للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سمعي: جعلته راعيا لكلامه، وقيل: أَرْعِنِي سمعَك، ويقال: أَرْعِ على كذا، فيعدّى بعلى أي: أبق عليه، وحقيقته: أَرْعِهِ مطّلعا عليه.

[رعن]

قال تعالى: لا تَقُولُوا راعِنا

[البقرة/ ١٠٤] ، وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ

[النساء/ ٤٦] ، كان ذلك قولا يقولونه للنبي صلّى الله عليه وسلم، على سبيل التّهكّم، يقصدون به رميه بِالرُّعُونَة «١» ، ويوهمون أنهم يقولون راعنا، أي:

احفظنا، من قولهم: رَعُنَ الرّجل يَرْعُنُ رَعَناً، فهو رَعِنٌ وأَرْعَنُ، وامرأة رَعْنَاءُ، وتسميته بذلك لميل فيه تشبيها بالرّعن، أي: أنف الجبل لما فيه من الميل، قال الشاعر:

١٩٢-

لولا ابن عتبة عمرو والرّجاء له ... ما كانت البصرة الرَّعْنَاءُ لي وطنا

«٢» فوصفها بذلك، إمّا لما فيها من الخفض بالإضافة إلى البدو تشبيها بالمرأة الرّعناء، وإمّا لما فيها من تكسّر، وتغيّر في هوائها.

[رغب]

أصل الرَّغْبَةِ: السّعة في الشيء، يقال: رَغُبَ الشيء: اتّسع «٣» ، وحوض رَغِيبٌ، وفلان رَغِيبُ الجوف، وفرس رَغِيبُ العدو. والرَّغْبَةُ والرَّغَبُ والرَّغْبَى: السّعة في الإرادة قال تعالى:

وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً

[الأنبياء/ ٩٠] ، فإذا قيل: رَغِبَ فيه وإليه يقتضي الحرص عليه، قال تعالى: إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ

[التوبة/ ٥٩] ، وإذا قيل: رَغِبَ عنه اقتضى صرف الرّغبة عنه والزّهد فيه، نحو قوله تعالى: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ

[البقرة/ ١٣٠] ، أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي

[مريم/ ٤٦] ، والرَّغِيبَةُ: العطاء الكثير، إمّا لكونه مَرْغُوباً فيه، فتكون مشتقّة من الرّغبة، وإمّا لسعته، فتكون مشتقّة من الرّغبة بالأصل، قال الشاعر:

١٩٣-

يعطي الرَّغَائِبَ من يشاء ويمنع

«٤»

[رغد]

عيش رَغَدٌ ورَغِيدٌ: طيّب واسع، قال تعالى:

وَكُلا مِنْها رَغَداً

[البقرة/ ٣٥] ، يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ [النحل/ ١١٢] ، وأَرْغَدَ القوم: حصلوا في رغد من العيش، وأَرْغَدَ ماشيتَهُ. فالأوّل من باب جدب


(١) انظر: الدر المنثور ١/ ٢٥٢- ٢٥٣.
(٢) البيت ينسب للفرزدق، ولم أجده في ديوانه.
وهو في المجمل ٢/ ٣٨٣، والجمهرة ٢/ ٣٨٨، ومعجم البلدان ٢/ ٧٩٢، والبصائر ٣/ ٨٨.
(٣) قال في الأفعال: ورغب، اتّسع رأيه وخلقه. الأفعال ٣/ ٤١.
(٤) عجز بيت لعبدة بن الطبيب، وصدره: [أوصيكم بتقى الاله فإنّه] وهو في المفضليات ص ١٤٦، والحماسة البصرية ١/ ٢٨٣.

<<  <   >  >>