للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يفرق به بين الحق والباطل «١» ، فكان الفرقان هاهنا كالسّكينة والرّوح في غيره، وقوله: وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ [الأنفال/ ٤١] ، قيل:

أريد به يوم بدر «٢» ، فإنّه أوّل يوم فُرِقَ فيه بين الحقّ والباطل، والفُرْقَانُ: كلام الله تعالى، لفرقه بين الحقّ والباطل في الاعتقاد، والصّدق والكذب في المقال، والصالح والطّالح في الأعمال، وذلك في القرآن والتوراة والإنجيل، قال: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ [البقرة/ ٥٣] ، وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ [الأنبياء/ ٤٨] ، تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ [الفرقان/ ١] ، شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ [البقرة/ ١٨٥] .

والفَرَقُ: تَفَرُّقُ القلب من الخوف، واستعمال الفرق فيه كاستعمال الصّدع والشّقّ فيه. قال تعالى: وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ

[التوبة/ ٥٦] ، ويقال: رجل فَرُوقٌ وفَرُوقَةٌ، وامرأة كذلك، ومنه قيل للناقة التي تذهب في الأرض نادّة من وجع المخاض: فَارِقٌ وفَارِقَةٌ «٣» ، وبها شبّه السّحابة المنفردة فقيل: فَارِقٌ، والْأَفْرَقُ من الدّيك: ما عُرْفُهُ مَفْرُوقٌ، ومن الخيل: ما أحد وركيه أرفع من الآخر، والفَرِيقَةُ: تمر يطبخ بحلبة، والفَرُوقَةُ: شحم الكليتين.

[فره]

الفَرِهُ: الأَشِرُ، وناقة مُفْرِهٌ ومُفْرِهَةٌ: تنتج الفُرَّهَ «٤» ، وقوله: وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ

[الشعراء/ ١٤٩] ، أي: حاذقين، وجمعه فُرَّهٌ، ويقال ذلك في الإنسان وفي غيره، وقرئ: فَرِهِينَ «٥» في معناه. وقيل:

معناهما أشرين.

[فرى]

الفَرْيُ: قطع الجلد للخرز والإصلاح، والْإِفْرَاءُ للإفساد، والِافْتِرَاءُ فيهما، وفي الإفساد أكثر، وكذلك استعمل في القرآن في الكذب والشّرك والظّلم. نحو: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً

[النساء/ ٤٨] ، انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ

[النساء/ ٥٠] .

وفي الكذب نحو: افْتِراءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا

[الأنعام/ ١٤٠] ، وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ [المائدة/ ١٠٣] ، أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ [السجدة/ ٣] ، وَما ظَنُّ الَّذِينَ


(١) وهو قول ابن جريح وابن زيد. انظر: روح المعاني ٩/ ١٩٦.
(٢) وهو قول ابن عباس وابن مسعود. انظر: الدر المنثور ٤/ ٧١.
(٣) انظر: المجمل ٣/ ٧١٨.
(٤) انظر: المجمل ٣/ ٧١٩، واللسان (فره) .
(٥) وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وأبي جعفر ويعقوب. انظر: الإتحاف ص ٣٣٣.

<<  <   >  >>