للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد قيل في ذلك أقوال، أكثرها ليس بمرتضى عند التحقيق «١» .

وعلى ذلك قوله عزّ وجل: فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ [النحل/ ٢٢] ، لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ [النحل/ ٢٣] ، وقال تعالى: لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ [النحل/ ١٠٩] .

[جرى]

الجَرْي: المرّ السريع، وأصله كمرّ الماء، ولما يجري بجريه. يقال: جَرَى يَجْرِي جِرْيَة وجَرَيَاناً. قال عزّ وجل: وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي [الزخرف/ ٥١] ، وقال تعالى:

جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ [الكهف/ ٣١] ، وقال: وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ [الروم/ ٤٦] ، وقال تعالى: فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ [الغاشية/ ١٢] ، وقال: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ

[الحاقة/ ١١] ، أي: السفينة التي تجري في البحر، وجمعها:

جَوَارٍ، قال عزّ وجلّ: وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ [الرحمن/ ٢٤] ، وقال تعالى: وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ [الشورى/ ٣٢] ، ويقال للحوصلة: جِرِّيَّة «٢» ، إمّا لانتهاء الطعام إليها في جريه، أو لأنها مجرى الطعام.

والإِجْرِيَّا: العادة التي يجري عليها الإنسان، والجَرِيُّ: الوكيل والرسول الجاري في الأمر، وهو أخصّ من لفظ الرسول والوكيل، وقد جَرَيْتُ جَرْياً. وقوله عليه السلام: «لا يستجرينّكم الشّيطان» «٣» يصح أن يدّعى فيه معنى الأصل.

أي: لا يحملنّكم أن تجروا في ائتماره وطاعته، ويصح أن تجعله من الجري، أي: الرسول والوكيل «٤» . ومعناه: لا تتولوا وكالة الشيطان ورسالته، وذلك إشارة إلى نحو قوله عزّ وجل:

فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ [النساء/ ٧٦] ، وقال عزّ وجل: إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ [آل عمران/ ١٧٥] .

[جزع]

قال تعالى: سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا [إبراهيم/ ٢١] ، الجَزَع: أبلغ من الحزن، فإنّ الحزن عام والجزع هو: حزن يصرف الإنسان


(١) انظر: معاني القرآن للفراء ٢/ ٨- ٩.
(٢) انظر: المجمل ١/ ١٨٥.
(٣) الحديث عن مطرّف قال: قال أبي: انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلنا: أنت سيدنا فقال: «السيّد الله عزّ وجل» ، قلنا: وأفضلنا فضلا وأعظمنا طولا، قال: «فقولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينّكم الشيطان» أخرجه أبو داود. انظر: معالم السنن ٤/ ١١٢، وأحمد في المسند ٣/ ٢٤١، والبيهقي في الأسماء والصفات ص ٣٩.
(٤) راجع: معالم السنن للخطابي ٤/ ١١٢.

<<  <   >  >>