للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الدّلالة على صانعه، ولهذا أحالنا تعالى عليه في معرفة وحدانيّته، فقال: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الأعراف/ ١٨٥] ، وأمّا جمعه فلأنّ من كلّ نوع من هذه قد يسمّى عالما، فيقال: عالم الإنسان، وعالم الماء، وعالم النّار، وأيضا قد روي: (إنّ لله بضعة عشر ألف عالم) «١» ، وأمّا جمعه جمع السّلامة فلكون النّاس في جملتهم، والإنسان إذا شارك غيره في اللّفظ غلب حكمه، وقيل: إنما جمع هذا الجمع لأنه عني به أصناف الخلائق من الملائكة والجنّ والإنس دون غيرها. وقد روي هذا عن ابن عبّاس «٢» . وقال جعفر بن محمد: عني به النّاس وجعل كلّ واحد منهم عالما «٣» ، وقال «٤» : العَالَمُ عالمان الكبير وهو الفلك بما فيه، والصّغير وهو الإنسان لأنه مخلوق على هيئة العالم، وقد أوجد الله تعالى فيه كلّ ما هو موجود في العالم الكبير، قال تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ

[الفاتحة/ ١] ، وقوله تعالى:

وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ [البقرة/ ٤٧] ، قيل: أراد عالمي زمانهم. وقيل: أراد فضلاء زمانهم الذين يجري كلّ واحد منهم مجرى كلّ عالم لما أعطاهم ومكّنهم منه، وتسميتهم بذلك كتسمية إبراهيم عليه السلام بأمّة في قوله: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً [النحل/ ١٢٠] ، وقوله: أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ [الحجر/ ٧٠] .

[علن]

العَلَانِيَةُ: ضدّ السّرّ، وأكثر ما يقال ذلك في المعاني دون الأعيان، يقال: عَلَنَ كذا، وأَعْلَنْتُهُ أنا. قال تعالى: أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً

[نوح/ ٩] ، أي: سرّا وعلانية. وقال:

ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ

[القصص/ ٦٩] . وعِلْوَانُ الكتابِ يصحّ أن يكون من: عَلَنَ اعتبارا بظهور المعنى الذي فيه لا بظهور ذاته.

[علا]

العُلْوُ: ضدّ السُّفْل، والعُلْوِيُّ والسُّفْليُّ المنسوب إليهما، والعُلُوُّ: الارتفاعُ، وقد عَلَا يَعْلُو عُلُوّاً وهو عَالٍ «٥» ، وعَلِيَ يَعْلَى عَلَاءً فهو عَلِيٌّ «٦» ، فَعَلَا


(١) أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله تعالى: رَبِّ الْعالَمِينَ قال: الإنس عالم، والجن عالم، وما سوى ذلك ثمانية عشر ألف عالم من الملائكة.
وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن وهب قال: إنّ لله عزّ وجل ثمانية عشر ألف عالم. الدنيا منها عالم واحد. انظر: الدر المنثور ١/ ٣٤.
(٢) انظر: البصائر ٤/ ٩٥، والدر المنثور ١/ ٣٤.
(٣) انظر: البصائر ٤/ ٩٥.
(٤) انظر تفصيل النشأتين ص ٧٨.
(٥) راجع: الأفعال للسرقسطي ١/ ٢٠٤.
(٦) راجع: الأفعال للسرقسطي ١/ ٢٥٢.

<<  <   >  >>