للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: هو من: أَلِهَ، أي: تحيّر، وتسميته بذلك إشارة إلى ما قال أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه: (كلّ دون صفاته تحبير الصفات، وضلّ هناك تصاريف اللغات) وذلك أنّ العبد إذا تفكّر في صفاته تحيّر فيها، ولهذا روي: «تفكّروا في آلاء الله ولا تفكّروا في الله» «١» .

وقيل: أصله: ولاه، فأبدل من الواو همزة، وتسميته بذلك لكون كل مخلوق والها نحوه، إمّا بالتسخير فقط كالجمادات والحيوانات، وإمّا بالتسخير والإرادة معا كبعض الناس، ومن هذا الوجه قال بعض الحكماء: الله محبوب الأشياء كلها «٢» ، وعليه دلّ قوله تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [الإسراء/ ٤٤] .

وقيل: أصله من: لاه يلوه لياها، أي:

احتجب. قالوا: وذلك إشارة إلى ما قال تعالى:

لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ [الأنعام/ ١٠٣] ، والمشار إليه بالباطن في قوله:

وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ [الحديد/ ٣] . وإِلَهٌ حقّه ألا يجمع، إذ لا معبود سواه، لكن العرب لاعتقادهم أنّ هاهنا معبودات جمعوه، فقالوا: الآلهة. قال تعالى: أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا [الأنبياء/ ٤٣] ، وقال:

وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ [الأعراف/ ١٢٧] وقرئ:

(وإلاهتك) «٣» أي: عبادتك. ولاه أنت، أي:

لله، وحذف إحدى اللامين.

«اللهم» قيل: معناه: يا الله، فأبدل من الياء في أوله الميمان في آخره «٤» ، وخصّ بدعاء الله، وقيل: تقديره: يا الله أمّنا بخير «٥» ، مركّب تركيب حيّهلا.

[إلى]

إلى: حرف يحدّ به النهاية من الجوانب الست، وأَلَوْتُ في الأمر: قصّرت فيه، هو منه، كأنه رأى فيه الانتهاء، وأَلَوْتُ فلانا، أي: أوليته تقصيرا نحو: كسبته، أي: أوليته كسبا، وما ألوته جهدا، أي: ما أوليته تقصيرا بحسب الجهد، فقولك: «جهدا» تمييز، وكذلك: ما ألوته نصحا. وقوله تعالى: لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا

[آل


(١) الحديث رواه أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس بلفظ: «تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله» ورواه ابن أبي شيبة في كتاب العرش ص ٥٩ من قوله عن ابن عباس بلفظ: «تفكروا في كل شيء ولا تتفكروا في الله» .
وجاء أحاديث كثيرة بمعناها قال العجلوني: وأسانيدها ضعيفة لكن اجتماعها يكسبه قوة، ومعناه صحيح.
راجع: كشف الخفاء ١/ ٣١١، والنهاية في غريب الحديث ١/ ٦٣.
(٢) انظر: عمدة الحفاظ: (أله) .
(٣) وبها قرأ عليّ بن أبي طالب وابن عباس والضحاك، وهي قراءة شاذة، راجع: القرطبي ٧/ ٢٦٢.
(٤) وهذا قول الخليل رحمه الله، انظر: اللسان (أله) ، ومعاني الفراء ١/ ٢٠٣، والغريبين للهروي ١/ ٧٩.
(٥) وهذا قول الفراء، ذكره في معاني القرآن ١/ ٢٠٣.

<<  <   >  >>