارحة، وقيل:

ذلك إشارة إلى ذلك وإلى الأوهام والأفهام، كما قال أمير المؤمنين رضي الله عنه: (التوحيد أن لا تتوهمه) «٣» وقال: (كلّ ما أدركته فهو غيره) .

والبَاصِرَة عبارة عن الجارحة الناظرة، يقال:

رأيته لمحا باصرا «٤» ، أي: نظرا بتحديق، قال عزّ وجل: فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً

[النمل/ ١٣] ، وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً [الإسراء/ ١٢]


(١) البيت لعبد قيس بن خفاف وهو شاعر جاهلي كان يعاصر حاتم طيئ.
والبيت في المفضليات ص ٣٨٤، والأصمعيات ص ٢٣٠، واللسان (بشر) ، وتهذيب إصلاح المنطق ١/ ٨٩، ومعاني الفراء ١/ ٢١٢.
(٢) انظر: الأفعال ٤/ ٦٩.
(٣) انظر تفسير الرازي ١/ ٢٨١.
(٤) في المثل: لأرينّك لمحا باصرا، يضرب في التوعد. المستقصى ٢/ ٢٣٧.

<<  <   >  >>