للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أجل أنه أريد به التّجربة والاختبار، أي:

فجعلها بحيث تمارس الجوع والخوف، وقيل:

إنّ ذلك على تقدير كلامين، كأنه قيل: أذاقها طعم الجوع والخوف، وألبسها لباسهما. وقوله:

وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً

[الشورى/ ٤٨] ، فإنه استعمل في الرّحمة الإذاقة، وفي مقابلتها الإصابة، فقال: وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ [الشورى/ ٤٨] ، تنبيها على أنّ الإنسان بأدنى ما يعطى من النّعمة يأشر ويبطر، إشارة إلى قوله:

كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى [العلق/ ٦- ٧] .

[ذو]

ذو على وجهين: أحدهما: يتوصّل به إلى الوصف بأسماء الأجناس والأنواع، ويضاف إلى الظاهر دون المضمر، ويثنّى ويجمع، ويقال في المؤنّث: ذات، وفي التثنية: ذواتا، وفي الجمع: ذوات، ولا يستعمل شيء منها إلّا مضافا، قال: وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ [البقرة/ ٢٥١] ، وقال: ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى [النجم/ ٦] ، وَذِي الْقُرْبى [البقرة/ ٨٣] ، وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ [هود/ ٣] ، ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى [البقرة/ ١٧٧] ، إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ

[الأنفال/ ٤٣] ، وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ [الكهف/ ١٨] ، وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ [الأنفال/ ٧] ، وقال: ذَواتا أَفْنانٍ [الرحمن/ ٤٨] ، وقد استعار أصحاب المعاني الذّات، فجعلوها عبارة عن عين الشيء، جوهرا كان أو عرضا، واستعملوها مفردة ومضافة إلى المضمر بالألف واللام، وأجروها مجرى النّفس والخاصّة، فقالوا: ذاته، ونفسه وخاصّته، وليس ذلك من كلام العرب «١» . والثاني في لفظ ذو:

لغة لطيّئ، يستعملونه استعمال الذي، ويجعل في الرفع، والنصب والجرّ، والجمع، والتأنيث على لفظ واحد «٢» ، نحو:

١٧١-

وبئري ذو حفرت وذو طويت

«٣»


(١) انظر ما كتبناه في ذلك في تحقيقنا كتاب (وضح البرهان في مشكلات القرآن) للنيسابوري عند قوله تعالى: حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ سورة يس: آية ٣٩. [.....]
(٢) وفي ذلك قال ابن مالك في ألفيته:
ومن وما وأل تساوي ما ذكر ... وهكذا (ذو) عند طيئ شهر
(٣) هذا عجز بيت، وشطره:
فإنّ الماء ماء أبي وجدّي
وهو لسنان بن فحل الطائي.
والبيت في الفرائد الجديدة للسيوطي ١/ ١٨٤، وشفاء العليل في إيضاح التسهيل ١/ ٢٢٧، وشرح المفصل ٣/ ١٤٧، والأمالي الشجرية ٢/ ٣٠٦.

<<  <   >  >>