للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى جهة لا يمكنه فيها الرمي فيتشاءم به، وجمعه بَوَارِح، وخصّ السّانح بالمقبل من جهة يمكن رميه، ويتيمّن به، والبَارِحَة: الليلة الماضية، وما بَرِحَ: ثبت في البراح، ومنه قوله عزّ وجلّ: لا أَبْرَحُ [الكهف/ ٦٠] ، وخصّ بالإثبات، كقولهم: لا أزال، لأنّ برح وزال اقتضيا معنى النفي، و «لا» للنفي، والنفيان يحصل من اجتماعهما إثبات، وعلى ذلك قوله عزّ وجل:

لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ [طه/ ٩١] ، وقال تعالى: لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ [الكهف/ ٦٠] ، ولمّا تصوّر من البارح معنى التشاؤم اشتق منه التَّبْرِيح والتَّبَارِيح فقيل: برّح بي الأمر، وبرّح بي فلان في التقاضي، وضربه ضربا مُبَرِّحاً، وجاء فلان بالبرح، و:

٤٧-

أَبْرَحْتَ ربّا وأبرحت جارا

«١» أي: أكرمت، وقيل للرامي إذا أخطأ: برحى «٢» دعاء عليه، وإذا أصاب: مرحى، دعاء له، ولقيت منه البرَحِينَ «٣» والبُرَحَاء، أي:

الشدائد، وبُرَحَاء الحمّى: شدتها.

[برد]

أصل البرد خلاف الحر، فتارة يعتبر ذاته فيقال: بَرَدَ كذا، أي: اكتسب بردا، وبرد الماء كذا، أي: أكسبه بردا، نحو:

٤٨-

ستبرد أكبادا وتبكي بواكيا

«٤» ويقال: بَرَّدَهُ أيضا، وقيل: قد جاء أَبْرَدَ، وليس بصحيح «٥» ، ومنه البَرَّادَة لما يبرّد الماء، ويقال: بَرَدَ كذا، إذا ثبت «٦» ثبوت البرد، واختصاص للثبوت بالبرد كاختصاص الحرارة بالحرّ، فيقال: بَرَدَ كذا، أي: ثبت، كما يقال:

بَرَدَ عليه دين. قال الشاعر:

٤٩-

اليوم يوم بارد سمومه

«٧» وقال الآخر:


(١) هذا عجز بيت للأعشى وصدره:
تقول ابنتي حين جدّ الرحيل
وهو في ديوانه ص ٨٢، والأفعال ٤/ ٨٢، وجمهرة اللغة ١/ ٢١٨، والمجمل ١/ ١٢٣، وديوان الأدب ٢/ ٢٨٨.
(٢) انظر: المجمل ١/ ١٢٣.
(٣) البرحين: مثلّثة الباء، أي: الدواهي والشدائد، وانظر المستقصى ٢/ ١٨٤.
(٤) هذا عجز بيت لمالك بن الريب، وصدره:
وعطّل قلوصي في الركاب فإنها
وهو في المجمل ١/ ١٢٤، واللسان (برد) ، وأساس البلاغة ص ١٩، وشمس العلوم ١/ ١٥٢.
(٥) قال ابن منظور: ولا يقال أبردته إلا في لغة رديئة.
(٦) انظر: الأفعال ٤/ ٧٩.
(٧) هذا شطر بيت وعجزه:
من جزع اليوم فلا تلومه
ولم ينسب، وهو في اللسان (برد) ، والمجمل ١/ ١٠٤، والأفعال ٤/ ٧٩، والجمهرة ١/ ٢٤٠، وتهذيب اللغة ١٣/ ١٠٥. [.....]

<<  <   >  >>