للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المرأة لتخلّفها عن المرتحلين، وجمعها خَوَالِف، قال: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ [التوبة/ ٨٧] ، ووجدت الحيّ خَلُوفاً، أي:

تخلّفت نساؤهم عن رجالهم، والخلف: حدّ الفأس الذي يكون إلى جهة الخلف، وما تخلّف من الأضلاع إلى ما يلي البطن، والخِلَافُ:

شجر كأنّه سمّي بذلك لأنّه فيما يظنّ به، أو لأنّه يخلف مخبره منظره، ويقال للجمل بعد بزوله:

مخلف عام، ومخلف عامين. وقال عمر رضي الله عنه: (لولا الخِلِّيفَى لأذّنت) «١» أي:

الخلافة، وهو مصدر خلف.

[خلق]

الخَلْقُ أصله: التقدير المستقيم، ويستعمل في إبداع الشّيء من غير أصل ولا احتذاء، قال: خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ

[الأنعام/ ١] ، أي: أبدعهما، بدلالة قوله: بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [البقرة/ ١١٧] ، ويستعمل في إيجاد الشيء من الشيء نحو:

خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ [النساء/ ١] ، خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ [النحل/ ٤] ، خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ [المؤمنون/ ١٢] ، وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ [الأعراف/ ١١] ، خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ [الرحمن/ ١٥] ، وليس الخَلْقُ الذي هو الإبداع إلّا لله تعالى، ولهذا قال في الفصل بينه تعالى وبين غيره: أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ

[النحل/ ١٧] ، وأمّا الذي يكون بالاستحالة، فقد جعله الله تعالى لغيره في بعض الأحوال، كعيسى حيث قال:

وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي [المائدة/ ١١٠] ، والخلق لا يستعمل في كافّة النّاس إلا على وجهين: أحدهما في معنى التّقدير كقول الشاعر:

١٤٩-

فلأنت تفري ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثمّ لا يفري «٢»

والثاني: في الكذب نحو قوله: وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً

[العنكبوت/ ١٧] ، إن قيل: قوله تعالى:

فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ

[المؤمنون/ ١٤] ، يدلّ على أنّه يصحّ أن يوصف غيره بالخلق؟ قيل: إنّ ذلك معناه: أحسن المقدّرين، أو يكون على تقدير ما كانوا يعتقدون ويزعمون


(١) قال ابن الأثير في النهاية: وفي حديث عمر: (لو أطقت الأذان مع الخلّيفى لأذّنت) .
الخلّيفى بالكسر والتشديد: الخلافة، وهو وأمثاله مصدر يدل على معنى الكثرة، يريد به كثرة اجتهاده في ضبط أمور الخلافة، وتصريف أعنّتها. النهاية ٢/ ٦٩، ورواه أبو الشيخ في الأذان والبيهقي، راجع: المقاصد الحسنة ص ٣٤٨.
(٢) البيت لزهير من قصيدة مطلعها:
لمن الديار بقنّة الحجر ... أقوين من حجج ومن شهر
وهو في ديوانه ص ٢٩، وديوان الأدب ٢/ ١٢٣.

<<  <   >  >>