للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[طيب]

يقال: طَابَ الشيءُ يَطِيبُ طَيْباً، فهو طَيِّبٌ.

قال تعالى: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ [النساء/ ٣] ، فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ

[النساء/ ٤] ، وأصل الطَّيِّبِ:

ما تستلذّه الحواسّ، وما تستلذّه النّفس، والطّعامُ الطَّيِّبُ في الشّرع: ما كان متناولا من حيث ما يجوز، ومن المكان الّذي يجوز فإنّه متى كان كذلك كان طَيِّباً عاجلا وآجلا لا يستوخم، وإلّا فإنّه- وإن كان طَيِّباً عاجلا- لم يَطِبْ آجلا، وعلى ذلك قوله:

كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ

[البقرة/ ١٧٢] ، فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً [النحل/ ١١٤] ، لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ [المائدة/ ٨٧] ، كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً

[المؤمنون/ ٥١] ، وهذا هو المراد بقوله: وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف/ ٣٢] ، وقوله: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ

[المائدة/ ٥] ، قيل: عنى بها الذّبائح، وقوله:

وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ

[غافر/ ٦٤] ، إشارةٌ إلى الغنيمة. والطَّيِّبُ من الإنسان: من تعرّى من نجاسة الجهل والفسق وقبائح الأعمال، وتحلّى بالعلم والإيمان ومحاسن الأعمال، وإيّاهم قصد بقوله: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ

[النحل/ ٣٢] ، وقال: طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ

[الزمر/ ٧٣] ، وقال تعالى: هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً

[آل عمران/ ٣٨] ، وقال تعالى: لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ

[الأنفال/ ٣٧] ، وقوله: وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ

[النور/ ٢٦] ، تنبيه أنّ الأعمال الطَّيِّبَةَ تكون من الطَّيِّبِينَ، كما روي: «المؤمن أَطْيَبُ من عمله، والكافر أخبث من عمله» «١» . قال تعالى: وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ

[النساء/ ٢] ، أي:

الأعمال السّيّئة بالأعمال الصالحة، وعلى هذا قوله تعالى: مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ

[إبراهيم/ ٢٤] ، وقوله: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ

[فاطر/ ١٠] ، وَمَساكِنَ طَيِّبَةً

[التوبة/ ٧٢] ، أي: طاهرة ذكيّة مستلذّة. وقوله:

بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ

[سبأ/ ١٥] ، وقيل:

أشار إلى الجنّة، وإلى جوار ربّ العزّة، وأما قوله: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ

[الأعراف/ ٥٨] ، إشارة إلى الأرض الزّكيّة، وقوله: صَعِيداً طَيِّباً

[المائدة/ ٦] ، أي: ترابا لا نجاسة به، وسمّي الاستنجاء اسْتِطَابةً لما فيه من التَّطَيُّبِ والتَّطَهُّرِ. وقيل الأَطْيَبَانِ الأكلُ والنّكاحُ «٢» ، وطعامُ مَطْيَبَةٍ للنَّفسِ: إذا طَابَتْ به النّفسُ، ويقال


(١) الحديث تقدّم في مادة (خبث) .
(٢) انظر: البصائر ٣/ ٥٣٢، والمجمل ٢/ ٥٩٠.
وقيل: هما النوم والنكاح، وقيل: التمر واللبن. انظر: جنى الجنتين ص ٢٠.

<<  <   >  >>