للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعدّى طوره، وخرق ستره، وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ

[البقرة/ ٩١] ، اقتضى معنى ما بعده، ويقال: وَرِيَ الزَّنْدُ يَرِي وَرْياً: خرجت ناره، وأصله أن يخرج النّار من وَرَاءِ المقدح، كأنما تصوّر كمونها فيه كما قال:

٤٦٢-

ككمون النار في حجره

«١» يقال: وَرِيَ يَرِي مثل: وَلِيَ يَلِي. قال تعالى:

أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ

[الواقعة/ ٧١] ويقال: فلان وَارِي الزّندِ: إذا كان منجحا، وكابي الزّند: إذا كان مخفقا، واللّحمُ الوَارِي:

السّمينُ. والوَرَاءُ: ولدُ الولدِ، وقولهم:

(وَرَاءَكَ) «٢» ، للإغراء ومعناه: تأخّر. يقال: وَرَاءَكَ أوسع لك، نصب بفعل مضمر. أي: ائت.

وقيل تقديره: يكن أوسع لك. أي: تنحّ، وائت مكانا أوسع لك. والتَّوْرَاةُ: الكتابُ الذي ورثوه عن موسى، وقد قيل: هو فَوْعَلَةٌ، ولم يجعل تَفْعَلَة لقلة وجود ذلك، والتاء بدل من الواو نحو:

تَيْقُورٍ، لأنّ أصله وَيْقُورٌ، التاء بدل عن الواو من الوقار، وقد تقدّم «٣» .

[وزر]

الوَزَرُ: الملجأ الذي يلتجأ إليه من الجبل.

قال تعالى: كَلَّا لا وَزَرَ إِلى رَبِّكَ

[القيامة/ ١١] والوِزْرُ: الثّقلُ تشبيها بِوَزْرِ الجبلِ، ويعبّر بذلك عن الإثم كما يعبّر عنه بالثقل. قال تعالى:

لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً (يَوْمَ الْقِيامَةِ) وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ

[النحل/ ٢٥] ، كقوله: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ [العنكبوت/ ١٣] وحمل وِزْر الغيرِ في الحقيقة هو على نحو ما أشار إليه صلّى الله عليه وسلم بقوله: «من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجره شيء، ومن سنّ سنّة سيّئة كان له وِزْرُهَا ووِزْرُ من عمل بها» «٤» أي: مثل وِزْرِ مَن عمل بها. وقوله تعالى: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى

[الأنعام/ ١٦٤] أي: لا يحمل وِزْرَهُ من حيث يتعرّى المحمول عنه، وقوله: وَوَضَعْنا عَنْكَ


(١) العجز لأبي نواس، وصدره:
كمن الشّنان فيه لنا
وهو من قصيدة مطلعها:
أيها المنتاب عن عفره ... لست من ليلي ولا سمره
لا أذود الطير عن شجر ... قد بلوت المرّ من ثمره
وهو في ديوانه ص ٤٢٧، وما يجوز للشاعر في الضرورة ص ٢٤، والموشح ص ٢٧٣.
(٢) قال سيبويه: تنحّ ووراءك: إذا قلت: افطن لما خلفك.
انظر: الكتاب ١/ ٢٤٩، وأصول النحو ١/ ١٤١، والمسائل الحلبيات ص ١٠٦.
(٣) تقدّم في مادة (توراة) في كتاب التاء. [.....]
(٤) الحديث تقدّم في مادة (شفع) .

<<  <   >  >>